أولى

الانسحاب الأميركي من البحار

– جاء الأميركيون بأفضل ما عندهم من حاملات طائرات ومدمرات وسفن حربية وغواصات الى المنطقة لأنهم يعتقدون أن لهذا الحشد وظيفة تتصل بالحرب الدائرة، سواء كانت الوظيفة معنوية اعتبارية ردعية أو عملياتية حربية، ولأنها لم تنجح بتحقيق هدف الردع بدليل تواصل التهديدات التي قالت إنها سوف تردعها، كما لم تنجح بالقيام بعمل عسكري يغيّر المعادلات، يصبح السؤال مشروعاً عن سر سحبها.
– لم يكن في حساب الأميركيين أن لا تقيم قوى المقاومة حساباً لحشودهم البحرية، وأن تتصرّف كأنها غير موجودة وتمضي في تنفيذ قراراتها بتفعيل جبهات القتال تحت شعار مساندة المقاومة الفلسطينية في غزة، سواء في جبهة اليمن والبحر الأحمر حيث مفهوم الأمن القومي الأميركي على المحك، أو في جبهة لبنان حيث مصدر القلق الرئيسي للأميركيين من إمكانية التصعيد في ظل حجم ما يملكه حزب الله من مقدرات وتحت السقف الذي رسمه لتدخله وفق الاحتمالات المفتوحة إذا تعرّضت حركة حماس لفرضية الهزيمة.
– حاول الأميركيون استخدام القوة في مواجهة اليمن، واسترداد حضورهم في البحر الأحمر، وكانت النتيجة إضافة للفشل الذريع الذي تجسد بنجاح اليمن في منع السفن التي يريد منعها من عبور البحر الأحمر، رغم محاولة القوات البحرية الأميركية توفير الحماية لعبور هذه السفن من جهة، وتوجيه ضربات موجعة تشل قدرة اليمن على التدخل من جهة موازية، وتكبّد الأميركيون إصابات مؤلمة في القطع البحرية التي جاؤوا بها إلى المنطقة، وفي مقدّمتها حاملة الطائرات ايزنهاور.
– جاء رد حزب الله على اغتيال القيادي فؤاد شكر ليصيب الأميركيين بالذهول، وقد كان تعليقهم لافتاً بتوصيف الرد بأنه أوسع نطاقاً مما كانوا يتوقعون، وكان على القيادة الأميركية أن تنأى بقواتها من مخاطر التعرّض لضربات تجبرها على دخول الحرب والاكتفاء بدور الوساطة التفاوضية وتقديم الدعم المالي والتسليحي والسياسي لجيش الاحتلال، خصوصاً في زمن انتخابات رئاسية لا يحتمل خسائر كبرى ولا قرارات كبرى.
– اللافت هو أن هذا الانسحاب جاء قبل حدوث الرد اليمني والرد الإيراني، رغم أن الأميركيين قالوا سابقاً إنهم سوف يقدمون المساعدة في مواجهة هذين الردين، لأن الجغرافيا لا تسعفهم ليقدموا المساعدة في مواجهة مع حزب الله، ما يعني أنهم توصلوا لقناعة مفادها أن مشاركتهم الدفاعية الى جانب الكيان قد تجعل قطعهم البحرية أهدافاً لنيران الصواريخ والطائرات المسيّرة.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى