مانشيت

نتنياهو يجدد التمسك بفيلادلفيا: الانسحاب من لبنان وغزة لم يجلب إلا الكوارث / انهيار ضخم في البورصة الأميركية: ضياع 279 مليار من أسهم شركة انفيديا / واشنطن توزع التفاؤل التفاوضي… وفيلق القدس: الردّ الإيراني سيكون مختلفاً

 كتب المحرّر السياسيّ

هزت الأنباء الآتية من وول ستريت العالم بما حملته من إشارات لانهيارات عملاقة تنتظر البورصة الأميركية، وتحجب الحديث في السياسة، حيث انخفضت أسهم شركة صناعة الرقائق إنفيديا بأكثر من 9% في التداول العادي، مما أدى إلى انخفاض أسهم أشباه الموصلات وسط عمليات بيع مكثفة في وول ستريت. وقد أعادت البيانات الاقتصادية المنشورة يوم أمس، إلى الواجهة القلق بشأن صحة الاقتصاد الأميركي. وواصلت أسهم إنفيديا الانزلاق في تداولات ما بعد السوق يوم الثلاثاء، حيث انخفضت بنسبة 2%، بعد أن تلقت الشركة استدعاءً من وزارة العدل كجزء من تحقيق مكافحة الاحتكار. وخسرت إنفيديا حوالي 279 مليار دولار من قيمتها أمس، في أكبر انخفاض في القيمة السوقية ليوم واحد لسهم أميركي في التاريخ. كان الرقم القياسي السابق مسجلاً لشركة ميتا، الشركة الأم لفيسبوك، والتي عانت من انخفاض في القيمة بقيمة 232 مليار دولار في يوم واحد في شباط 2022.
في السياسة بينما كانت واشنطن توزع التفاؤل بمسار التفاوض حول إنهاء الحرب في غزة، كان رئيس حكومة الاحتلال يطلق النار على أي أمل بتقدم هذا المسار، حيث فشلت مؤتمرات صحافية عقدها الناطق بلسان البيت الأبيض ومجلس الأمن القومي والناطق بلسان وزارة الخارجية بإقناع الصحافيين بأن التفاؤل الأميركي المعلن يستند الى الوقائع التي تقول بأن التأزم في الذروة، وبأن واشنطن تتهرّب من تحمل مسؤوليتها كوسيط وراع للتفاوض بسبب مراعاتها المبالغ بها لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي أطل على الإعلام لليوم الثاني، وهو مزوّد بالخرائط لإعلان تمسكه ببقاء قوات الاحتلال في محور فيلادلفيا، دون أن يتمكن من تقديم جواب عن سبب عدم دخول قوات الاحتلال الى هذا المحور منذ الأيام الأولى للحرب، كما سأله ممثل صحيفة نيويورك تايمز، ولا لماذا لم يرد التمسك بمحور فيلادلفيا في مقترحه التفاوضي الأصلي الذي تحول الى مبادرة الرئيس الأميركي جو بايدن كما أعلنها في 31 أيار الماضي، وقد قبلتها حركة حماس كما صاغها العرض التفاوضي الذي تلقته في 2 تموز الماضي؟
الأهم في كلام نتنياهو كان حديثه عن الانسحاب من لبنان عام 2000 وفك الاشتباك مع غزة عام 2005، كاشفاً أن الكيان اختبر الوعود التي تلقاها بإمكانية العودة الى المناطق التي غادرها عند ظهور أول تحدي أمني وثبت أن ذلك غير صحيح، بما يبدو أنها وعود أميركية وأوروبية رافقت قرارات الانسحاب، حسب زعمه، ليستخلص أن حكومته لن تتعامل مع وعود مماثلة، واصفاً الانسحاب من لبنان وغزة بمصدر الكوارث والتهديدات التي يعيشها الكيان، لكنه تهرّب من الاعتراف بالسبب الذي يجعله يسعى لاتفاق لخفض التصعيد مع لبنان بدلاً من ترجمة تهديدات سابقة بشن حرب، وسبب انخراطه بالمفاوضات مع حركة حماس وعدم نجاحه بالفوز بالحرب رغم مرور أحد عشر شهراً؟
على جبهات محور المقاومة، أعلنت المقاومة عن عمليات جديدة في غزة ولبنان واليمن، بينما قال مسؤول العمليات في فيلق القدس التابع للحرس الثوري، إن «ردنا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية سيكون مختلفاً ولن نكشف عن طريقته»، مشيراً إلى أن «طريقة ونوعية ردنا ستعتمد على الظروف التي يمكنها أن تحقق أهدافنا». ورأى المسؤول الإيراني، أنه «قد تكون هناك فترة انتظار للرد على اغتيال هنية طويلة حتى تتوفر الظروف المناسبة».

لا تزال العيون السياسية تترقب التطورات على صعيد الجبهة الجنوبية باعتبار أن معظم الملفات الأمنية والسياسية والرئاسية والاقتصادية مرتبطة بنتائج هذه المواجهة المرتبطة بدورها بالنتائج العسكرية والأمنية والسياسية للحرب في غزة بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
وفيما علمت «البناء» أن الرسائل الأميركية والأوروبية والعربية لم تتوقف حاملة المطالب الإسرائيلية مرفقة بتهديدات بلغات مختلفة من أن «إسرائيل» لن تسكت لوقت طويل على الوضع القائم على الحدود لما يسببه هذا الملف من ضغط وإحراج كبير لحكومة نتنياهو، جدّدت مصادر مطلعة في فريق المقاومة لـ»البناء» التأكيد على أن رؤية المقاومة وتوجهها وسلوكها لم يتغير تجاه الحرب في غزة، لا على صعيد استمرار جبهة الإسناد رغم كل التضحيات والتهديدات والضغوط الأميركية الإسرائيلية، ولا على صعيد تطبيق وحماية المعادلات الردعية التي وضعها السيد حسن نصرالله ويطبقها المقاومون في الميدان، ولا على صعيد استعداد المقاومة وجهوزيتها بكافة مستوياتها وفرقها لأي احتمال أو حماقة تقدم عليها قيادة العدو للخروج من أزماتها المتعدّدة. وأكدت المصادر أن أي مفاوضات أو طروحات يحملها الموفدون الى لبنان فإن قيادة المقاومة غير معنية بها ولن تناقش أي مقترح ولن تلتزم بأي اتفاق على الحدود قبل توقف العدوان على غزة، ولذلك فإن زيارات المبعوثين والرسل الأجانب إلى لبنان هي مضيعة للوقت ولا تقدم ولا تؤخر ولن ينجح العدو بانتزاع مكاسب سياسية وأمنية في المفاوضات ما عجز عن انتزاعه في الحرب والاغتيالات والعدوان على المدنيين، كما لن تمنح المقاومة في لبنان أي هدية مجانية للعدو لحل أزمته الكبيرة والخطيرة مع مستوطنيه في شمال فلسطين المحتلة والتي تحوّلت الى خلاف سياسي كبير بين المستوطنين والحكومة، ولذا فإن الموقف النهائي هو أن المقاومة مستعدة بعد توقف العدوان على غزة لمناقشة أي طروحات بين المبعوثين والحكومة اللبنانية.
وفي سياق ذلك، أشار موقع «أكسيوس» نقلاً عن أربعة مسؤولين إسرائيليين وأميركيين، الى أن مسؤولين كبارًا من الولايات المتحدة و»إسرائيل» عقدوا اجتماعًا افتراضيًا منخفض المستوى يوم الثلاثاء الماضي لمناقشة كيفية تخفيف التوترات مع لبنان ومنع حرب شاملة بين «إسرائيل» وحزب الله.
وأوضح المسؤولون أن الاجتماع، الذي لم يعلن عنه البيت الأبيض أو الحكومة الإسرائيلية، بادرت به إدارة بايدن لقياس نبض الجانب الإسرائيلي وتنسيق سياساتهما بشأن الوضع في لبنان. واستمرّ الاجتماع الافتراضي لمدة ساعة. وكان الفريق الأميركي بقيادة مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان. كما شارك مستشارا الرئيس الأميركي جو بايدن آموس هوكشتاين وبريت ماكجورك.
ولفت الموقع إلى أن المطلب الإسرائيلي الرئيسي هو أن يتضمّن أي اتفاق دبلوماسي مع لبنان انسحاب قوة رضوان النخبويّة التابعة لحزب الله لمسافة 10 كيلومترات على الأقل من الحدود. وأكد الجانب الإسرائيلي خلال الاجتماع وفق الموقع المذكور أن مفتاح مثل هذه الصفقة هو كيفية التحقق من أن مسلحي حزب الله غادروا بالفعل المنطقة القريبة من الحدود ولم يعودوا، كما قال المسؤولون. وأوضح المسؤولون أن الإسرائيليين يطالبون بتعهد الولايات المتحدة بدعم العمل العسكري الإسرائيلي ضد قوات حزب الله إذا عادت.
وقال مسؤول إسرائيلي إن هوكشتاين ذكر في الاجتماع إن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة من شأنه أن يؤدي إلى خفض التصعيد في لبنان، ونتيجة لذلك، يسمح لـ»إسرائيل» بالتركيز مرة أخرى على صفقة التطبيع مع المملكة العربية السعودية.
سياسياً، وعشيّة اجتماع مرتقب بين المبعوث الفرنسي جان ايف لودريان والمستشار في الديوان الملكي نزار العلولا في الرياض بحضور السفير السعودي وليد البخاري، للبحث في الملف الرئاسي اللبناني، لم تحمل الحركة السياسية أي جديد، بل بقيت التطورات القضائية – المالية تتفاعل، وجديدها الادعاء القضائي على حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، فيما توسعت رقعة التساؤلات عما يخفيه هذا القرار القضائي المفاجئ وما تداعياتها القضائية والسياسية والمالية.
في السياق، ادعى النائب العام المالي القاضي علي إبراهيم، على رياض سلامة، بجرائم «الاختلاس وسرقة أموال عامة والتزوير والإثراء غير المشروع». وجاء الادعاء بعد أن ختم النائب العام التمييزي القاضي جمال الحجار تحقيقاته الأولية مع سلامة، وأودعها جانب النيابة المالية، وقد أحال القاضي ابراهيم الحاكم السابق مع الادعاء ومحاضر التحقيقات الأولية الى قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي، طالباً استجواب سلامة وإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه سنداً لمواد الادعاء المشار إليها. وسيبدأ القاضي حلاوي اعتباراً من اليوم، الاطلاع على الملفّ على أن يحدد موعداً لاستجواب سلامة يوم الجمعة أو الاثنين المقبلين. وأوضح جمال الحجار في تصريح أن ملف الموقوف احترازياً الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة سيسلك مجراه القانوني وسيتم تحويله الى قاضي التحقيق. واشار الى ان الملف سيتحول الى قاضي التحقيق الأول في بيروت بلال حلاوي على ان يبتّ بأمره سواء بمذكرة توقيف وجاهية او اخلاءِ بكفالة مع ترجيح التوقيف.
وأكد مصدران قضائيان لـ»رويترز» أن حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة الذي تمّ توقيفه أمس بتهمة ارتكاب جرائم مالية سيظل رهن الاحتجاز حتى موعد جلسة استماع من المرجّح أن تنعقد الأسبوع المقبل. وأضاف المصدران أنه بعد استجوابه يمكن للقاضي الذي يرأس الجلسة أن يقرّر ما إذا كان سيبقيه قيد الاحتجاز أم لا، وأضافا أنه لم يتم اتخاذ قرار بعد بشأن هذا الأمر.
في المواقف أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أن توقيف رياض سلامة تطوّر نوعي، لكنه غير كافٍ ويجب أن يستكمل ولا يخضع لأي ضغوط أو تلاعب قانوني. وشدد باسيل في تصريح على أن «الملفات في حق سلامة كثيرة، وعلى أن التيار سيتابع ما سيحصل فيها. وختم بالقول: حق اللبنانيين أن يستعيدوا الأمل باستعادة أموالهم والثقة بالقضاء اللبناني، لافتاً إلى أن الطريق لا تزال طويلة لاستعادة جزء من الأموال والودائع».
في الملف الرئاسي تتجه الأنظار الى اللقاء المرتقب اليوم بين الموفد الرئاسي الفرنسي لودريان والمسؤول السعودي عن الملف اللبناني نزار العلولا، ولفتت أوساط سياسية لـ»البناء» الى أن «هناك إرادة جدية لإعادة تحريك الملف الرئاسي من بوابة اللقاء الفرنسي – السعودي في محاولة لإحداث خرق ما في جدار استحقاق رئاسة الجمهورية». وأشارت الأوساط الى أن عقد اللقاء على هذا المستوى بين الفرنسيين والسعوديين بعد فشل سفراء اللجنة الخماسية في لبنان بإحراز أي تقدم على هذا الصعيد، يؤشر الى نية للدفع قدماً للتوصل الى حل للأزمة الرئاسية لا سيما بعد سلسلة التطورات الخطيرة التي اجتاحت لبنان والمنطقة من بوابة غزة، ما يستوجب إنجاز الاستحقاق الرئاسي أكثر من أي وقت مضى لمواكبة هذه التطورات في المنطقة التي تلقي بتداعياتها الكبرى على لبنان بالدرجة الأولى. وتوقعت الأوساط أن يجري التفاهم في اللقاء الفرنسي – السعودي اليوم على خريطة طريق رئاسية جوهرها دعم الحوار أو التشاور بين القوى السياسية اللبنانية على مرشحين وآليات ديمقراطية للانتخاب. وكشفت الأوساط أن الدافع خلف تحرّك ممثلي الدول الخماسية هو استغلال آخر فرصة لـ»سرقة» تسوية جزئية تفتح الطريق أمام انتخاب رئيس للجمهورية في المرحلة الانتقالية في الإدارة الأميركية أي قبل انشغال الأميركيين والعالم بالانتخابات الرئاسية الأميركية لكون كل الملفات ستجمّد حتى ظهور الخيط الانتخابي الأميركي الأبيض من الخيط الأسود، ما يرحل الملف الرئاسي الى منتصف العام الجديد.
وتشير الأوساط الى أهمية التزامن بين تحرّك الخماسية وإحياء رئيس مجلس النواب نبيه بري مبادرته الرئاسية ودعوته للحوار الجدي بين اللبنانيين وعزمه الدعوة لاحقاً الى جلسات انتخاب مع نصاب كامل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى