حُكم آل سعود… في قبضة السُديريّين
يوسف الصايغ
على وقع العدوان السعودي الخليجي على اليمن وما يُحكى عن انقسام داخل أروقة الأسرة الحاكمة تجاه العملية العسكرية، بات من الممكن القول إن الانقلاب استكمل نظام آل سعود بعد سلسلة الإعفاءات والتعيينات الأخيرة التي أصدرها سلمان بن عبد العزيز، في خطوة تشبه إلى حدّ بعيد ما أقدم عليه شقيقه الراحل فيصل عام 1965 بعزل شقيقه الملك سعود مع بعض الاختلافات.
لكن رياح التغيير لم تأت وفق السيناريو المرسوم لها بحسب ما أعلنه الأمير المجهول «مجتهد»، إذ كشف في تغريدات سبقت صدور القرارات الملكية أن «الأمير مقرن يتعرّض لضغط من قبل أحد الأقوياء لكي يبادر بنفسه إلى إعلان التنحّي بصيغة يجرى الاتفاق عليها بدلاً من أن يتمّ إبعاده بأمر ملكي، وبأنّ متعب بن عبدالله يُحذّره من الموافقة على هذا المخرج، لأنّ الأخير لا يزال يراهن على أن مقرن يستطيع إعادته بعد وفاة سلمان وإقصاء محمد بن نايف».
وعن تعيين عادل الجُبير وزيراً للخارجية، غرّد «مجتهد»: «سفير السعودية لدى واشنطن الذي وصل إلى الخارجية بضوء أخضر أميركي، كان على وشك أن يُقال لأنه محسوب على خالد التويجري رئيس الديوان الملكي السابق الذي عُزل من منصبه فور وفاة الملك عبدالله»، ومما لا شك فيه أنّ بصمات محمد بن نايف، الحائز ثقة الأميركيين بدت واضحة في التغييرات الأخيرة الحاصلة، إذ عمل على إقصاء مقرن الذي كان يعدّ آخر ملوك الجيل الأول.
اللافت أيضاً أنّ العاهل السعودي الجديد لم يستند في مراسيمه إلى مرجعية «هيئة البيعة» التي أسسها الملك عبدالله الذي عيّن الأمير مقرن ولياً للعهد، وشدّد على ضرورة عدم تغييره أو عزله حتى بعد وفاته، وتأكيد توليه منصب الملك في حال شغوره. وفي هذا السياق، برز إعلان الأمير طلال بن عبدالعزيز رفضه مبايعة محمد بن نايف ولياً للعهد ومحمد بن سلمان ولياً لولي العهد. وقال إنّ القرارات التي اتخذها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز: «ارتجالية ولم تأت تحت مظلة نظام البيعة».
وأوضح في بيان نشره على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «فوجئت عند نهاية العهد ما قبل الحالي وهذا العهد بقرارات ارتجالية أعتقد بعد التوكل على الله أنها لا تتفق مع شريعتنا الإسلامية ولا أنظمة الدولة، وسبق لي أن ذكرت في هذا الموقع أنه لا سمع ولا طاعة، وبالتالي لا بيعة لمن خالف هذا وذاك».
في الخلاصة وبعد تنحية مقرن عن ولاية العهد والقضاء على أمله بتولي الحكم خلفاً للملك سلمان، بات واضحاً أنّ الجناح السديري في الأسرة السعودية الحاكمة أحكم قبضته على مفاصل الحكم، وتمّ تكريس نفوذه حاضراً ومستقبلاً، فقد بات الحكم في عهدة أميرين من الجيل الثاني هما محمد بن نايف ومحمد بن سلمان. لكن يبقى السؤال عن ردّ فعل باقي أمراء الأسرة الحاكمة الذين جرى تجاوزهم في قلب موازين الحكم، لا سيما أحفاد الملك المؤسس، فهل من مفاجآت مقبلة؟ ومن يضمن ألا يكرّر محمد بن نايف حين يصبح ملكاً ما فعله الملك الحالي سلمان الذي لم يلتزم ما قرّره سلفه عبدالله، وبالتالي من الممكن أن يعفي ولي عهده محمد بن سلمان ليعيّن أحداً آخر مكانه؟ وهذا كفيل بأن يضع العائلة الحاكمة في السعودية في مواجهة تحديات غير محسوبة ولا متوقعة، وأن يصبح مستقبلها مفتوحاً على كلّ الاحتمالات.