أولى

نهاية الكيان الصهيوني… بدأت بالأرض المقاومة وتنتهي بالأمم المتحدة

د. جمال زهران*

الأمر الذي لا شك فيه الآن، وبعد مرور (11) شهراً، وبدأنا في الشهر الثاني عشر (أيّ عام كامل)، أنّ الكيان الصهيوني قد هُزم هزيمة صاعقة وكاملة، وبالضربة القاضية في يوم السابع من أكتوبر (طوفان الأقصى)، وترنّح من هذه الضربة ووقع في أرض الحلبة، والمقاومة تقف لتنقضّ عليه، ولكن «الحواريين»، من أميركا ودول أوروبا الاستعمارية، وعدداً من النظم العربية الحليفة والتابعة لأميركا والغرب، يبذلون ما في وسعهم، لكي لا تكون الهزيمة بالقاضية، وربما تكون بالنقاط، أو بالحيلولة دون نصر المقاومة، ومحاولة إلصاق «النصر الزائف»، للنتن/ياهو للخروج من أرض المعركة واقفاً، بدلاً من الطرح على الأرض بقوة المقاومة، وفعل «طوفان الأقصى».
في الحقيقة فإن الكيان الصهيوني، قد سقط في مربع الهزيمة الكاملة، ومؤشرات ذلك، أفعاله الإجرامية التي لا تنمّ ولا تكشف إلا عن عصابة تحكم هذا الكيان، باعتباره أداة للاستعمار الغربي والأميركي في الإقليم، حفاظاً على النفوذ والمصالح والسيطرة على المنطقة ومواردها، وفرض الاستعباد على شعوبها العربية والشرق أوسطية، بما يحول دون وحدة العرب، والتناسق مع دول الجوار، أو إحراز التقدم بإغراقهم في الديون، والمشاكل.
ويتجلى انتصار المقاومة.. وهزيمة الكيان الصهيوني في ما يلي:
ـ استمرار المقاومة بكامل قوتها.. بل وتزداد قوة وخبرة، ولم يتمّ القضاء عليها كما استهدف جيش الكيان الصهيوني وحكومته.
ـ عدم تمكين المقاومة، للكيان الصهيوني من السيطرة على قطاع غزة، واحتلالها، بل لا يستقرّ جيش الكيان، بعض الوقت في الشمال أو الوسط أو الجنوب، إلا ويلقى مقاومة عنيفة، فيضطر إلى الانسحاب، والتنقل بين أجزاء قطاع غزة، ويضطر هو إلى التهجير وعدم الاستقرار. أيّ أنّ العدو لم يتمكّن من الاحتلال أو الاستقرار أو السيطرة، بل سقط في «الوحل الغزاوي»، وغير قادر على الخروج، الذي يعني الإذلال والانكسار والهزيمة الكاملة.
ـ عدم تمكين العدو الصهيوني، من إجبار شعب غزة، إلى التهجير القسري إلى سيناء، حسبما هو مخطط، أن يأتي بهم من الشمال ثم الوسط، ثم حصرهم في الجنوب، وإجبار مصر على فتح الحدود وخاصة معبر رفح، لدخول سيناء، ويخلو القطاع من شعب غزة، ليستقرّ فيه جيش الاحتلال، حتى يأتي المستوطنون الصهاينة بالإقامة في قطاع غزة، ويعلن العدو ضمّها إلى أرض الكيان! ولا يزال شعب فلسطين في غزة، رغم الهدم والتخريب والإرهاب الصهيوني، متمسكاً بأرضه، ورغم الحصار عليه من كلّ جانب ومحدودية دخول المساعدات، وغلق معبر رفح المصري، وهدم معبر رفح الفلسطيني! ولا يزال الشعب الفلسطيني في غزة، متمسكاً بأرضه.. وبالمقاومة، في صمود أسطوري وتاريخي غير مسبوق.
ـ كسر المقاومة لأسطورة الجيش الصهيوني الذي لا يُقهر، بعد أن دخل في طوفان الأقصى، واستمر في حرب بدأها ولكنه لا يعرف منتهاها، ويخضع للاستنزاف، وتضاعف الخسائر على كافة الأصعدة، يومياً، الأمر الذي أصبح، الخروج من المستنقع الذي ورّط نفسه فيه، صعباً، إنْ لم يكن مستحيلاً، رغم الدعم الأميركي والأوروبي، ومساعدات النظم العربية التابعة والحليفة لأميركا والصهيونية، والتي لم تتخذ موقفاً معادياً لهذا الكيان، ولو بقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، ووقف التطبيع، بل وأصبحت داعمة له، سعياً نحو استمراره!
ـ تحقيق المقاومة، مع جبهات المساندة في جنوب لبنان بقيادة حزب الله، والمقاومة العراقية واليمنية، لانتصارات، بالحصار من الجنوب بغلق باب المندب لمنع السفن من الوصول إلى ميناء أم الرشراش (إيلات)، حتى تمّ إيقاف هذا الميناء تماماً، والذي تعرّض للتدمير والضرب بالمُسيّرات، فتوقف نشاطه تماماً. ومن ثم ترتبت خسائرُ ضخمة بفعل المقاومة، اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، داخل المجتمع الصهيوني، الذي يموج بحالات من التمزق والانهيار الشامل. ويكفي ما تفعله المقاومة، من نشر تسجيلات لأسرى صهاينة، تمّ قتلهم بالصواريخ الصهيونية، يناشدون فيها، ضرورة التحرك نحو الوصول إلى اتفاق، لرجوعهم أحياء إلى أهلهم.
ـ تجلى النصر للمقاومة، في ما تحدثه من حالة خوف وهلع وذعر، نتيجة أفعال النتنياهو في الإقليم، باغتيال القائد فؤاد شكر في الضاحية، ببيروت، واغتيال القائد إسماعيل هنية في طهران، وضرب ميناء الحديدة على البحر الأحمر في اليمن، مما أدى إلى إصرار هذه الأطراف الثلاثة على الثأر من أفعال هذا النتن/ياهو، وبدأت بردّ حزب الله الأول، ويصمت الكيان عن الإفصاح، رغم إعلان السيد حسن نصر الله بنفسه عما حدث، ويتكتم النتن/ياهو، حتى الآن، رغم التسريبات عن ضخامة ما حدث في صحف غربية (نيويورك تايمز والغارديان البريطانية، وغيرهما). ولا يزال شعب الكيان يعيش حالة الذعر والخوف والفزع، في العاصمة (يافا – تل أبيب)، بل والحكومة نفسها في حالة ذعر أيضاً، وهو انتصار للمقاومة وهزيمة للكيان وحكومته.
ـ إذن نحن أمام انتصار للمقاومة.. وهزيمة وانكسار للكيان الصهيوني، وهناك من المظاهر التي لا حصر لها المؤكدة لهذا الاستخلاص بهذه النتيجة.
ـ إلا أن العدو الصهيوني، ارتكب من الجرائم في قطاع غزة، وانتقل للضفة الغربية في هجوم كاسح لمدة عشرة أيام (26 أغسطس/ آب – 5 سبتمبر/ أيلول)، ومقاومة فلسطينية شاملة، ما يفوق الخيال، ضد المدنيين والمؤسسات المدنية، والمستشفيات والمدارس والجامعات، والمباني الأهلية، وحوّل القطاع إلى خراب، والصور تنقل ذلك، ووصل عدد المجازر ما يفوق الـ (4) آلاف، وعدد الشهداء ما يفوق الـ (50) ألفاً، وعدد المصابين يصل إلى نحو (250) ألفاً، حسب تصريح القيادي د. أسامة حمدان، لقناة «الميادين» يوم 4 سبتمبر/ أيلول.
وقد جرّمته مؤسسات المنظمة الدولية (الأمم المتحدة) في الجمعية العامة ومجلس الأمن، وجرّمته محكمة العدل الدلية، وطالبت حكومة الكيان بالكفّ عن هذه الجرائم وتوقيف الحرب فوراً، ولا مستمع. والحرب الصهيونية على القطاع وتوقيف الحرب فوراً، ولا مستمع. والحرب الصهيونية على القطاع مستمرة! كما أنّ المحكمة الجنائية الدولية، أصدر المدعي العام فيها، بتوقيف النتن/ياهو (رئيس حكومة العصابة)، وغالانت (وزير الحرب)، ولكن المحكمة اعترفت أنها تتعرّض لضغوط شديدة للحيلولة دون إصدار الحكم!
والمشهد هو: مَن يملك من الدول في العالم، أن يتصرّف على هذا النحو الإجرامي، يقتل ويشرّد ويدمّر ويخرّب، دون حسيب أو رقيب، ولا يلتزم بمقررات الأمم المتحدة، ولا أحكام محاكمها الدولية (العدل – الجنائية)، إلا دولة مارقة، تدعمها دولة كبرى مثل الولايات المتحدة الأميركية، التي تشجع عصابة الحكم فيها على الاستمرار في العدوان والتنكيل بالشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وتشجيعها على الاغتيالات والتصرفات الهمجية التي تنتمي للعصور الحجرية، وما قبل التفكير في إيجاد المنظمات الدولية، بل وتشجيعها على عدم احترام القانون الدولي ومؤسسات العدالة الدولية. إنها أميركا العدو الأكبر للشعب العربي، وشعوب الشرق الأوسط.
لذلك فإنه قد وجب التحرك داخل الأمم المتحدة، لشطب عضوية الكيان الصهيوني المسمى بـ (إسرائيل) من عضوية الأمم المتحدة، لأنها ارتكبت الجرائم وأخطرها (الإبادة الجماعية – Genocide) التي لا تغتفر ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وعلى مدار (76) عاماً، ولم تلتزم، ولم تنفذ قرارات الأمم المتحدة سواء الصادرة من مجلس الأمن أو الجمعية العامة، عملاً، بنصوص ميثاق المنظمة، المواد (4، 5، 6، 18). ويحتاج ذلك إلى تفصيل في مقال مقبل، بإذن الله.
وختاماً: فقد انهزم الكيان على الأرض، وانتصرت المقاومة بالضربة القاضية، والحكم يرفض رفع يد المنتصر، ولذلك لا بدّ من العمل على شطب هذا الكيان من الأمم المتحدة، واستصدار قرار بدمغ الصهيونية بالعنصرية، ليتمّ القضاء عليها بعد تجريمها، بإذن الله…

*أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، جامعة قناة السويس، جمهورية مصر العربية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى