أولى

مفاجأة العراق بعد اليمن

يتعرّض العراق ومساهمته في وحدة الساحات إلى استخفاف الكثير من المحلّلين والمتابعين، كما تعرّض إعلان اليمن عن فتح جبهة الإسناد في بدايات الحرب على غزة إلى الاستخفاف من الكثير من المحللين والمتابعين، إما بسبب مواقف عقائديّة وسياسيّة مسبقة منعتهم من رؤية ما سوف يفعله اليمن وما هو قادر على فعله، أو بسبب رؤية نمطية تم تسويقها تاريخياً عن اليمن المتخلف والأمي والتي تم الأخذ بها من الكثيرين دون التدقيق بتاريخ اليمن الذي بقي عصياً على الاستعمار وحده دون كل بلاد العرب، والذي يعود له التاريخ الحضاري والعمراني الذي يتباهى به العرب لمرحلة ما قبل الإسلام، والذي يعود له الحديث عن الإبداع العقلي والذهني في مقولة الحكمة يمانية.
بسبب هذا الاستخفاف تفاجأ الكثيرون بما اعترف به كيان الاحتلال من خسائر جسيمة تسببت بها طائرات مسيّرة أطلقتها المقاومة العراقية باتجاه تجمّعات جيش الاحتلال ولواء جولاني بالتحديد في منطقة الجولان السوري المحتل، سواء بسبب حجم الخسائر الإسرائيلية المعلنة من جهة، ودقة الاستهداف من جهة مقابلة، بمثل ما كانت المفاجأة عندما بدأت تظهر نتائج ما نجح اليمن بإثباته في معادلة وحدة الساحات من تحدٍّ للهيمنة الأميركية على البحار والمضائق، خصوصاً البحر الأحمر ومضيق باب المندب، أو ما تسبّب به من فرض حصار اقتصاديّ حقيقيّ على الكيان أخذت نتائجه بالظهور تباعاً، وكان رمزها الظاهر فرض إغلاق ميناء إيلات.
ينسى كثيرون أن المقاومة العراقيّة هي نخبة الحشد الشعبيّ العراقيّ الذي ألحق الهزيمة بتنظيم داعش خلال سنوات قليلة، بعدما قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن الحرب معه سوف تمتدّ لعشرات السنين، وإن هذه المقاومة تُعتبر البنية الأكثر قدرة على تعبئة المقاتلين للمشاركة في حرب خارج بلدها، بين قوى محور المقاومة، وقد شاركت بالآلاف في الدفاع عن سورية، وإنها تملك أفضل تسليح نوعيّ بين قوى المقاومة بما يوازي قدرة المقاومة في لبنان، وإنّها تقوم بتصنيع الكثير من أسلحتها وذخائرها، وإنها على خط الإمداد الإيراني دون تعقيدات الجغرافيا، وإنها تمتلك مهارات عسكرية عالية في صفوفها، كما ظهر في استهداف القاعدة الأميركيّة عند البرج 22 على الحدود الأردنية العراقية السورية، الذي فرض قبولاً أميركياً بالتفاوض على الانسحاب من العراق بعد مقتل جنديين أميركيين.
ربما فات البعض أن المقاومة العراقية التي انطلقت بصفتها تشكيلات منسقة ومنظمة مرة ثانية بعد تأسيسها في مواجهة الاحتلال الأميركي بين عامي 2003 و2011، وأن التأسيس الثاني لكل فصائلها ترافق مع الحرب مع تنظيم داعش، تحت ظلال فتوى المرجعيّة من جهة، وبقوة التنسيق والرعاية المباشرة مع السيد حسن نصرالله، وأن استشهاد السيد نصرالله ومواكبة المرجعيّة لهذا الاستشهاد، يشكلان دافعاً قوياً لتحوّل نوعيّ في حجم مشاركة المقاومة العراقية ونوعها، وأن ما رأيناه ليس إلا البداية فقط.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى