أخيرة

دبوس

الطوفان الكاشف

 

لقد كان الطوفان الذي لم يترك وجهاً ولا عورةً ولا خبيئةً إلّا وكشفها، وتساقط ورق التوت فتبدّت العورات للناظرين، حتى أصبح حريّاً بنا أن نسمّيه طوفان ورقة التوت، لقد كشف في ما كشف أنّ هنالك مسلمين صهاينة، وأنّ هنالك عرباً صهاينة، وأنّ فيهم من هو صهيونيّ حتى أكثر من صهاينة الكيان اللقيط…
لقد كشف الطوفان الوجه البشع للغرب، وقدرته المذهلة على النفاق، والبون الشاسع الواسع بين ما يقول من معسول الكلام والمبادئ والقيم والشعارات، وبين ما يمارس فعلاً من توحش وفاشية وعنصرية وقتل ونهب للشعوب ومقدراتها،
لقد كشف الطوفان في ما كشف، انّ أميركا لم تتغيّر رغم محاولات التجميل على مدى قرون من الزمن، فهي ذاتها تلك الأميركا، ونفس الأنجلوساكسون الذين أقاموا هذا الصرح الشيطاني الهائل والمدعو أميركا، لم يتغيّروا شروى نقير، نفس أولئك الذين أبادوا أمة هائلةً كانت تقطن تلك القارة منذ آلاف السنين، يحاولون الآن إبادة شعوب أخرى وفي مقدّمها الشعب الفلسطيني، أما محاولات الظهور بمظهر الوسيط، وصانع السلام، فتلك هي أساليب مستجدّة للتورية والمخاتلة على التوحّش اللامتناهي الذي يصبغ وجودهم، ويلازم كلّ ممارساتهم، ويتجذّر في شخصيتهم…
لقد كان الطوفان دليلاً لا لبس فيه، بائناً ناصعاً مباشراً بأنّ التحرك من منطقة الابتعاد عن العدو الى منطقة الملاصقة، سيلغي كلّ قدرات العدو الفائقة في القتل عن بعد، وسيجعله في حالة انهيار كامل، وسيلغي قدرته على استعمال تفوّقه الساحق في القتل عن بعد، ما حدث في السابع من اكتوبر هو ان مقاتلي غزة الأبطال، تحركوا بسرعة فائقة من منطقة يستطيع «الإسرائيلي» ضربها عن بعد، الى منطقة ملاصقة صفرية من قوات العدو، وأصبح الصراع رجل لرجل، فتمكّنت مجموعة من المقاتلين الشجعان تحييد فرقة برمّتها، وشطبها تماماً من الوجود.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى