دبوس
الكذب اللامحدود والافعى السامة…
سباق محموم لإرضاء الكيان القاتل، حيث يصبح المحتلّ حملاً وديعاً يستدعي المؤازرة والمساندة والدعم، هذا هو المنطق المعوجّ الذي استحدثته إمبراطورية الظلم والعدوان، نفس العقل القاصر الظلامي والذي يجعل من المعتدي ضحيةً، ومن المعتدى عليه إرهابياً، هو ذات العقل، فيصبح المعتدي والسارق والقاتل وبقدرة قادر، ممتلكاً لـ «شرعية الدفاع عن النفس»، ويصبح المذبوح والمقتول والمعتدى عليه، وبقدرة قادر أيضاً، إرهابياً ومعتدياً، وتستمر أهزوجة الأكاذيب على منبر المناظرة الرئاسية بلا حياء، وبلا خجل، ومن دون ايّ إحساس إنساني أو قيمي…
همُّ كلا المتناظرين هو إطلاق سراح «الرهائن»، ولاحظوا كلمة «الرهائن»، أما الـ 15 ألفاً من المظلومين في سجون دولة الاحتلال المارقة، والذين ينكّل بهم في الليل والنهار، ويُحرمون من أدنى الحقوق المكفولة للأسرى والسجناء في كلّ سجون العالم، فلا يُذكرون أبداً، المهمّ هو التسابق لإظهار كلّ أنماط التعاطف والمحبة للكيان اللقيط، إرضاءً للصهيونية العالمية واللوبيات الضاغطة!
المسخرة في المشهد الكلي لهذه المسرحية الكوميدية هي الحقيقة المرّة والتي تتبدّى بجلاء لأيّ باحث عن الحقيقة، هي أنّ 2% من عدد سكان هذه الدولة الأعظم في التاريخ، يسيطرون سيطرةً مطلقةً على البلاد، ويتسابق كلّ طامح في اعتلاء المراتب العليا إلى استرضائهم للحصول على موافقتهم وتزكيتهم، ولعلّ هذا المشهد يجعلنا نتساءل عن مقدرة هذه الأقلية في التسلل كما الأفعى نحو مرابض القوة، ومن ثمّ السيطرة على شعوب وأمم أكبر منهم ديموغرافياً بكثير، ويجعلنا أيضاً نتساءل إنْ كان ما ادّعوه من رغبتهم في السيطرة على بلادنا من الفرات الى النيل هي من نفس نوع السيطرة التي يسيطرون فيها على أميركا ودول أوروبا، أيّ التسلل كالأفاعي الى مراكز القوة، والاستحواذ عليها من خلف الكواليس، والسيطرة بالتالي على القرار السياسي وعلى كل شؤون البلاد…
ثم يجعلنا أيضاً نتمعّن في حقيقة الأمر الآن، وليس في المستقبل، من أنهم قد فعلوا ذلك فعلاً، حينما نرى انّ الأغلبية الساحقة من دول المنطقة وأنظمتها وهي تدير ظهرها لما يحدث في فلسطين، لا بل وتمدّ يد العون للكيان القاتل بدلاً من ان تتصدّى له!
لن نفاجأ أبداً انْ اكتشفنا انّ معظم الأنظمة في المنطقة هي كالحذاء في أرجل هؤلاء الصهاينة، وانّ القرار، والأمن القومي، ومستقبل هذه الشعوب، بل وكتبها المقدسة، ومناهج الدراسة التي تصنع الأجيال القادمة، كلّ ذلك قد سقط تحت وطأة هذه الأقلية السامة…
سميح التايه