أولى

التصنيف الإئتماني للكيان

كيان الاحتلال ليس لبنان ولا سورية ولا روسيا، كي تكون التصنيفات الصادرة عن شركات التصنيف الائتماني التي تخفض تدريجياً مرتبته، تعبيراً عن مواقف سياسية تهدف لمحاصرته اقتصادياً والضغط عليه مالياً والتسبب برحيل المستثمرين عنه، عبر اعتباره بيئة خطيرة على الأموال، لأن الجهة الوحيدة القادرة على التأثير على هذه الشركات هي واشنطن، وهي تضع ثقلها لدعم الكيان ومساعدته على تحمل تبعات الحرب، وإنْ تدخلت، وهي بالتأكيد قد تدخلت، في تأخير التصنيف المتدنّي للكيان، وتخفيض درجة السوء التي يتم وصف الحالة الاستثمارية فيه.
بعد فيتش تأتي موديز في تقديم تصنيف متدنٍّ للكيان كبيئة غير صالحة للاستثمار، وهذا يعني بالنسبة لأي مستثمر عاقل أن التصنيف لا يعكس الصورة الحقيقية لوضع الكيان وقابلية الاستثمار فيه، لأن السياسة قد تدخلت لإعلان متأخر عن الانهيار الذي يصيب اقتصاد الكيان وتلطيف حدّة المشهد بتعابير منمّقة تحذيرية تشير الى تراجع، لكنها لا ترفع الأمر الى مستوى الخطر، لكن الرساميل من الإشارة تفهم.
فعلت حرب الأحد عشر شهراً فعلها في إصابة الكيان اقتصادياً في جملته العصبية، فالتجارة متوقفة وقد تراجعت 50% وفقاً لإحصائيات الكيان، وفعل اليمن فعلاً مشهوداً في الحصار التجاري على هذا الصعيد، والسياحة والصناعة تتمركزان في الشمال، والزراعة بين الجنوب والشمال، وكلها مناطق حرب، وجاذبية المستثمرين إلى صناعة التقنيات الدقيقة فقدت 70 مليار دولار، والبورصة فقدت كبار المستثمرين، فلا يعود الكيان يملك جاذبية الرفاه والأمن التي كان يقدمها كجنة استثمارية، وهذه العلل غير قابلة للإصلاح حتى لو توقفت الحرب كما يقول كبار الخبراء الاقتصاديين الذين يكتبون في صحف الكيان ويظهرون على شاشات قنواته.
حرب الاستنزاف التي فرضتها المقاومة عبر إفشال حرب الحسم السريع التي خطط لها الكيان بدعم أميركي وغربي، توسّعت جبهاتها الى الجبهة الأشد إثارة للقلق بالنسبة لقادة الكيان. فالجاليات اليهودية في العالم كانت تنظر نحو الكيان بعين تجمع البعد العاطفي الديني الى الجاذبية الاستثمارية والبيئة الآمنة وحياة الرفاه، وقد فقد الكيان كل ذلك، ووفقاً للتركيبة النفسية لشخصية مكوّنات هذه الجاليات، فإن تتبع الأمن والرفاه يسبق الولاء العقائدي، ولا يبقى من أصحاب الولاء العقائدي للكيان الا الذين لا يستطيعون منحه صفة المكان المتقدم تقنياً والمتفوق مالياً والقادر على اجتذاب رساميل العالم وشركاته.
التراجع الاقتصادي الكبير بنيويّ غير قابل للإصلاح، لأن فقدان الأمن والثقة بالقوة وقدرة الردع غير قابل للإصلاح أصلاً، وهذه حقيقة تكبر منذ يوم الطوفان، وهي من علامات الأفول المقبل حكماً مع الهجرة المعاكسة التي تشكل الوجه الآخر لذبول المشروع الاقتصادي العملاق المصمّم للكيان.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى