أولى

شرق أوسط جديد…

‭}‬ مأمون ملاعب

مع كلّ حرب يشنّها العدو علينا يطالعنا أحد قادته أو أحد قادة الولايات المتحدة بمقولة تغيير الشرق الأوسط أو بشرق أوسط جديد.
وطبعاً هذا يعكس رفضهم للوضع الحالي عندنا ونيّتهم بالتغيير. وطالما أنّ المقولة صادرة عن الأعداء، فإننا ندرك ما يريدون تغييره ونتصوّر ما يريدون تحقيقه… في المقابل نحن نواجه العدو ونعمل بجهد وتضحية على إفشال مخططاته فيبدو أننا نسعى للحفاظ على الوضع كما هو. نحن أيضاً نريد شرقاً جديداً.
ما يضايق الأعداء وجود دول وجماعات لا تقبل الرضوخ وتفرمل مشاريعهم السوداء القبيحة النتنة. لا يكتفون بضعف دولنا وعجزها ولا بفقر الناس وتعاستهم ويفرضون علينا التخلف كمجتمعات والذلّ كحكومات والمظلوميّة كبشر ويريدون أكثر.
الشرق الأوسط الجديد الذي يريدون يجب أن يخلو من أيّ مقاومة وأن تكون دوله أكثر عجزاً، دول مذهبيّة تدور في الفلك الأطلسي واقتصادها مرتبط بـ «إسرائيل» تمهيداً لـ «إسرائيل أكبر».
قال سموتريتش خلال حرب الإبادة على غزة إنّ العالم لن يسمح لهم بقتل مليوني شخص جوعاً، بما يعني أنه يريد ذلك لو يسمح العالم، والبديل عندهم طردهم إلى سيناء، لأنّ يهودية الدولة تشترط طرد فلسطينيّي الضفة أيضاً دون أيّ اعتبار لأيّ معاهدة إضافة إلى احتقارهم لأي ّضمانة من أيّ جهة صدرت.
عشر سنوات من الحرب على سورية ومن ثم سنوات مستمرّة من الحصار واحتلال أجزاء منها دون أيّ مراعاة لأيّ قيَم أو إنسانيّة، وعشرات السنوات من الحروب والحصار ومحاولات التفتيت في العراق. كلّ هذه الهمجيّة والتوحّش في سعيهم لـ «شرق أوسط جديد».
نحن اليوم نعيش المآسي وبعض شعبنا مشرّد يفترش الأرض ويحاصره الموت. نحن نتألّم حين نشاهد العمران الذي ينهار والجرائم بحق العزل المدنيين، يلاحق الموت حتى الأطفال، وبين هذه المآسي تتجلى وحدة قلّما نراها. اللبناني هو الفلسطيني والعكس صحيح، وهو العراقي والسوري، يُضاف إليهم التعاطف اليمنيّ والدعم غير المحدود. صحيح أنّ بعض الداخل في كلّ هذه الكيانات أقرب إلى العدو في تفكيره ومعتقداته لكنه الآن صوته منخفض.
نحن نريد شرقاً جديداً بدون دولة الإرهاب، نريده متحرّراً من النفوذ والغطرسة الأميركية، موحداً متماسكاً يضع مصالحه فوق أيّ مصلحة. نحن نريد منطقة سيدة تشارك العالم بالإنسانية والرقيّ والحضارة وهي أهلٌ لذلك. هذا الصمود الأسطوري في غزة والبطولة المميّزة في الضفة، هذا القتال في جنوب لبنان يشكّل مدرسة للعام أجمع بالثبات، والعزيمة، والذكاء والبطولة، حفنة من الرجال المؤمنين تدحر جيشاً مؤللاً بعديده وعتاده ومدارسه.
شهد التاريخ الكثير من الملاحم لكن أجملها ملحمة السابع من تشرين الأول وننتظر مثلها في جنوب لبنان، ونحن الذين نريد منطقة جديدة وخريطة جديدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى