مقاومة المشروع الصهيوني واجب وطني وقومي وإنساني
د. عدنان نجيب الدين
الصهيونية حركة عنصرية بامتياز، ولا تقتصر على اليهود الذين لا يشكلون سوى نسبة بسيطة من الصهاينة في العالم. ومشروع الصهيونية هو السيطرة على مقدّرات الشعوب ونهب ثرواتها، وتطويع الحكومات العربية وغير العربية لخدمتها من خلال الإغراءات أو التهديدات بالنيل منها بالقتل أو الانقلابات عليها. وهي تستثمر في المنتمين للديانة اليهودية، ولذلك أقامت لهم دولة في فلسطين سمّوها «إسرائيل» لتحمي مصالح المستثمرين الصهاينة ومصالح الدول الغربية التي تعمل ضمن مشروعهم الإمبريالي، حيث نجد الصهاينة يمتلكون غالبية الأسهم في معظم الشركات والمصانع العالمية وكذلك المصارف الرئيسة التي تتبع لهذه الدول التي تشعل الحروب في أيّ بلد لا يخضع إرادتها من أجل السيطرة على موارد الدول الفقيرة، لا سيما في أفريقيا وأميركا الجنوبية وبعض دول قارة آسيا. كما أنها تحكم هيمنتها على أنظمة الحكم في منطقتنا العربية لاستمرار تدفق النفط والغاز إلى بلدانها ولجعل العالم كله سوقاً استهلاكية لمنتجاتها الصناعية ولا سيما العسكرية منها.
من هنا نرى أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والدول الغربية الأخرى تقف مع هذا الكيان الغاصب بالرغم من ارتكابه المجازر بحق الشعب الفلسطيني والجرائم ضدّ الإنسانية التي يرتكبها ضدّه وضدّ شعوب المنطقة وآخرها جريمة تفجير أجهزة التخاطب اللاسلكية في لبنان والتي ذهب ضحيتها آلاف الجرحى وعشرات الشهداء من دون إدانة لها من المجتمع الدولي الغربي.
وعلينا جميعاً كلبنانيين أن نتضامن مع بعضنا البعض في مواجهة هذا العدوان الصهيوني الإجرامي على شعبنا، وهذا يحتم على المسؤولين السياسيين وخاصة من هم موجودون في السلطة أن يستنفروا ويتخذوا كافة الإجراءات اللازمة التي تمنع العدو من القيام بأي عمل إرهابي آخر للإضرار بشعبنا أو النيل من مؤسّساتنا الأمنية والعسكرية وكلّ الأجهزة الرسمية.
فالعدو الصهيوني المجرم لا يتورّع عن فعل أيّ شيء لضرب لبنان واللبنانيين وإيذائهم والانتقام منهم لأنهم استطاعوا طرد جيشه المحتلّ من لبنان في العام 2000، وهزموه في حرب تموز ـ آب 2006، وأذلوه بقوة ردع المقاومة له طيلة مدة حرب المساندة لشعب غزة المقاوم، حيث تمّ تهجير المستوطنين الصهاينة من الجليل، وكذلك ضرب الاقتصاد الصهيوني فيه، وقتل وجرح المئات من جنوده وتدمير معظم ثكناته وأجهزته التجسسية المتطورة.
في مقابل ذلك نرى أنّ الأنظمة العربية لم تقف في وجه الجيش الصهيوني في حربه على غزة والضفة الغربية ولم تفعل شيئاً لتحمي غزة ولا شعب فلسطين حتى لا تغضب أميركا وكذلك خوفاً على كراسي الحكم وتمسكاً بالسلطة.
نقطة اخرى لا بدّ من الإشارة اليها وهي: اننا عندما نقرأ العهد القديم الذي استندت اليه الصهيونية لاجتذاب ملايين اليهود إلى فلسطين، نجد فيه كلّ الدعوات إلى احتلال أراضي الغير لأنّ «يهوه» قد وهبها لهم، ونقرأ فيه آيات تدعو لقتل النساء والأطفال وخاصة الرضع منهم، وكذلك الذكور الذين لا يخضعون لهم ولا يقبلون أن يكونوا عبيداً لهم. فهم «شعب الله المختار» وباقي الشعوب «بهائم خلقوا على صورة بشر لكي يليق بهم خدمة اليهود».
والمؤسف أنه جرى السماح بضمّ «العهد القديم» (المزوّر) الذي كتبه أحبار اليهود على امتداد قرون إلى العهد الجديد الذي يدعو إلى المحبة والسلام والتسامح والغفران، في مجلد واحد أطلق عليه اسم «الكتاب المقدس»، والعهدان يناقضان بعضهما البعض.
لذلك نقول: إنّ مواجهة المشروع الصهيوني ومقاومته هو واجب وطني وقومي وإنساني لتخليص البشرية وتخليص العالم من الشرور التي لا يتورّع الصهاينة عن ارتكابها بحق الإنسان والإنسانية، وهذه الشرور هي التي ستؤدي إلى حروب لا هوادة فيها لأنّ الصهاينة العنصريين الجشعين الوحوش مصمّمون على نهب ثروات العالم والهيمنة على مقدرات الشعوب وسلبها حرياتها وحقوقها الوطنية، وعلى استباحة كلّ شيء من أبسط حقوق الإنسان إلى القوانين والمواثيق الدولية والقيم الأخلاقية، وحتى على تغيير العقيدتين المسيحية والإسلامية من خلال تبني عقيدة تخدم أهدافهم وهي «الديانة الابراهيمية» لإشاعة «السلام المزيف» الذي يعني بالنسبة إليهم سلام السيد مع عبيده. فعن أيّ سلام يتحدث المطبّعون مع الكيان الصهيوني أو الداعون إلى التطبيع معه؟