الوطن

تشييعٌ رسميّ وشعبيّ حاشد ومَهيب للحص في الأوزاعي بمشاركة «القومي» وسطَ سيلٍ من بيانات النعي المُشيدة بمسيرَته الوطنيّة والقوميّة ودعمه الثابت للمقاومة

شيّع لبنانُ أمس في مأتمٍ رسميّ وشعبيّ حاشد ومَهيب الرئيس سليم الحص في مقام الإمام الأوزاعيّ في الضاحية الجنوبيّة لبيروت.
وكانَ نعشُ الرحال الكبير، جال ملفوفاً بالعلمِ اللبناني، في شوارع العاصمة بيروت، بعد انطلاقِ الموكب من أمام مبنى مستشفى الجامعة الأميركيّة في بيروت متجهًا إلى مقام الأوزاعي، حيث كان في استقباله حشدٌ من الشّخصيّات، في مقدّمها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ممثل رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي النائب محمد خواجة، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النّائب محمد رعد ممثّلاً الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله، ناموس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي سماح مهدي ممثلاً رئيس الحزب الأمين أسعد حردان، الرئيس د. حسان دياب، ووزراء ونوّاب حاليّون وسابقون وسفراء وشخصيّات سياسيّة وروحيّة واقتصاديّة وماليّة وثقافيّة واجتماعيّة وقضائيّة وعسكريّة ونقابيّة وإعلاميّه ومحافظون من ورؤساء بلديّات وجمعيّات وممثّلون عن الفضائل الفلسطينيّة وآل الفقيد. ووريَ الجثمانُ في الثَّرى في مدافن العائلة في جوار مقام الإمام الأوزاعي ووضعت أكاليل من الزهور على الضريح من العديد من الشخصيّات.
وأكّدَ ميقاتي في كلمةٍ له خلال التشييع، أنّ «الرئيس الحص كان رجلاً عصاميّاً وكان ضمير لبنان والوطن ومدافعاً عن القضيّة الفلسطينيّة» وأشار إلى أنّ الراحل «كان يضعُ المصلحة العُليا ومصلحة المواطن فوقَ كلّ اعتبار وكان متجرّداً وموضوعيّاً ودستوريّاً بامتياز». وختم «مهما حاولنا أن نقتدي به سنبقى مقصّرين».
كما ألقيت كلمات أجمعَت على «أنّ لبنانَ خسرَ هامةً وطنيّةَ كبيرة ونموذجاً ناجحاً لسياسيّ نظيف الكفّ والضمير».
وتقبّلَ ميقاتي ومفتي الجمهوريّة الشيخ عبد اللطيف دريان وابنة الحص وداد وحفيده سليم رحَّال وآل الفقيد التعازيَ من الرسميين والشخصيّات في باحة المسجد. وحضرَ معزّياً سفير سورية السابق في لبنان الدكتور علي عبد الكريم عليّ، باسمِ الرئيس بشّار الأسد.
وتُقبلُ التعازي في الثاني والثالث في قاعة الدكتور محي الدين برغوت – مسجد الخاشقجي من الساعة الأولى بعد الظهر إلى الساعة السابعة مساءً للرجال والنساء.
وتوالت أمس، بيانات النعي للحص وقال وزيرُ الخارجيّة والمغترِبين عبدالله بوحبيب «هذا الكبيرُ من وطن الأرز لا يُشبه إلا نفسه. عرفناه بضمير لبنان، وعرفته بدايةً من موقع الاختلاف في حقبة سوداء من تاريخ لبنان، ومن موقع المودّة، والاحترام حيث كنت أحرص على لقائه كلّما سمحت الظروف بذلك (…) برحيلك نودّعُ رجلَ دولة من الطراز الرفيع».
كذلك، قدّم وزير الصناعة جورج بوشكيان تعازيه إلى عائلة الحص وإلى اللبنانيين بفقدانهم قامة وطنيّة وإنسانيّة كبيرة. وقال «يفتقدُ لبنان أمثال سليم الحص، رجل العلم والاحتكام إلى القانون. كان تاريخاً حافلاً في المسؤوليّة، وصفاته الوطنيّة جليّة في رجل دولة تحمّلَ المهام في مرحلة مصيريّة شهدها لبنان.»
وكتبَ الأمينُ العام لحزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان عن الحص «رحل ضمير لبنان. المسالم والمحاور في زمن المتاريس وغير المساوم في بناء الدولة، رحلَ وضميره مرتاح أنّه كان لديه شرف المحاولة في أصعب الظروف التي مرّ بها الوطن. رجلُ دولة لن يتكرّر».
كذلك، كتب النائب طوني فرنجيّة «رجل اعتدال وشفافيّة. هكذا عرفك اللبنانيون وهكذا نودّعك اليوم، آملين أن يعلو دائماً صوتُ الحوار والنزاهة على كلّ أصوات التعصُّب والفساد. الرحمة للرئيس سليم الحص والعزاء لأهله ومحبيه».
وقال النائب أسامة سعد في بيان «غاب عنّا اليوم دولةُ الرئيس سليم الحص، طوى سنوات عمره الطويل وارتحل، عزَّ عليه أن يرى وطناً ينهار تحت وطأة منظومة الفساد وتهافُت القيَم، وأن يلحظَ السياسة تتحوّل إلى فرص لتقاسم المغانم والمصالح والنفوذ بدل أن تكون رافعة للإصلاح السياسيّ والاقتصاديّ والماليّ والإداريّ، تماما كما فهمها ومارسها بنفسه عندما تبوأ سدّة رئاسة الحكومة لمرتين، قدّم من خلالهما أنموذجاً استثنائيّاً لتصرّف رجل الدولة في موقع المسؤولية الوطنيّة وفي احترام مبادىء الدستور وإعمال قواعد القانون في أدائه العام، فاستحقَّ بذلك صفة الضمير الوطنيّ بلا مُنازع».
ونعى عضو كتلة التنمية والتحرير النائب الدكتور قاسم هاشم في بيان الرئيس الحص وقال «يفقدُ لبنان اليوم قامةً وطنيّةً عربيّةً مقاوِمة وقيمةً أخلاقيّة وإنسانيّة لطالما شهدَ لها اللبنانيون والعرب في كلّ المراحل وكم نحتاجُ في هذا الزمن إلى أمثاله وقيمه ووطننا يمرّ بأزماته السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة».
أضاف «لقد شاءت الظروف أن يواكبَ الراحل الكبير الوطن وجنوبه خصوصاً، أدقّ المراحل وخصوصاً اجتياح عام 1978 يوم كان رئيساً للحكومة وكذلك انتصار التحرير عام 2000 فكان حاضراً في قرى العرقوب ليؤكّد هوية قضيّتها وحقّ المنطقة في استعادة الجزء المحتلّ في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وكان المنحاز إلى هذه القضيّة الوطنيّة وعاملاً من أجل استكمال التحرير، مؤمناً بنهج المقاومة تكاملاً مع الجيش والشعب دفاعاً عن الوطن وحفظاً لسيادته».
وتقدّم «التيارُ الوطني الحر» في بيان، من عائلة الحص ومن الشعب اللبنانيّ عموماً بالتعزية لرحيله، بعد مسيرةٍ طويلةٍ من العمل الوطنيّ والسياسيّ، في ظروف شابتها الصعوبة والانقسام.
وكتبَ المديرُ العام السابق للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم على منصّة «إكس»: لم تطلب شيئاً لنفسك فكنت سليم الحص، استغنيتَ حتى اغتنيت، كان الوطن في ضميرك إلى أن صرتَ ضميره، قامة أنت لن تتكرّر وهامة ما انحنت. سليم الحص، رحلتَ فسقط مدماكٌ أساسيّ من مداميك سياسة الأخلاق. كن مطمئناً ففلسطين التي أحببت هي اليوم بمتناول الغد الآتي حتماً. في جنان الخُلد».
ونعاه الأمينُ العام السابق لـ «المؤتمر القوميّ العربيّ» معن بشّور وقال «لم تكن النزاهة والأخلاق العالية فقط هي سماتُ الرجل الذي أجمعَ اللبنانيون على أنّه «ضمير لبنان»، بل كانت الصلابة ميزة من ميزاته أيضاً حتى أنَّ العديد كانوا يصفونه «بالعنيد» من فرط تمسّكه بالمبادئ والقيم والدستور والقانون والأصول، وكثيراً ما كان يسبح عكس التيّار السائد إذا كانت مجاراته تعني الالتحاق بعصبيّة طائفيّة أو مذهبيّة مناطقيّة أو تفريط بكرامة الإنسان وسيادة الوطن».
أضاف «كان وطنيّاً أيضاً، وعروبيّاً صادقاً، فالعروبة لم تغب يوماً عن خطابه أو أدائه أو مواقفه، وكذلك فلسطين، لذلك كان من أول المتجاوبين مع فكرة المؤتمر القوميّ العربيّ، معتذراً لأكثر من مرّة عن تولّي أمانته العامّة».
وختم «في سليم الحص تلاقت الأخلاق مع الوطنيّة والعروبة، فقدّمَ للبنان والأمّة نموذجاً ينبغي أن يحتذي به كلّ المسؤولين القادة والرموز».
واعتبرَ الأمين العام لـ»تلمؤتمر القوميّ العربيّ» حمدين صباحي، أنَّ الحص «كان ضميراً للعرب وللقضيّة الفلسطينيّة والداعي إلى «تفعيل التعاون العربيذ المشترَك ودعم المقاومة التي هي السبيل الوحيد للحفاظ على أمن وكرامة الأمّة»، كما جاء في كلمته الافتتاحية لدورة المؤتمر عام 1992».
وقال «كان الرئيس الحص يرى أنَّ التوجه القوميّ الجامع ينبغي أن يتقدّم على التوجهات القُطريّة في كلّ المسائل التي تعني الأمّة جمعاء، أو تلك التي تتصل بالعلاقات البينيّة بين مكوّنات الأمّة الواحدة، كما جاء في كلمته الافتتاحية لدورة المؤتمر عام 2011. ولعلَّ عزاؤنا برحيلِ الفقيد الكبير هو ما ثبت من صحة رهانه بأنَّ المقاومة بكلّ أشكالها هي سلاح الأمّة الرئيسيّ في الدفاع عن وجودها وكرامتها وحريتها».
ونعَت «رابطة الشغيلة» برئاسة أمينها العام الوزير والنائب السابق زاهر الخطيب «الوطنيّ والعروبي الصادق في إخلاصه للوحدة الوطنيّة ودعمه للمقاومة الوطنيّة والإسلاميّة ضدَّ الاحتلال، ونضال الشعب الفلسطينيّ وقضيّته العادلة، ووقوفه مع سورية في مواجهة المؤامرة التي حيكت ضدّها المتمسّك بقيَم النزاهة والأخلاق حيث كان يؤكّد دائمًا يبقى المسؤول قويّاً إلى أن يطلبَ أمراً لنفسه لهذا ظلّ نظيفَ الكفّ بعيداً عن التلوث بالفساد والصفقات بالتراضي».
ونوّهت الرابطة بـ»المواقف الإنسانيّة للرئيس الحص ودماثته وتواضعه ومواقفه الداعمة للشغيلة والفقراء والمستضعفين ودوره في الدفاع والتضامن مع المقاومين الشرفاء في الشدائد».
وقال السيّد علي فضل الله في بيان «أن يفتقدَ لبنان شخصيّة بوزن وقيمة الرئيس سليم الحص وحضوره وفي هذه المرحلة بالذات فتلك خسارة كبرى»، مضيفاً «لقد مثّلت شخصيّة الرئيس الحص علامة فارقة في تاريخ لبنان بنزاهتها وشفافيتها ورمزيتها الكبيرة في مواجهة الفساد والظلم الداخليّ وأطماع العدوّ الصهيونيّ وكنّا نأملُ بمستقبل مشرق للبنان بحضور هذه الشخصيّة وأمثالها وكنّا نرى أنَّ البلدَ لا يزال بخير بوجوده وبوجود من يشبهه في الكلمة والموقف والصدق والشجاعة والعمل المستمرّ في خطّ الإصلاح والنهوض الوطنيّ والقوميّ والعروبيّ والإسلاميّ».
وختم «أن نفتقد هذه الشخصية الرمز، فنحنُ نفتقد مساراً من مسارات الحقّ وخطّاً من خطوط الإصلاح ورمزاً للعدالة من داخل السُلطة او خارجها وأنموذجاً في الإخلاص لمبادئه وحبّه ووفائه للناس، وعسى أن يعوّضنا الله بشخصيات مثله تحمل الهموم الكبيرة والبعيدة عن المصالح الشخصيّة والحسابات الفئويّة».
ونعت «ندوة العمل الوطنيّ» مؤسّسها ورئيسها الفخريّ الدائم، دولة الرئيس الحص وقال في بيان «كان للرئيس سليم الحص حضور دائم ومحبَّب في ضمير كلّ لبناني شريف، فكان بحقّ ضمير لبنان والوطن، رعى وساند بمواقفه وقراراته الثابتة والشجاعة حقّ المقاومة اللبنانية في تحرير الأرض، وواكبَ تطوّرها في جميع مراحلها، متخطياً جميع الضغوط الدولية لثنيه عن تقديم التنازلات. حمل هم تحرير فلسطين وتحرير الإرادة العربيّة وحقّ الشعوب العربيّة في التنمية والرفاه والتقدُّم».
واستذكرَ نقيبُ محرّري الصحافة اللبنانيّة جوزف القصيفي الرئيس الحص «الذي مضى إلى ملاقاة وجه ربه مخلّفاً الذكرَ الطيّب لرجلٍ خدمَ وطنه من موقعه في رئاسة الحكومة أو الوزارات التي تقلّدَ بضميرٍ حيّ ونظافة كفّ ونزاهة وحس إنسانيّ مرهف وهو من الذين قادوا سفينة الوطن وسط الأمواج المتلاطمة من كلّ صوب، مواجهاً الرياح العاتية بصبر وطول اناة، وإيمان عميق بحقّ الوطن والمواطن في دولة تسودها العدالة، وتكافؤ الفرص بعيداً من المحسوبيّة والزبائنيّة. ولأنه لم يساوم على قناعاته، ولم يستسلم لإغراءات تحيد به عن مدار الاستقامة التي كانت عنوان حياته كان عرضةً لسهام جائرة انهالت عليه من دون هوادة. لكنّه ظلَّ ثابتاً لم يتزحزح مكتفياً من حصاد دنياه بحبّ الناس واحترامهم له».
أضاف «يغيبُ سليم الحص ولبنان يغرقُ في أزماته المتوالدة والمتناسلة، تسوسه الفوضى ويغرقه الفساد، وشرعة الغاب وشريعتها. في يوم رحليه، كلُّ لبنان حزين، دامع، ويودّعه خاشعاً ومفتقداً لأمثاله من هاماتٍ وقامات».
بدورها، عزّت حركة «الناصريين المستقلين – المرابطون»، مشيرةً إلى أنّه تركَ «إرثاً وطنيّاً، سياسيّاً واجتماعيّاً تُضربُ به الأمثال، في الاستقامة والنزاهة، وإدارة الدولة الحازمة في مكافحة الفاسدين والمفسدين، ومقولته الشهيرة «من يكون حريصاً ومستقيماً في إدارة الشأن العام، يستقيمُ معه الشأن الخاص تلقائياً»، وهذه كانت سبب عداوة كل اللاوطنيين والفاسدين والمفسدين، وسارقي المال العام، وما أكثرهم في لبنان، ضدّ القامة ذات الأخلاق العالية والمحبّة والصارمة في الملمّات والأزمات».
واعتبر رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي عمر غندور أنّ الرئيس سليم الحص الذي كان واحداً من ابرز الساسة اللبنانيين الحقيقيين الذي تساوى عنده الواحد زائد واحد اثنين لا أكثر ولا أقلّ، وصرف حياته في خدمة وطنه واحة للحرية والشراكة والتعايش بين مختلف أبنائه، مناصراً للحق وفلسطين والمقاومة، ولم يتخذ السياسة يوماً وسيلة للاستغلال والكسب و»السعدنة».
وقال غندور: بغياب دولة الرئيس سليم الحص يفقد لبنان واحداً من أعزّ رجاله الشرفاء، ونسأل الله له طيب الختام والرضوان في دنيا الحق ولعائلته ومحبيه خالص العزاء.
واستذكر رئيس «المركز الوطنيّ في الشَمال» كمال الخير المواقف الوطنيّة والعروبيّة للراحل الكبير و»وقوفه الدائم مع قضيّة فلسطين و سيادة لبنان واستقلاله». ونوّه بـ»مواقفه الوطنيّة المشرّفة وما صدر عن حكومته من قرارات عادلة وحكيمة على كلّ المستويات ووقوفه مع المقاومة وتكريسه أفضل العلاقات مع سورية».
وأعربَ رئيس تيار «صرخة وطن» جهاد ذبيان عن «عميق الأسف لرحيل قامة وطنيّة عزَّ نظيرُها بحجم دول الرئيس سليم الحص الذي كان وبحقّ ضمير لبنان وهو الشخصيّة الوطنيّة التي لم تتلوّث يداها بموبقات السُلطة والمال الحرام».
وتقدّم شيخُ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ سامي أبي المنى بالتعازي برحيل الحص، ورأى في بيان أنَّ «بغيابه يفتقدُ الوطن رجلَ دولة من الطراز الرفيع وقيمة إنسانيّة شامخة ورمزاً وطنيّاً معطاءً».

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى