أولى

فشل الحملة على الضفة الغربية

كان مقرراً أن تسقط الضفة الغربية بالضربة القاضية بالنسبة لقيادة الكيان، بمجرد حسم الحرب على غزة وفق منظور النصر المطلق للحرب التي بدأت رداً على عملية طوفان الأقصى، وكان بعض الحالمين في الكيان يتوقع نجاح التهجير في غزة وينظر إلى ذلك كمقدّمة لبدء عملية تهجير مماثلة في الضفة الغربية.
تراجعت الآمال في الضفة الغربية بالربح بالضربة القاضية وبالتأكيد بخطة التهجير، مع تراجع الآمال الموازية بربح الحرب على غزة وتهجير سكانها، وصار الرهان على الفوز بمعادلة الردع مع لبنان لإتاحة الفرصة لتفاوض ينتج اتفاقاً مناسباً لكيان الاحتلال بشروطه لإنهاء حرب غزة، بصورة تكون خلالها الضفة الغربية قد فقدت السند الذي مثلته غزة لنضال المقاومة في الضفة الغربية مراراً. وكانت الحروب التي شنت على غزة رداً على هذا الإسناد في أغلب الحالات، وما يعنيه إضعاف غزة من فرص لبناء معادلات قوة مختلفة في الضفة الغربية، لكن رد حزب الله على العدوان الإسرائيلي على الضاحية الجنوبية لبيروت واغتيال القائد فؤاد شكر وما نتج عنه من تراجع فرضيّة الحرب على لبنان، وتراجع قدرات الردع بوجه المقاومة اللبنانيّة جعل القرار بالحرب على الضفة الغربية يصبح على الطاولة.
بدأت الحملة على الضفة الغربيّة بنيّة اجتثاث قوى المقاومة فيها استباقاً لأي فرص تفاوضية في الحرب على غزة، بعدما صار التفاوض مساراً إلزامياً مع انسداد الأفق أمام الفوز بالنصر المطلق في الحرب وتحوّلها مجرد آلة قتل عمياء للمدنيين.
واجه جيش الاحتلال خلال الحملة الاختيار بين حصر العملية في شمال الضفة وخسارة الجغرافيا أمام المقاومة التي تستطيع المناورة بحركتها بين مدن الضفة الغربية ومخيماتها، أو توسيع العملية لتشمل الضفة وما يرتبه ذلك من استنهاض كل من بنية حركة فتح وجزء من السلطة الفلسطينية الى جانب فصائل المقاومة، واستنهاض المستوطنين لارتكاب أعمال وحشيّة مستفيدين من العملية العسكرية، بما يزجّ بأوسع حضور شعبي فلسطيني في المواجهة إلى جانب المقاومة، ولذلك اتّجه جيش الاحتلال الى عملية إطباق على شمال الضفة الغربية وفرض الحصار عليه أملاً بتحقيق هدف القضاء على مجموعات المقاومة دون التورّط بمخاطر توسيع العملية على مساحة الضفة الغربية.
قبل يومين نظمت فصائل المقاومة في مخيم جنين بصفته مركز الحملة، عرضاً عسكرياً شارك فيه مئات المقاتلين بكامل أسلحتهم، ما يقول إن الحملة بعد عشرة أيام باءت بفشل ذريع، وإن القتل الذي مارسته قوات الاحتلال هو امتداد للقتل المشابه في غزة، كما أن الفشل العسكريّ هو امتداد للفشل العسكري المشابه في غزة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى