أخيرة

دبوس

شاهد ما شافش حاجة

 

لقد خلقت نشوة الشعور بالانتصار خلال الشهر الفائت حالةً مخاتلةً من الظفر غير الواقعي، وسيترتّب على ذلك استفاقة الكيان بعد قليل على أنه تورّط في حرب استنزاف لا نهاية لها، وعدم القدرة على تحقيق أيّ من أهداف الحرب، والذي سيؤدّي بالضرورة الى تصعيد ليس له مثيل، سيواجه تصعيداً من قبل محور المقاومة، والذي بدوره سيؤدّي الى حرب استنزاف بوتيرة أكثر ارتفاعاً، الى منطقة لن يتأتّى للكيان المقدرة على تحمّلها، لقد أرادت “إسرائيل” اكتساب زخم بعد الضربات والاغتيالات التي قامت بها momentum بسبب شعور مخادع بالانتصار، وفي واقع الحال فإنّ ذلك لا يعدو كونه انتصاراً تكتيكياً ستتبعه هزيمة استراتيجية، ولست بحاجة لأن أكون موجوداً فيزيائياً في غرف عملياتهم، وميكانيكية صناعة القرار، فـ باستقراء الهندسة العكسية لمجريات الأحداث، أستطيع ان أستبطن ما حدث بالضبط من نقاشات وطروحات وآراء بين فلاسفة الحرب في الكيان، كما يطلقون عليهم، من أفيف كوخافي، ثم بعد ذلك هيرتسي هاليفي،
لقد قام هؤلاء الفلاسفة باستعراض كلّ الحروب التي كان فيها الجيش التقليدي في طرف، وفي الطرف الآخر كان مقاتلون ينتمون الى نهج حروب العصابات gorilla warfare، من الحرب الفييتنامية، إلى حربي أفغانستان، إلى غزو العراق، وحتى حرب 2006 في لبنان، وخرجوا الى خلاصة مؤداها انّ الطريقة الوحيدة للانتصار في هذا النمط من الحروب، والتي خسرتها الجيوش التقليدية في جميع الأمثلة السابقة، هي القيام بحرب إبادة شاملة لكلّ شيء، ثم الزحف بعد ذلك على أرض محروقة بعد إبادة الإنسان والحجر والشجر والبنى التحتية، وكلّ شيء فوق الأرض، وتحمّل تبعاً لذلك خسران الرأي العام العالمي وانكشاف السردية الكاذبة على مدى عقود…
سيكتشفون لاحقاً، ورغم الآلام الماحقة، والدماء النازفة بلا حساب من طرف محور المقاومة، أنهم خسروا الرأي العام والشارع العالمي، وتبعثرت سرديتهم وتمزّقت بسبب تكتيكات التوحّش والإبادة الجماعية هذه، ثم انهم لم يكسبوا الحرب، الآن يريدون إخراج اليونيفيل من جنوب لبنان حتى يتسنّى لهم تدمير الجنوب اللبناني على الطريقة الغزّية قبل التمكّن من التوغل في الجنوب، ومن دون شهود، أو شهود من نمط جو بايدن وأنطوني بلينكن، الذين، وبعد ستين ألف شهيد من الأطفال والنساء، لم يجدوا دليلاً يشي بحدوث إبادة جماعية، وليكن ذلك على هيئة قوات دولية بدلاً من اليونيفيل، يتمّ تفصيلها على المقاس الذي يرتضيه الكيان القاتل، أيّ، شاهد ما شافش حاجة.

سميح التايه

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى