مانشيت

طائرات «الأربعين» إلى الـ 8200 منشأة التجسس والاغتيالات قرب تل أبيب / خطاب انهزامي للكيان بذريعة ضربة وقائية وهمية… ونصرالله: أوفينا بوعدنا / ضمير العرب سليم الحص يغادرنا… والأسد: المقاومة قدوة ومثال في التحرير

كتب المحرر السياسي

لم تحجب الأحداث الكبرى التي تعصف بلبنان والبلاد العربية خبر رحيل الرئيس سليم الحص، ضمير لبنان والعرب، القدوة والمثال في تجسيد رجل الدولة، وفي الترفع والكبر والتعالي على المناصب والمكاسب، وهو القائل إن المسؤول يبقى كبيرا حتى يطلب شيئا لنفسه فيصغر، والراحل الكبير رجل ثقافة وفكر وكاتب وباحث ومؤلف وصاحب مواقف قومية ووطنية لا تنسى، منحاز دائما لفلسطين والمقاومة، وهو رئيس الحكومة التي شهدت تحرير جنوب لبنان عام 2000 الى جانب شريكه في الحكم الرئيس المقاوم العماد اميل لحود. وقد افتتح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله كلمته المخصصة للحديث عن الرد التاريخي للمقاومة على اعتداءات الاحتلال على العاصمة وضاحيتها واغتيالها للقائد فؤاد شكر، بنعي الرئيس الراحل كخسارة للمقاومة وفلسطين.
وفيما انشغل العالم في متابعة رد المقاومة الذي حمل اسم عملية الأربعين، كما قال السيد نصرالله، مؤكدا أن المقاومة أوفت بوعدها، وشارحا أن الرد النوعي يتكون من جزءين، الأول إرسال الصواريخ بالمئات إلى عشرات مواقع الاحتلال في شمال فلسطين المحتلة حتى حدود عكا وطبريا، والثاني عشرات الطائرات المسيرة نحو تل أبيب، حيث منشأة مركزية للمخابرات العسكرية، هي المنشأة 8200 المتخصصة بالتجسس وعمليات الاغتيال، وقال السيد نصرالله إن العملية نفذت بشقيها بدقة، وإن الغارات التي شنها الاحتلال على الجنوب قبل نصف ساعة من بدء العملية لم تؤثر في أي من المسارات المرسومة للعملية ولم تنجح بإلحاق الأذى بأي من أدواتها، ما ينفي عنها صفة الضربة الاستباقية أو الوقائية، إضافة الى كون الأرقام المتداولة عن عدد المنصات المستهدفة بالغارات والحديث عن آلاف الصواريخ التي يقول قادة الكيان إنها كانت تستهدف تل أبيب وتم استهدافها هي مجرد أكاذيب لصناعة هوليودية لنصر موهوم.
اللافت كان أن wقادة الكيان من سياسيين وعسكريين تلاقوا على روح انهزامية مفاجئة، حيث جاء الرد ليوفر لهم فرصة ذهبية لتبرير الذهاب الى الحرب التي آمضوا أحد عشر شهرا وهم يهددون بشنها، وها هم يقولون لا نريد حربا ولا نريد تصعيداً والأمر عند حزب الله، فإذا اعتبر الأمر منتهيا تكون الأمور قد عادت الى طبيعتها، وهو ما توقفت أمامه عناصر متابعة باعتباره علامة على المفعول الرادع لعملية الأربعين، متوقعة أن تترك العملية وما تلاها تداعيات على المسار التفاوضي تفاديا للانتظار والرد الإيراني كما يقول القادة في طهران أنه آت، ويفعل اليمنيون مثلهم.
في سورية تحدث الرئيس الدكتور بشار الأسد في افتتاح الدور الأول لمجلس الشعب السوري المنتخب، فقال «أرسل التحيةً إلى المقاومين في فلسطين، ولبنان، والعراق، واليمن، الذين يمثلون “قدوةً، وأنموذجاً، ومثالاً نقتدي به في طريق التحرير، والكرامة، والشرف، والاستقلال”. كما وجّه الرئيس الأسد تحيةً إلى الجولان المحتل، لافتاً إلى أنّ أبناءه “قدّموا الكثير من العبر، وبرهنوا أن غياب السيادة عن أرضه لا يعني سقوط الوطنية من وجدان شعبه”، مُشدّداً على تأكيدهم أنّ الوطنية ليست مظهراً ولا ادعاءً، بل انتماء متجذر ووفاء وولاء.

وكشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن الهدف العسكري النوعي في العملية هو قاعدة الاستخبارات العسكرية «أمان» ووحدة «8200» في «غليلوت» والهدف الآخر هو قاعدة الدفاع الجوي في «عين شيميا».
وأكد السيد نصر الله أنه و»بناءً على معطياتنا أنَّ عددًا معتدًا به من المُسيّرات وصلت إلى هذين الهدفين، ولكن العدو يتكتم إلا أنَّ الأيام والليالي هي التي ستكشف حقيقة ما جرى هناك». وقال: «كل ما أردنا إطلاقه في هذه العملية هو 300 صاروخ وقد أطلقنا 340 صاروخًا والعدو لم يحبط شيئًا»، مؤكدًا أن السردية الصهيونية بشأن ما جرى مليئة بالأكاذيب وهو ما يعكس مستوى الوهن لدى هذا الكيان.
وشدد السيد نصر الله على أن «حديث العدو عن قصف صواريخ استراتيجية ودقيقة كانت معدة لاستهداف «تل أبيب» هو كذب في كذب، ولكن في هذه العملية ولرؤية واضحة ودقيقة لم نُرد استخدام هذه الأسلحة». معلنًا أن أيًا من الصواريخ الاستراتيجية والدقيقة لم تُصب بأذى. ولفت إلى أن كثيرًا من الوديان يعتقد العدو أن فيها منصات للصواريخ الباليستية ومنشآت يمكن تدميرها، كاشفًا أن القائد الجهادي الشهيد السيد شكر كان اتخذ قرارًا قبل مدة بإخلاء هذه الوديان والمنشآت وبالتالي ما قُصف هي وديان خالية أو تمَ إخلاؤها.
وأوضح أن العدو «الإسرائيلي» قبل نصف ساعة من توقيت العملية بدأ بشن غارات جوية على قرى في الجنوب «ولم تكن لديه معلومات استخبارية بل بسبب حركة المجاهدين لإتمام عملهم». وأكد أننا «أمام فشل استخباري «إسرائيلي» وفشل في العمل الاستباقي وعمليتنا أنجزت كما خططت بدقة»، وقال: «اليوم شهدنا مشهدًا يعبر عن شجاعة المقاومة عندما اتخذت هذا القرار.. المقاومة أخذت قرارًا وأقدمت فقام العدو بإغلاق «تل أبيب» والمطارات وفتحوا الملاجئ لمجرد استخدامنا الكاتيوشا والمُسيّرات فكيف إذا استخدمنا أكثر من ذلك؟».
وأضاف: «هذه أول عملية كُبرى تخوضها المقاومة بغياب القائد الكبير السيد فؤاد ولم يحصل فيها أي خلل.. العدو في رده صباح اليوم (أمس) لم يجرؤ على استهداف المدنيين لأن هناك مقاومة وبيئة مقاومة. وهذه المعادلة التي عدنا لتكريسها اليوم». وتابع: «المرحلة الأولى كانت ضرب المواقع في الشمال بـ340 صاروخًا والمرحلة الثانية هي عبور المُسيّرات بأنواع وأحجام مختلفة نحو عمق الكيان… نحن سنتابع نتيجة تكتم العدو عمّا حصل في القاعدتين المستهدفتين وكان الرد مرضيًا وسنعتبر أن الرد كافٍ على جريمة الاغتيال وإن لم نره كافيًا سنحتفظ بحق الرد حتى إشعار آخر».
وقال: «عمليتنا اليوم قد تكون مفيدة للطرف الفلسطيني أو للطرف العربي بالنسبة للمفاوضات والرسالة للعدو ومن خلفه الأميركي بأن أي آمال بإسكات جبهات الإسناد هي آمال خائبة رغم التضحيات خصوصًا في الجبهة اللبنانية». وأكد أننا «قوم لا يمكن أن نقبل بالذل ولا أن نحني الرقاب لأحد ونحن نقاتل بالعقل والسلاح والمُسيّرات والصواريخ البالستية المخبأة ليوم قد يأتي».
كشف أن المقاومة الإسلامية أطلقت في «عملية اليوم وللمرة الأولى مُسيّرة من منطقة البقاع ورغم بعد المسافة إلا أنها تجاوزت الحدود الفلسطينية المحتلة». مؤكدًا أن «أي منصىة إطلاق للمقاومة الإسلامية لم تصب قبل العملية ولم تتعرض مرابض المسيّرات لأي أذى لا قبل العملية ولا بعدها».
وقال: «على العدو أن يفهم ويحذر جيدًا في طبيعة لبنان والتغيرات الاستراتيجية فلم يعد لبنان ضعيفًا تحتلونه بفرقة موسيقية بل قد يأتي اليوم الذي نجتاحكم بفرقة موسيقية».
ونشر الإعلام الحربي في حزب الله، معلومات عن القاعدتَين اللتَين استهدفهما الحزب في المرحلة الثانية من «عملية يوم الأربعين» ردًا على اغتيال القائد الكبير فؤاد شكر واستشهاد عدد من المدنيين في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وكانت المقاومة أعلنت في بيانات متلاحقة عن العملية النوعية ضد كيان الاحتلال، مشيرة في بيانها الأول أنه «في إطار الرد الأولي على العدوان الصهيوني ‏الغاشم على الضاحية الجنوبية لبيروت والذي أدّى إلى استشهاد القائد الجهادي الكبير السيد فؤاد شكر رحمه ‏الله وعدد من أهلنا الكرام من نساء وأطفال، بدأ مجاهدو المقاومة الإسلامية هجومًا جويًا بعدد كبير من ‏المسيرات نحو العمق الصهيوني واتجاه هدف عسكري «إسرائيلي» نوعي سيعلن عنه لاحقًا، بموازاة ‏استهداف مجاهدي المقاومة الإسلامية لعدد من مواقع وثكنات العدو ومنصات القبة الحديدية في شمال ‏فلسطين المحتلة بعدد كبير من الصواريخ.‏
وأعلنت في بيان ثانٍ عن «الانتهاء من المرحلة الأولى بنجاح كامل وهي مرحلة استهداف الثكنات والمواقع الإسرائيلية تسهيلًا لعبور المُسيّرات الهجومية بإتجاه ‏هدفها المنشود ‏في عمق الكيان، وقد عبرت المُسيّرات بحمد الله كما هو مقرر.‏
ثانياً، عدد صواريخ الكاتيوشا التي أطلقت حتى الآن تجاوزت 320 صاروخا باتجاه مواقع العدو.
ثالثاً، المواقع التي تم استهدافها وإصابتها بعون الله تعالى: ‏
1 – قاعدة ميرون.
2 – مربض نافي زيف.
3 – قاعدة زعتون.
4 – مرابض الزاعورة.
5 – قاعدة السهل.
6 – ثكنة كيلع في الجولان السوري المحتل.
7 – ثكنة يو أف في الجولان السوري المحتل.
8 – قاعدة نفح في الجولان السوري المحتل.
9 – قاعدة يردن في الجولان السوري المحتل.
10 – قاعدة عين زي تيم. ‏
11 – ثكنة راموت نفتالي.
رابعاً، بقية التفاصيل حول العملية العسكرية ستأتي في بيانات لاحقة.
وفي بيان ثالث لفتت المقاومة أنه «تم إطلاق جميع المسيّرات الهجومية في الأوقات المحددة لها ومن جميع مرابضها ‏وعبرت ‏الحدود اللبنانية الفلسطينية باتجاه الهدف المنشود ومن مسارات متعدّدة.
وشدّدت المقاومة على أنّ ادعاءات العدو حول العمل الاستباقي الذي قام به والاستهدافات التي حققها وتعطيله لهجوم ‏المقاومة هي ادعاءات فارغة وتتنافى مع وقائع الميدان وسيتم تفنيدها في خطاب للأمين العام ‏لحزب الله سماحة السيد ‏حسن نصر الله يُحدد لاحقًا هذا اليوم». ‏
وأشار خبراء في الشؤون العسكرية والاستراتيجية لـ«البناء» الى أن «وصول مئات الصواريخ والمسيرات الى كامل القواعد العسكرية في شمال فلسطين المحتلة ومركز شعبة الاستخبارات في ضواحي تل أبيب في ذروة الاستنفار والتأهب الإسرائيلي والأميركي والغربي عبر الأقمار الصناعية، هو اختراق أمني كبير للمنظومة الأمنية والاستخبارية والتقنية والتكنولوجية الإسرائيلية، وإنجاز أمني استخباري تكنولوجي عسكري لحزب الله»، ولفتوا الى أن «العملية النوعية ثبتت امتلاك الحزب زمام المبادرة ومعادلة الردع مقابل مزيد من تآكل في قدرة الردع الإسرائيلية، وعمقت مأزق حكومة نتنياهو والفجوة الاستراتيجية التي تتسع منذ 7 تشرين الماضي، كما أظهرت وهم حكومة «إسرائيل» بقدرتها على تغيير المعادلة الميدانية في الجنوب بعد اغتيال فؤاد شكر وبالتالي استعادة الأمن الى الشمال واستعادة المستوطنين الى المستوطنات». كما توقف الخبراء أمام الدقة العالية في تنفيذ الرد واحتساب وقت مرور الصواريخ من الجنوب والبقاع باتجاه «إسرائيل» لتضليل القبب الحديدية واشغالها لكي يتناسب مع عبور المسيرات في الوقت المحدد لكي تستطيع الوصول الى أهدافها. ومنح الرد وفق الخبراء قيادة حزب الله المصداقية بعد تأكيد السيد نصر الله في خطابيه السابقين بأن الرد آتٍ حتماً، وعزز الموقف التفاوضي لحركة حماس في مفاوضات القاهرة الجارية حالياً.
‏وفي سياق ذلك، شدد الناطق العسكري باسم كتائب «القسام» أبو عبيدة، على «أننا نبارك عملية الرد الأولي للأخوة في حزب الله على اغتيال القائد فؤاد شكر، ونقدر التضحيات الغالية لأهلنا في لبنان ومقاوميه الأبطال». ولفت، في تصريح، إلى أنّ «عملية حزب الله تؤكد من جديد تغير الواقع الاستراتيجي للكيان منذ طوفان الأقصى.. فلا أمان للعدو من العقاب ولا حدود لإمكانية دكه في أي مكان ومن أية جبهة»، مؤكدًا أنّ «كل الجبهات ستظل مشتعلة ومتصاعدة في وجه العدو طالما استمر العدوان على أهلنا وشعبنا».
وكان لافتاً إعلان جيش الاحتلال انتهاء عملياته العسكرية رداً على رد المقاومة، ما يعكس بحسب مصادر في فريق المقاومة لـ«البناء» تراجعاً وانكفاء اسرائيلياً عن استمرار المواجهة مع حزب الله وتحولها الى حرب شاملة، وكشف بأن تهديدات المسؤولين الإسرائيليين ورسائل التهديد الأميركية الغربية للبنان ولحزب الله بأن مهاجمة «إسرائيل» سيدفعها لشن حرب تدميرية للبنان، كانت تهديدات زائفة وكاذبة وتخدم الحرب النفسية والمعنوية والضغط لمنع الرد ليس إلا.
وأشارت أوساط دبلوماسية لـ«البناء» الى أن اتصالات مكثفة حصلت بين عواصم القرار مع ايران وحزب الله بشكل غير مباشر خلال الأسبوعين الماضيين لاحتواء تداعيات رد محور المقاومة لا سيما بعد فشل جولة المفاوضات في الدوحة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى