مناورة أميركية «إسرائيلية» جديدة لن تمرّ…
رنا جهاد العفيف
تسريبات أميركية و»إسرائيلية» عن مقترح جديد، تقول فيها… إما أن يُقبل المقترح كله أو يُترك جله، ما هي دوافع الولايات المتحدة التي تقف خلف تقديم عرض جديد بصيغة الاستقطاب؟ وكيف تنظر حماس لهذا المقترح؟
مناورة أميركية جديدة على عتبة تقديم مقترح جديد يوم الجمعة، فبحسب التسريبات، بأنه الحلّ الوسط الذي إما أن تقبل به الأطراف أو تتركه، لكن اللافت في سياق هذا الطرح من قبل واشنطن، هو أنه قبيل يومين قالت الولايات المتحدة بأنها قد تفكر في التخلي عن قيادة المفاوضات، وهذة نقطة بالغة الأهمية تحتاج إلى تفسير سياسي منطقي منها وإلا ستكون لها تداعيات من خلف الكواليس قد تظهر لاحقاً في معطيات المسار، خاصة أنّ الولايات المتحدة ترى نفسها اليوم في مأزق جدي، لا سيما بعد كلّ عرض تقدّمه ويتمّ رفضه من قبل حليفتها «إسرائيل» التي أعطت الخطاب الأميركي باللغة الإنكليزية زخماً معنوياً مقصوداً وهذه إشارة هامة في دلالة الموقف الإسرائيلي نفسه الذي ترجم حرفياً المبادرة «الإسرائيلية» إلى مبادرة أميركية، وطبعاً في كل مرة نتنياهو يرفض لاعتبارات وحسابات شخصية، وكذا التي تتعلق بالتيار اليميني الموالي له، وبالتالي خلاصة الموقف الأميركي بهذا الصدد تعود إلى إعادة إنتاج مواقفها لتستوفي مطالب الشروط «الإسرائيلية» بصيغة التسخير، ورأينا هذه النسخة في المفاوضات الأخيرة بدعم من الوسطاء العرب وكان لنتنياهو مطالب كثيرة الأمر الذي دفع بالمقاومة للتشدّد في المطالبة بالعودة إلى مبادرة 2 يوليو/ تموز.
أما حول ما الذي سيطرح وهنا مربط الفرس، إذا قرأنا اللهجة الواشنطية بدقة نجد بأنّ الولايات المتحدة تسعى إلى تدوير الزوايا لصالح نتنياهو بهدف توفير سلم النجاة ولو بشكل جزئي، بمعنى أدق لطالما يضع نتنياهو نصب عينيه البقاء في محور فلادليفيا وهذا الأهمّ طبعاً على اعتبار أنه يحتفي بهذا الأمر تارة باللغة العبرية وتارة أخرى باللغة الإنكليزية لما لذلك من أهمية استراتيجية لهذا الممر أو المعبر عدا عن قيمته الوجودية بالنسبة لـ «إسرائيل»، قد تكون الولايات المتحدة تطالب حليفتها بالإنسحاب بشكل علني مع وقف التنفيذ، لما في ذلك من نقاط عديدة لصالح الكيان، علماً أنّ التسريبات من خلال وسائل الإعلام الأميركية والإسرائيلية تقول بأن يكون هناك انسحاب «إسرائيلي» من محور فيلادليفيا في المرحلة الثانية لكن العرض الأميركي الذي سيقدم الجمعة بحسب وسائل الإعلام الغربية سيكون تفاوضاً على مراحل وعلى الطرفين أن يقبلا بها، علماً في المراحل السابقة كانوا يذهبون إلى التفاوض دون استئناف القتال أثناء ذلك، اليوم نرى العرض الجديد بحسب التسريب أنه سيكون هناك موافقة كاملة على كلّ المراحل، قد يجد البعض في هذه الجزئية طمأنة للمقاومة ولكن ليس بالمعنى المقصود لطالما سيكون هناك من سيحلّ مكان جيش الاحتلال بين قوسين قوات متعدّدة الجنسيات، ومن هنا نلاحظ أنّ النوايا الأميركية والإسرائيلية لها دوافع صهيونية منها الانتخابية ومنها حجب الاندفاع الأميركي لتغطية التعنّت الإسرائيلي الذي يهدّد استقرار الشرق الأوسط والعالم، وبالتالي للمصالح الأميركية حيوية لدى إدارة بايدن وبعض أركان البيت الأبيض، لا سيما أنّ بايدن يصف نفسه كأول صهيوني يتسلّم الرئاسة ويعدّ ذلك جزءاً من هويته منذ زيارته للكيان الإسرائيلي ولقائه بـ غولدا مائير، والذي وصفه بأنه أحد أهمّ اللقاءات في حياته، انطلاقاً من هذا نجد بأن هناك ربطاً متيناً بين ما تقدّمه واشنطن وبين ما ظهر في المؤتمر الصحافي لنتنياهو في التوقيت الذي سبق المبادرة الأميركية ليقول لواشنطن لا تذهبوا بعيداً سنرفض أيّ عرض لا يتضمّن بقاءنا في فيلادلفيا، وكان يتحدث باللغة الانكليزية لإثارة الرأي العام وهذا له دلالة سياسية ذات طابع أميركي.
وفي ما يخص نظرة حماس لهذا المقترح تدرك المقاومة بأنّ هناك وساطة على إيقاع الانتخابات تواجه بايدن، وتعلم جيداً بأنّ واشنطن تقدّم مظهراً يقوم على موقفين متناقضين بشكل أساسي من ناحية المسؤولية كوسيط ومن ناحية إنقاذ نتنياهو، وكانت للمقاومة تجارب عدة مع الولايات المتحدة، وطبعاً كانت غير جادة، خاصة حين تبلورت ورقة وافقت عليها حماس وهي ورقة 2 تموز الماضي والتي أصبحت قراراً في مجلس الأمن الدولي، لكن واشنطن لم تستطع إلزام نتنياهو وحكومته بالسير في هذه الورقة، رغم أنه المعروف أنّ هذه الورقة قدمها نتنياهو إلى الولايات المتحدة وحين وافقت عليها حماس تراجع هو عنها!