أخيرة

آخر الكلام

الشيخ والبحّار والزورق…

 

يكتبها الياس عشّي

 

يُروى أنّ شيخاً من شيوخ اللغة أراد أن ينتقل إلى جزيرة في وسط البحر، وفي أثناء الرحلة سأل الشيخُ البحّارَ صاحبَ الزورق:
يا ولدي… أتحسنُ الصرفَ والنحوَ؟
أجابه البحّار:
والله يا شيخ أنا أُمّي ما بعرف لا القراءة ولا الكتابة.
فقال له الشيخ:
إذن، يا بُني، ذهب الربعُ الأول من عمرك.
وبعد قليل، عاد الشيخ يسأل:
يا بنيّ… ألك معرفة بعلم الفلك؟
وجاء جواب البحار بالنفي، فقال له العالم النحوي:
إذن ذهب الربع الثاني من عمرك.
وقبل أن يصل الشيخ إلى الربعين الثالث والرابع، وينهي حياة البحّار، هبّت عاصفة، وراحت الأمواج تتلاعب بالزورق، سأل البحّار الشيخ:
يا شيخنا المحترم… هل تجيد السباحة؟
فقال الشيخ وقد أصيب بالهلع:
كلّا يا بُني.
فقال له صاحب الزورق:
إذن… ذهب كلّ عمرك!
*****
تجسّد هذا الحوار أمامي فيما كنت أتابع الحملة المبرمجة، والمعدّة سلفاً، على القرار المتخذ للسماح للنازحين السوريين بقبولهم في المدارس الرسمية والخاصة، في وقت يعيش لبنان في أتون من الأزمات بدءاً باقتصاد منهار، مروراً بفراغ رئاسي، وانتهاءً بالاعتداءات الصهيونية التي لم تتوقف منذ قيام الكيان الإسرائيلي حتى اليوم.
أولئك الذين اعتلوا المنابر الإعلامية، ودعوا إلى التراجع عن قرار السماح للنازحين السوريين بالدخول إلى المدارس، بارعون في علم الحساب، وفي علم الفلك، وحتّى في التنجيم، ولكنهم قد يغرقون، ويغرق معهم المصفقون لهم، في أول «طوفان» يجتاح لبنان.
وعلى هامش ما قيل، وما سيُقال، حول القرار «الخطير» الذي اتخذه مجلس الوزراء حول قبول التلاميذ النازحين في المدارس، أريد أن أفتح قوسين لمعلومة يجهلها الكثيرون من اللبنانيين:
على الحدود اللبنانية ـ السورية في شمال لبنان، هناك أراضي مشتركة تتداخل حدودها، وكثير من اللبنانيين ألحقوا، وما زالوا يلحقون، أولادهم في المدارس السورية.
ونقطة على السطر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى