أولى

بعد التأكد من إصابة الوحدة 8200… ما هي أسباب تكتم العدو ونكرانه؟

حسن حردان

لقد تأكد أنّ مُسيّرات المقاومة أصابت مركز الاستخبارات العسكرية «أمان» الذي يضمّ وحدة 8200، قرب تل أبيب، وألحقت به خسائر مؤكدة، حسب ما ذكرت مصادر موثوقة من داخل فلسطين المحتلة لقناة «الميادين»، وأكدت انّ ست طائرات مُسيّرة على الأقلّ نجحت في اختراق الدفاعات الجوية «الإسرائيلية» وإصابة أهدافها بدقة عالية داخل قاعدة «غليلوت»، ما يعني انّ قادة العدو تعمّدوا التكتم على ذلك، والحرص الشديد على إخفاء ما حصل، عبر فرض طوق أمني يبعد عن القاعدة المستهدفة نحو 4 كلم، ومنع العسكريين والمدنيين وطبعاً الإعلاميين من الوصول إلى القاعدة، حتى لا تتسرّب معلومات حول نجاح هجوم المقاومة وحجم الخسائر البشرية والمادية التي وقعت بالقاعدة…هذا الأمر طرح السؤال الكبير حول الأسباب التي دفعت رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو وقادته العسكريين الأمنيين إلى اتخاذ قرار التعتيم، ومن ثم نكران نجاح عملية المقاومة، والزعم انه تمّ إحباطها عبر غارات شنّها الطيران الحربي الصهيوني على جنوب لبنان واستهدفت مواقع منصات صواريخ وإطلاق مُسيّرات المقاومة، قبل نصف ساعة من بدء هجوم المقاومة، التي كانت قد أخلت المواقع التي قصفها العدو.. ما يعني انّ ما ادّعاه قادة العدو عن تنفيذ هجوم استباقي أحبط عملية المقاومة لا يمتّ إلى الحقيقة بصلة، وانهم لا يملكون معلومات صحيحة عن مواقع المقاومة التي انطلق منها الهجوم رداً على العدوان على الضاحية الجنوبية من بيروت..
على أن التوقف أمام الأسباب التي دفعت قادة العدو الى التكتم على إصابة قاعدة الاستخبارات العسكرية «الإسرائيلية» قرب تل أبيب، وادّعاء نجاحهم في إحباط هجوم المقاومة، يمكن تسجيل الأسباب التالية:
السبب الأول، التغطية على مدى عجز منظومات الدفاع الجوي «الإسرائيلية» في منع وصول مُسيّرات المقاومة إلى أهدافها والانقضاض عليها، وبالتالي عدم الاعتراف في الوقت ذاته بقدرة المقاومة على ضرب أحد أهمّ المراكز الأمنية الحساسة في عمق الكيان الصهيوني..
السبب الثاني، إدراك نتنياهو ووزير حربه وقائد جيش الاحتلال، أنّ المقاومة تملك القدرات النوعية، ولم تستخدم إلا القليل منها، على الوصول إلى أيّ هدف في فلسطين المحتلة وضربه، في حال ذهبوا إلى خيار الردّ على ردّ المقاومة، واستمرّوا في خرق قواعد الردع التي فرضتها على مدى عقود الصراع معه.. ما دفعهم إلى اتخاذ قرار التعتيم وإشاعة أخبار تزعم النجاح في إحباط هجوم المقاومة حتى لا يلزموا أنفسهم بالردّ على الهجوم..
السبب الثالث، تفادي التداعيات السلبية التي كانت ستحصل لناحية سيادة مناخات انعدام الثقة بقدرة «إسرائيل» على حماية أمنها حتى في أكثر مواقعها الأمنية حساسية، ما ينعكس سلباً على معنويات المستوطنين ويؤدي إلى ارتفاع أعداد المهاجرين منهم إلى البلدان التي أتوا منها، على خلفية ازدياد افتقاد شعورهم بالأمان والاستقرار إلخ…
السبب الرابع، المأزق الذي وقع فيه قادة العدو بفعل ذكاء قيادة المقاومة في اختيار هدف أمني حساس قرب تل أبيب بعيد عن المدنيين، مقابل العدوان على الضاحية، فوجدوا انه في حال قرّروا الكشف عن إصابة مركزهم الأمني، وقاموا بالردّ بقصف جديد للضاحية وخرق قواعد الردع ووقوع شهداء وجرحى مدنيين، وردّ المقاومة بالمثل، سيضعهم بموقع المسؤولية عن تعريض أمن المستوطنين إلى اضرار جسيمة..
السبب الخامس، استشعر نتنياهو والمسؤولين العسكريين الأمنيين خطر الإفصاح عن نجاح عملية المقاومة لتبرير تنفيذ تهديداتهم بردود قوية تهدّد بالانزلاق إلى حرب واسعة مع مقاومة، تبيّن لهم عملياً أنها تملك القدرة على خوضها والردّ بالمثل على ايّ استهداف للبنى التحتية والمناطق الآهلة بالسكان، ما يعني انّ كيان الاحتلال سيشهد تدميراً مماثلاً للتدمير الذي سيحدثه عدوانه في لبنان، فكيف سيكون حال الكيان مع توسع الحرب إلى حرب إقليمية تشترك فيها دول وقوى محور المقاومة، إلى جانب استمرار غرق جيش الاحتلال في مستنقع الاستنزاف في غزة والضفة الغربية..
السبب السادس، تجنّب انفضاح مزاعم قادة العدو عن ضربة استباقية أحبطت هجوم المقاومة على تل أبيب، وهو ما اعترف به قائد سلاح الجو الإسرائيلي إلى صحيفة معاريف الإسرائيلية، عندما قال، إنّ الجيش فشل في إحداث تغيير استراتيجي للوضع، على الرغم من الغارات التي نفذتها سلاح الجو يوم الأحد.. على أنّ حالة الوجوم التي سادت وجوه نتنياهو ويوآف غالانت وغيرهما خلال اجتماع مجلسهم الأمني المصغر صبيحة هجوم المقاومة يؤكد ويدلّل على حجم الضربة القوية والنوعية التي تلقوها في قلب عمقهم الاستراتيجي.
إنّ جملة هذه الأسباب كانت وراء ابتلاع قادة العدو ردّ المقاومة المؤلم لهم، واضطراهم إلى التكتم على نتائجه، والزعم أنه أحبط، لكن ها هي المعلومات بدأت تكشف حقيقة نجاح الضربة القاسية الموجعة التي وجهتها المقاومة في قلب الكيان وفي إحدى أهمّ قواعده الأمنية الأكثر حساسية وحيوية بالنسبة له.. على أنه عندما تكشف المعلومات في الأيام المقبلة عن مدى الخسائر التي مُني بها العدو من جراء هذا الاستهداف لقاعدة الاستخبارات العسكرية، ستوجه صفعة جديدة لقادة العدو، ويتأكد للعالم أجمع مدى ضعف منظومات الدفاعات الجوية لكيان الاحتلال، وتظهر في الوقت ذاته مدى تطور قدرات المقاومة في اختراق هذه المنظومات الدفاعية للعدو، وصدقية ما يقوله قائد المقاومة سماحة السيد حسن نصر الله، في مقابل كذب قادة العدو. الذين يجدون أنفسهم عاجزين عن وقف حرب الاستنزاف التي تشنّها المقاومة ضدّ كيانهم انطلاقاً من جنوب لبنان، وفق قواعدها، وغير قادرين على خرق قواعد الردع، من دون ان يلاقوا الردّ بالمثل من قبل المقاومة، إلى جانب تحييد المدنيين.. لهذا كله يمكن إدراك مدى أهمية نجاح عملية الردّ التي نفذتها المقاومة وأثر نجاحها في تعزيز قواعد الردع، وتكريس ارتداع كيان العدو، وجعله يقبع في حرب استنزاف لا فكاك منها إلا بوقف حرب الإبادة النازية التي يشنها ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وتمكين مقاومته من الخروج منتصرة من هذه الحرب، بما يمنع العدو من تحقيق أهدافه لتصفية الحقوق الوطنية الفلسطينية…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى