أخيرة

دبوس

نراك هناك…

 

إنها معركة أشرف خلق الله، ورَثة الأنبياء والقديسين والصالحين، ضدّ أسفل وأنجس وأشرّ خلق الله، قتلَة الأنبياء والأطفال والحقيقة، والله لو أنّ عيسى وموسى ومحمداً موجودون معنا وبين ظهرانينا الآن لقتلوهم وتفنّنوا في ذلك بالذكاء الصناعي وتكنولوجيا القتل والإبداعات الشيطانية!
حينما ينظر الواحد منا الى هذا الكوكب الذي نعيش على ظهره، وقد تسيّد الشرّ كلّ مناحيه، واستشرى الظلم والجور والرذيلة، وانكمش الخير والإيثار وتراجعت الفضيلة، واستُبيحت الحقيقة، فذُبحت على أعتاب قصور الطغاة والماجنين، وأصبح الكذب والدجل عالي الصوت مجلجل النبرات، وغدا الحق يُهمس به همساً وعلى استحياء، وانتبذ الأشراف وأولي الشهامة والرفعة وأرباب الحكمة أطرافاً من المساحة، وترك جلّها للأوغاد يعيثون في الارض فساداً، ويملأون الدنيا صخباً زائفاً وعهراً وفجوراً…
حينما يحدث كلّ هذا فلن تجد أخلص الناس وأكثرهم صدقاً وتسامياً إلّا طالبين للرحيل وراجين المغادرة.
لقد رحلت، سيّدي، لأنك آثرت مقاتلة الظلم والفجور والتوحش في معركة تعلم أنها غير متكافئة، ولم تغمد سيفك لحظةً واحدةً، وانطلقت بجندك ارتفاعاً وشموخاً حتى حققت التوازن الاستراتيجي مع عدو مدعّم بكلّ أدوات القتل من كلّ وحوش الأرض، بل وبدأت تحثّ الخطى نحو أن تصبح يد المظلومين هي العليا، وأذقت عدوّك وعدوّ الحقّ وعدوّ الله مرارة الهزيمة تلو الأخرى، وأوْلجتنا عصرَ الانتصارات بعدما أُثخنّا هزائم وانكسارات، ولكن القدر شاء أن تغادرنا ونحن في معمعان المعركة الفاصلة، شهيداً صنديداً مغواراً لا تساوم ولا تهادن ولا تداور، فدفعت حياتك ثمناً لوقفتك ناصراً للمظلومين، ولم تحد عن جادة الحق قيد أنملة، فهنيئاً لك أيها الحبيب الشهادة، ووعد منا أننا سائرون بلا هوادة، على طريقك ونهجك، طريق الحق والبطولة والإباء ومقارعة الظالمين، طريق أبي عبدالله الحسين وجده محمد وأبيه حيدرة.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى