«الصمود في وجه العدو»… كتاب التاريخ الموحد تفتحه مدارس طرابلس / مدير الثانوية الأستاذ علي عيسى: رغم المآسي نحن منتصرون
عبير حمدان
يُختصر الوطن بين أروقة مدارس طرابلس وقراها حيث فتح الشمال أبوابه للوافدين تحت عنوان التضامن الكامل والتمسك بمبدأ عودتهم المؤكدة الى بيوتهم بعد انتهاء الحرب رافعين راية الانتصار المتعمّدة بدماء الشهداء.
في إحدى ثانويات المدينة التي بُنيت بحجارة أكبر من عمر “العدو” تحوّل ضجيج الملاعب إلى مساحة للترفيه عن أطفال أتوا قسراً الى محيط آمن حيث يقرأ الجميع التاريخ في كتاب موحد عنوانه الصمود في وجه العدو.
بعيداً عن الأسماء تُخاطِبنا العيون ويصبح التجوال بين الصفوف المدرسية وفي الحديقة التي تتوسطها شجرة الزيتون كمن يتنقل بين قرى الجنوب والبقاع وشوارع الضاحية ولسان حال النسوة والأطفال “راجعين ع بيوتنا”، وذلك لأنهم يثقون بالمقاومة وقدراتها.
رغم صعوبة الواقع الذي تعيشه العائلات في ظلّ عدم توفر المستلزمات اليومية إلا انّ التكيّف فعل مقاومة، وفي ذلك ثقافة تتفوّق على آلة الحرب وفق تعبير مدير الثانوية الأستاذ علي عيسى الذي شدّد على “مفهوم التكيّف مع الواقع القائم انطلاقاً من الهوية المقاومة، ولأنّ العائلات التي لجأت إلى مدارس الشمال مقاوِمة فهي قادرة على التكيّف كما أهل المنطقة الواثقون من الانتصار رغم كلّ المآسي”.
رافقَنا عيسى بين “الزوار” حيث أنّ أهل الشمال يرفضون وصف أهلهم بـ “النازحين”، وهم بدورهم كانوا يشدّدون علينا كي “نشرب القهوة” ليخبروننا عن شوقهم لقراهم ويومياتهم، أما الأطفال فقد سخرت ضحكاتهم من إجرام العدو رغم أنهم كبروا قبل الأوان ليدركوا أنّ على هذه الأرض كلّ ذرة تراب تستحق الحياة.
ولفت عيسى إلى انّ مدينة طرابلس وقراها أكبر من منطق التهميش الذي كان سائداً جراء الأداء السياسي الذي ظلم شمال الوطن، بالإضافة الى الصورة النمطية التي جعلت البعض يرى أنّ طرابلس هي “قندهار” في مرحلة من المراحل، وقد أثبتت هذه المدينة أصالتها بأبهى صورة من خلال احتضان أهلها الصادق والعفوي لكلّ الوافدين إليها وتقديم كلّ من يلزم من دعم معنوي بالدرجة الأولى لتكون رأس حربة في فعل الصمود.
وأشار عيسى إلى أنه رغم الظروف الصعبة التي نمرّ بها يبقى التعليم ضرورة وذلك يتطلب خططاً واضحة ومدروسة يمكن الإضاءة عليها لاحقاً، أما في العنوان العريض فقد أكد على أهمية أنسنة التعليم ليؤسّس لتربية وطنية بحيث تدرك الأجيال حقيقة التاريخ وتكتسب المعرفة بشكل ذاتي بما يضمن تعلّمها مدى الحياة لأنّ ذلك هو الأبقى.
ودّعنا أهل الجنوب والبقاع والضاحية والأستاذ علي عيسى الذي ختم اللقاء بعبارة “رغم المآسي نحن منتصرون”.