ندوة حول كتاب «حكايات لبنانية في الأزمة» في طرابلس
أقيمت في جامعة القديس يوسف – صرح لبنان الشمالي ندوة حول كتاب “حكايات لبنانية في الأزمة” الصادر عن جرّوس برّس ناشرون، بدعوة من مجموعة “فيحاؤنا – حاضنة الثقافة لكل الأزمان”.
وكانت كلمات عرفت من خلالها ليان مسلم بالمتحدثين في الندوة. اما الكلمة الترحيبية فكانت لمديرة حرم جامعة القديس يوسف في الشمال الدكتورة فاديا علم أبو جودة.
وألقت الدكتورة عائشة يكن كلمة “تجمع فيحاؤنا”، ورأت فيها أن “حكايات لبنانية في الأزمة”، كتاب جميل، يجمعُ بين دفتيه خمس عشرة شمعة، جمعتهم فكرةٌ وإرادةٌ وطموح، يحملُ وجعًا، أو يوجّه رسالة، أو يطلقُ صرخةً، بإحدى اللغات الثلاث، العربية والفرنسية والإنكليزية، لخيرُ دليلٍ على ما يمكن للمواهب الشابة، باختلاف أطيافها ومشاربها، أن تنتجَه عندما تجتمعُ على هدفٍ واحد، وخيرُ دليلٍ على أن في الاتحاد إبداعاً وتكاملاً. فعندما تتشابكُ الأيدي، وتمتزجُ الألوان، تكونُ النتيجةُ لوحةَ موزاييك فريدةً من نوعها، ترضي كل الأذواق. وعندما تتحوّلُ الأزمةُ إلى مبادرةٍ إيجابية، فهذا عينُ الإبداع.
بدوره، أعرب الأستاذ ناصر جرّوس عن فخره بإصدار هذا الكتاب، الذي هو نتاج لتعاون مشترك لـ١٥ شاباً وشابة مقيمين ومغتربين، كتب كل منهم أقصوصته عما يمرّ به الوطن من أزمات. وبالرغم من الظروف الصعبة التي نعيشها، رأينا أنه من واجبنا أن نشجعهم ليبرزوا طاقاتهم ويعبروا عن آرائهم وعن تعلقهم بوطنهم وأنهم يعيشون أزماته، إن كانوا مقيمين أو مغتربين.
ورأى جرّوس فيهم “أمل لبنان وأفضل صورة عنه باعتباره بلد الثقافة والإبداع والتنوع والانفتاح يستدعي من جانبنا إطلاق هذا الكتاب لدعمهم وحثهم على المزيد”.
ثم توالت كلمات لكل من الدكتورة زهيدة درويش جبور، والدكتورة أميلي فيعاني شماس والأستاذة ربى الصمد، حيث اكتشفت الدكتورة درويش مدى إتقان الأقلام الشبابية للغات الثلاث وبخاصة لغتنا العربية، ومقدرتهم الأدبية، ووعيهم الثاقب لقضايا الوطن ونقمتهم على الطبقة السياسية الحاكمة ورغبتهم الكبيرة في التغيير وثقتهم بأنهم قادرون على صنع مستقبل يليق بهم. والأهم من كل ذلك أن ريع الكتاب يعود لصالح صيادي مدينة الميناء لإصلاح قواربهم بمساعدة مشكورة من «مؤسسة الطوارئ».
والكتاب نشر لدى جروس برس الذي لا يوفر صاحبها جهداً لدعم الثقافة في مدينته طرابلس. وأدعو الأصدقاء إلى قراءته لأني واثقة انهم سيجدون فيه المتعة والفائدة».
ورأت الدكتورة إميلي فيعاني شماس في كلمتها التي ألقيت عنها بالإنابة في «قصص لبنانية عن الأزمة» خيطاً مشتركاً بين هذه القصص القصيرة الخمس، هو هذه الأزمة التي تشمل السجن والقلق بالإضافة إلى المستقبل الغامض والمهتز، لكن موضوعاتها تختلف وتتحوّل إلى مشهد آسر: التحرّش، الهجرة، المرض، الحياة الزوجية والعنصرية، كل هذا موجود. ولا توجد قصة تشبه الأخرى لا من حيث السرد أو حبكة الأحداث أو في العمليات النحوية: فنحن أمام باقة رائعة من القصص المؤثرة والمتنوّعة ذات الأسلوب البسيط الذي يرش أحيانًا بلمحات شعرية. بالفعل، تشير العناوين الخمسة إلى ظلمة العزلة والرغبة في الحرية.
وأشارت الأستاذة ربى الصمد في كلمتها الى أن ولادة مشروع الكتاب والهدف منه تمت من خلال الرغبة في التوثيق والتعبير عن التداعيات العاطفية والاجتماعية للأزمات اللبنانية من خلال الأدب، وهو شهادة على مرونة وإبداع الكتاب اللبنانيين الشباب. وأن إدراجه أصواتاً من الشتات اللبناني يضيف عمقًا إلى المجموعة، ويؤكد أن آلام الوضع في لبنان تمتد إلى ما هو أبعد من حدوده. كما يتميز الكتاب أيضًا بالتزامه بالمسؤولية الاجتماعية، حيث يتم توجيه جميع الأرباح لدعم الأسر اللبنانية الضعيفة ماليًا. وتؤكد هذه المبادرة على تفاني المؤلفين ليس فقط في توثيق الأزمة ولكن أيضًا المساهمة بنشاط في تخفيف تأثيرها. وبالرغم من ذلك، إذا كنت أريد أن أكون مراجعًا منصفًا، فإن قوة المجموعة تكمن أيضًا في التحدي الذي تواجهه؛ فقد أدت أنماط الكتابة المتنوّعة ومستويات الكفاءة اللغوية بين المساهمين إلى بعض التناقض في تجربة القراءة. ومع ذلك، فإن هذا التنوّع يضيف إلى أصالة الكتاب، مما يجعله انعكاسًا قويًا ومؤثرًا للنضالات الحالية في لبنان. وبشكل عام، يُعدّ كتاب “قصص لبنانية في أوقات الأزمات” عملاً أدبيًا مهمًا يقدم نظرة فريدة وشخصية للأزمة اللبنانية، ويعمل كوثيقة تاريخية ووسيلة للتعبير العاطفي لجيل يعيش في أوقات غير عادية.
وكانت مداخلة “عن بُعد” للأستاذة مايا مسيكة طرحت فيها سؤالاً حول لماذا لبنان؟ لأن لبنان يعني لنا الكثير خاصة بالنسبة للأشخاص الذين يولدون في الخارج، ونحن المغتربين، تزداد قوة انشدادنا اليه بالرغم من بعدنا عنه، ولكن تتولد من تلك العلاقات تناقضات كثيرة، ولكن يبقى في داخلنا وبحب كبير وحنين أكبر هي “النوستالجيا” التي تأخدنا دائماً الى الجبال الخضراء والأسواق القديمة، الى ظل شيء جميل الى صورة ليست فيها شوائب مع أن الواقع للأسف ينطوي على معاناة كبيرة. أما مجموعتنا القصصية لم تكن مجرد كلام منمق ووجدانيات وحسب، ولكنها قصص مختلفة بالظاهر وملتحمة الباطن، لأن حُب لبنان ورغبتنا بأن يكون لنا بصمة صغيرة بتعمل فرق، وهذا كان أكبر شيء يجمعنا. وما فوجئنا به هو حينما تسلمنا النصوص الأولى لتلك القصص التي توجه كتابها الى تبني قضايا مختلفة تمس الشعب اللبناني، ويمكن أن تمس أشخاصاً من بيئات مختلفة أيضاً. وهذه من نقاط القوة التي زادت من تمسكنا بالمشروع. وباستطاعتنا القول إن هذه المجموعة القصصية الشبابية جمعتها رابطة الوطنية والإرادة نحو تحقيق رؤية فيها أمل.
وأوضحت جودي الأسمر في كلمتها إنّ “حكايا لبنانية في الأزمة” “تجسّد لي تجربة نضج على كافة المستويات، وخصوصاً المهنيّة، في وقت أسأل فيه مهنة الصحافة في لبنان؛ لبنان حيث تحللت معايير الخير والشر، وحيث ماتت العدالة.
في هذا الزمن الصعب، وُلِدت “حكايا لبنانية في الأزمة”، نؤرّخ لواقع رديء، نشق من خلاله مستقبلنا، وحيث القبض على الأحلام يشبهُ القبض على جمرة من النار. أردنا من هذا الكتاب أن نصحّح بعض المفاهيم أو على الأقل أن نكون نقديّين:
أولاً: الشباب اللبناني ليس نابذاً للقراءة، الشباب اللبناني يقرأ ويؤلف، ومنهم أدباء صاعدون.
ثانياً: المغتربون لم ينسوا وطنهم، بل هم مورد ثقافيّ وماديّ لا غنى عنه في لبنان.
ثالثاً: طرابلس قطب ثقافي لبناني، وها قد جاءتكم بمشروع ثقافي هو الأول من نوعه في لبنان.
رابعاً: يوجد في لبنان لغة أجمل من لغة الطوائف والحرب والفيدراليات.
خامساً: فكرة الكتاب مثيرة، لكن المضمون هو الأهم. نحن نكتب لنُقرَأ، وننتظر بشوق آراءَ قرّائنا – الانتقاد قبل المديح”.
وختمت الأسمر كلمتها بأن “الكتاب قد وُلد من رحم مجتمعنا وهو موجّه إليه، فنحن نسعى من خلاله إلى إثارة النقاش وتحدي المعتقدات السائدة”.
وتخلل المداخلات عرض لفيلم وثائقي. وفي الختام، كان توقيع للكتاب.