الأمور بخواتيمها… وإنّا لمنتصرون
د. عدنان نجيب الدين
المخطط الصهيوني الغربي الجهنمي للهيمنة على المنطقة بدأ الإعداد له منذ ما قبل قيام الكيان الصهيوني وصولاً إلى احتلال كامل فلسطين وسعياً الى تنفيذ مشروع «إسرائيل الكبرى» من خلال الحروب المتتالية على بلادنا المجاورة لفلسطين. وهذا ما لم تخفِه كوندوليزا رايس في تصريحها الشهير أثناء زيارتها إلى بيروت اثناء الحرب العدوانية التي شنها الكيان الصهيوني على لبنان في تموز 2006، واعتبرت أنّ هذه الحرب هي المخاض لولادة الشرق الأوسط الجديد. وهذا ما أعاد قوله نتنياهو في بداية حرب الإبادة على غزة بانه سيقوم بتغيير خارطة الشرق الأوسط.
نحن نعلم انّ الغرب وبعض العرب المنخرطين في المشروع الصهيوني الغربي لا يريدون أيّ مقاومة لا في لبنان ولا في فلسطين ولا في أي بلد عربي. والأنظمة العربية المتعاونة في تنفيذ هذا المشروع تخشى من انتصار المقاومة الذي سيفقدها كل ركائز حكمها بعد انقلاب شعوبها ضدّها بسبب التضليل الذي مورس عليها كلّ هذه السنوات وجعلها تشعر بالانكسار أمام العدو.
وللأسف، الغباء لدى البعض والتواطؤ لدى البعض الآخر تمّ توظيفهما في تنفيذ هذا المشروع الذي يعمل الشرفاء والمقاومون على إحباطه بالرغم من تقديمهم التضحيات الجسام من الدماء والتهجير والآلام.
وهنا، لا بدّ من التذكير بأنّ المقاومات التي تنشأ نتيجة أيّ غزو أو احتلال لا تلقى دائماً الاحتضان المطلوب من كلّ فئات الشعب. فالمقاومة الجزائرية، على سبيل المثال، لم تكن تحظى بدعم كلّ الشعب الجزائري، لكن، بسبب عقد النقص والشعور بالدونية لدى البعض، أو بسبب الامتيازات التي كان الفرنسيون يخصّون بها المتعاملين معهم كان يقف هؤلاء المتعاملون مع المستعمر ضدّ أبناء شعبهم المقاوم للاستعمار. وكان هؤلاء المستفيدون يفضّلون مصالحهم الشخصية على المصالح الوطنية، فكانوا يروّجون لحسنات الاحتلال الفرنسي لبلادهم ويشوّهون صورة المقاومين ويتهمونهم بأنهم يجلبون لشعبهم الموت والخراب. وكانت جرائم الاحتلال الفرنسي بحق الشعب الجزائري تضاهي في بشاعتها ما يقترفه الجيش الصهيوني اليوم بحق أهالي غزة
كما انّ هذا البعض المتعامل راح الى أبعد من ذلك، إذ انخرط في جيش الاحتلال ضدّ أبناء بلده. وبعض الجزائريين عمد إلى التخلي عن لغته العربية واتخذ من اللغة الفرنسية أداة للتخاطب مع أبناء وطنه معتبراً نفسه فرنسياً، وراح يظهر نوعاً من الاحتقار تجاه من يتكلم العربية ويعتبره متخلفاً. تماماً كما يحصل اليوم عندنا في لبنان لدى بعض الذين أرادوا أن يمسخوا أنفسهم ويشوّهوا ثقافتهم الوطنية ليتشبّهوا بالأجانب فيحاولون التماهي معهم ومع المشروع الغربي الصهيوني في لبنان، لكن الأجنبي يبقى أجنبياً وينظر إلى هؤلاء نظرة استعلائية ونظرة احتقار.
أما نتيجة الصراع مع المستعمر الفرنسي فكانت الانتصار الكبير للثورة الجزائرية وللمقاومين الأبطال الشرفاء، وهكذا هزمت فرنسا وخرجت من الجزائر مدحورة، وخرج معها كلّ هؤلاء المتعاونين أذلاء، وما زال الكثيرون منهم ومن أبنائهم يعانون في فرنسا من التمييز العنصري تجاههم.
التضحيات كانت كبيرة جداً، نعم، لكن هذا هو ثمن الحرية التي لا يعرف الكثيرون عندنا قيمتها ومعناها. وهذه الحرية هي التي تتوّج بالكرامة الوطنية والعزة القومية التي هي أغلى ما تملكه الشعوب الحرة.
وكما انتصرت المقاومة في الجزائر ستنتصر المقاومة في فلسطين وفي لبنان وفي أي بلد عربي يواجه الغزاة الصهاينة والمستعمرين بالإيمان بعدالة قضيتنا وبإعداد ما تستطيعه من قوة.
الكيان الصهيوني سوف يتفكك من الداخل وتحت ضربات المقاومة التي ستحرمه الأمن والأمان، وستحرمه من الاستثمارات وسوف يغادر الصهاينة فلسطين يجرّون معهم أذيال الخيبة والفشل، وبالرغم من انّ إجرامهم خطير سنتحمّل في سبيل ان نبقى أعزاء مرفوعي الرؤوس رغم كلّ التضحيات لأننا شعب عظيم. والأمور بخواتيمها، وإنا لمنتصرون بإذن الله…