مقالات وآراء

التعليمُ في لبنان على حافّة الكارثة

هَدا عاصي*

كما في كلِّ عامٍ يُعاني قطاعُ التعليم بشقّيه الرسميّ والخاص وعلى مستوى المدرسة والمعلِّمين وأهالي الطلاّب على حدٍّ سواء، جملةَ تحدّيات ومشاكل أبرزُها الوضعُ الاقتصاديّ العام وتفاقمه عاماً بعد عام.
ومع أنَّ الأعوامَ الدراسيّة تنتهي بسلامِ، إلاّ أنَّها لا تخلو من الاضطرابات، بفعلِ إضرابات المعلِّمين المتكرّرة والطويلة جدّاً في بعض الأحيان، من أجلِ تحسين الرواتب والتقديمات الاجتماعيّة والحياتيّة لضمان عيشٍ كريم لهم ولعائلاتهم، ما يدفعُ المدارسَ الخاصّة وحتّى وزارة التربية إلى إحالة هذه الأعباء على أولياء الطلَبة، عبرَ رفع الأقساط والرسوم، فيضطرُّ بسبب ذلك، عددٌ كبيرٌ من الأهل إلى إيقاف تعليم أولادهم ولا سيّما الأطفال. وهذا ما كشفته منظّمة “اليونيسف” العام الماضي، مؤكّدةً أنّ حوالى 700 ألف طفل هم خارج المدرسة في لبنان.
ويبدو أنَّ هذا العام سيرتفعُ العددُ بين الكبار والصغار، بسببِ تفاقم الأزمة الاقتصاديّة والتضخّم الذي يواصل تحليقه، ملتهماً ما تبقّى من قوّة شرائيّة هزيلة للرواتب في القطاعين العام والخاص. وبدا انعكاسُ هذه الأزمة بوضوح على الأقساط المدرسيّة وأسعار الكتب والقرطاسيّة وبدلات النقل التي ارتفعت بشكلٍ فاحشٍ ومؤلمٍ للأهالي إلى حدِّ الصُراخ.
في الخلاصة… وحتّى لا يتابع النظام التعليميّ في “بلد الإشعاع والنور!” انهياره وارتفاع معدّل الأميّة في لبنان (بحسبِ تقاريرٍ لمنظّمات دوليّة، معدّلات معرفة القراءة والكتابة والحساب لدى أطفال لبنان كانت في الأساس أقلّ من المتوسّط العام في بلدان الشرق الأوسط!). لذا يُمكن تدارك هذه الأخطار وتداعياتها السلبيّة على الوضع الاجتماعيّ العام بعددٍ من الإجراءات العاجلة ومنها تكفُّل الحكومة بزيادة مساعداتها الماليّة للمدارس وتقديم منحٍ مدرسيّة للمحتاجين لها أو أيّ دعم ماليّ آخر، لإتمام تعليمهم واستمرار اعتماد التعلُّم عن بُعد… بعدَ تخفيض بدلات الاشتراك في الإنترنت.
هذا من جانب، ومن جانبٍ آخر، فإنَّ مشكلة التعليم في لبنان لا تقتصرُ على الجانب الماليّ، بل تتعدّاها إلى مستوى التعليم. إذ يُفترضُ متابعة التطوّر العالميّ لأساليب التدريس ومناهجه المواكبة للتطوّر المتسارع للعلوم بكلِّ أنواعها. وفي هذا السياق يُمكنُ للمركز التربويّ للبحوث والإنماء، تنظيمُ دوراتٍ خاصّة للمعلّمين لإطلاعهم وتدريبهم على كلّ ما هو مستجدّ في مجال المناهج التعليميّة وتطوّر أساليب التدريس.
الوصولُ إلى الكارثة ليس قراراً بل انزلاقٌ تدريجيّ. التعليمُ في لبنان على الحافّة لكنّ انزلاقه إليها يتسارع والمطلوب الإسراع بالإنقاذ…

2796 مدرسة و1.050.000 طالب

بحسب إحصائيّة رسميّة يوجدُ في لبنان 2796 مدرسة خاصّة ورسميّة، تضمُّ نحو 1.050.000 طالب أي هناك مدرسة تقريباً لكلّ 376 طالباً. وتنقسمُ المدارس بين القطاعين الرسميّ والخاص على النحو التالي: 1275 مدرسة رسميّة تضمّ ما يُقارب 346 ألف تلميذ ونسبتهم 33 في المئة من مجمل عدد التلامذة، و41458 مدرّساً. في المقابل، يوجد 1190 مدرسة خاصّة تضمُّ 583 ألف طالب و45000 مدرِّس. وهناك 331 مدرسة خاصّة مجانيّة تضمُّ 120 ألف تلميذ و6450 مدرّساً.
من هذه الأرقام يتبيّنُ أنَّ هناك مدرسة رسميّة واحدة لكلّ 310 تلاميذ، بينما هناك مدرسة خاصّة لكلّ 441 تلميذاً.

*رئيسة مركز هَدا عاصي للعلوم والتنمية الاجتماعية

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى