أولى

رفاق الدرب… قيادة متماسكة على طريق النصر

‬ فراس رفعت زعيتر

بعد استشهاد الأمين العام لحزب الله، أيقونة الأحرار وقائد المقاومة، سماحة السيد حسن نصرالله، في عملية اغتيال وحشية هزّت لبنان والعالم، وجدت المقاومة نفسها أمام امتحان تاريخي. فقد كان السيد الشهيد رمزاً للمقاومة وقائداً أسّس منهجاً متكاملاً للنضال ضدّ الاحتلال الإسرائيلي. ولكن، على الرغم من هذا الفقد الجسيم، لم تتراجع المقاومة. بل على العكس، ازداد تماسك القيادة، ورفاق درب السيد، الذين شاركوه في كلّ خطوة من المسيرة، وقفوا متحدين في مواجهة التحديات، واضعين نصب أعينهم هدفاً واحداً: تحقيق ما كان يصبو إليه قائدهم ورفيقهم.
القيادة التي تقود حزب الله اليوم ليست «جديدة»، بل هي نخبة من رفاق الدرب الذين عملوا جنباً إلى جنب مع السيد نصرالله في أحلك الظروف. هؤلاء القادة، الذين كانوا دائماً إلى جانب السيد، أصبحوا اليوم في الواجهة، مستندين إلى الخبرة والتجربة التي اكتسبوها على مدار سنوات طويلة من النضال. هذه القيادة لم تكن بحاجة لإعادة بناء أو توجيه جديد، بل كانت مستعدة، بفضل العقيدة الراسخة وروح التضحية التي زرعها السيد الشهيد، لمواصلة المعركة بكل قوة وإصرار. رفاق الدرب أثبتوا أنّ وفاءهم لسيدهم لا يقف عند حدّ الحزن على استشهاده، بل هو وفاء عملي يظهر في إدارة العمليات العسكرية والسياسية بشكل دقيق وحاسم. لقد رأينا في الأيام التي تلت الاستشهاد كيف تمكّن هؤلاء القادة من إعادة تماسك الصفوف، والردّ على الضربات التي تلقاها الحزب بعد هذه الفاجعة. لم يكن همّهم الشخصي أو مواقعهم القيادية ما دفعهم للتحرك، بل إيمانهم بأنهم يحملون أمانة السيد الشهيد التي لا يمكن التراجع عنها. كل قرار اتخذته هذه القيادة كان ينبع من الروح الجماعية التي ميّزت حزب الله منذ نشأته. في كل موقف، وفي كلّ عملية، كان الهدف الأول والأخير هو تحقيق النصر الذي عمل السيد نصرالله من أجله حتى لحظاته الأخيرة. هذه الروح، التي أضاءها السيد بنهجه المتماسك، جعلت من المستحيل على العدو أن يضعف الحزب رغم كل الضربات.
التكاتف الذي أظهره رفاق السيد الشهيد في هذه الفترة الحساسة كان مذهلاً. لقد برهنوا أنّ القيادة لا تعتمد على فرد واحد، بل على منظومة متكاملة من القادة المخلصين الذين يعرفون كلّ تفصيل في مسار المقاومة. هذا التماسك ظهر في كلّ خطوة، سواء في العمليات العسكرية التي تصاعدت وتيرتها، أو في الخطابات التي عكست روح التحدي والإصرار على المضيّ قدماً نحو النصر. وهذا ما ظهر جلياً في إطلالات نائب الأمين العام سماحة الشيخ نعيم قاسم، الذي وجد نفسه أمام معركة ذات أبعاد مصيرية، ليس فقط لاستكمال طريق المقاومة، بل للحفاظ على الإرث النضالي للسيد الشهيد. الشيخ قاسم نجح من خلال ثلاث إطلالات بإظهار عمق القيادة والإصرار على استكمال الطريق، فكانت إطلالاته بمثابة بوصلة للمقاومة المتجذرة في عقيدة الحق التي أرساها سيدها. وفي كل ظهور، كانت كلماته تطمئن القلوب وترفع الروح المعنوية لجمهور المقاومة بعد مرحلة اهتزاز طبيعية بفعل الضربات الموجعة، مجدداً الثقة بأنّ الراية التي حملها السيد نصرالله ستبقى مرفوعة. والأهمّ هو التأكيد على أنّ هذه القيادة كانت وما زالت تعمل ككتلة واحدة. فالقادة الذين شاركوا السيد نصرالله في سنوات الصمود الطويلة لم يتوقفوا عن التحرك بروح جماعية. لقد أظهروا أنّ القوة الحقيقية لحزب الله تكمن في تماسكه الداخلي وفي قدرة قادته على تحويل المحن إلى فرص.
القادة الذين يتولون اليوم إدارة المعركة هم أكثر من مجرد قيادات عسكرية أو سياسية، بل هم حراس لإرث السيد نصرالله. لقد أظهروا في كل خطوة أنهم يسيرون على خطاه، ويعملون جاهدين لتحقيق الأهداف التي وضعها. كل عملية مقاومة جديدة هي استكمال لهذا النهج، وكل كلمة ينطقون بها تعكس تمسكهم بالعقيدة التي أرساها. لقد أثبت رفاق السيد نصرالله أنهم على قدر التحديات، وأنهم قادرون على السير بالمقاومة إلى الأمام رغم كل العقبات. هذه القيادة لا تنظر إلى الوراء، بل تسير بخطى واثقة نحو تحقيق النصر الذي كان السيد نصرالله يؤمن بأنه آتٍ لا محالة. في النهاية، فإن رفاق درب السيد نصرالله، بتكاتفهم وتماسكهم، يثبتون للعالم أنّ المقاومة لا تزال قوية، وأنّ دماء السيد الشهيد هي وقود يعزز روح الصمود في وجه العدو. القيادة التي تقود حزب الله اليوم ليست مجرد مجموعة من الأفراد، بل هي جسد واحد يحمل راية النصر التي لطالما حلم بها السيد الشهيد.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى