حرب الشعارات «إسرائيل» أوهن من بيت العنكبوت
نمر أبي ديب
عام على الطوفان، و»كيان الاحتلال الإسرائيلي» يعتصر في خوابي «التعتيم الإعلامي»، كما في استراتيجية اللا مبالاة ثقل الهالة الوجودية التي فرضها «طوفان الأقصى»، وأحاط بها وجودية الكيان «الإسرائيلي» ومبدأ الاستمرارية الهشة، التي لم ولن يضمن بقاءها حرب، أو حتى اغتيال، بالرغم من سلوك «إسرائيل» الارهابي، ومنهجية الإبادة الجماعية، التي اعتمدها كيان الاحتلال في حربه على قطاع غزة ولبنان، فقد كشفت متدرجات ومراحل الحرب التدميرية حجم المأزق الوجودي، الذي رتبه «طوفان الأقصى» على كامل المساحة الفلسطينية، كشفت الفوضى «الإسرائيلية»، ومعها حاجة الكيان إلى توفير سبل الخروج السياسي الآمن من عنق زجاجة أزماته الداخلية عبر عناوين عسكرية مصطنعة، نابعة من رمزيات قوة تضاهي من حيث الشكليات، الفكرة الأساس التي قامت عليها عملية «طوفان الأقصى»، وأحد أبرز عناوين الساعة ما تداوله الإعلام العبري، وأكّد من خلاله «أنّ الجيش الإسرائيلي شنّ هجوماً واسع النطاق على جميع أنحاء قطاع غزة، في نفس توقيت بدء عملية 7 تشرين الأول قبل عام).
ما تقدّم، عكس من زوايا مختلفة الحالة المَرضيّة التي يعيشها كيان الاحتلال ومعها استحالة التعايش مع فكرة أو نبض قوة «فلسطيني الهوى، أم لبناني المنشأ، أو حتى يمني أو عراقي»، يمكن أن يمسّ بأمن كيان الاحتلال واستمراريته القائمة على ثقة لم تعد متوفرة، لدى أغلب مكونات «المجتمع الإسرائيلي»، وهنا تجدر الإشارة، إلى أنّ «حرب التوقيت»، التي شنّها كيان الاحتلال «الإسرائيلي»، بمثابة ردّ عسكري متأخر من قبل كيان الاحتلال نفسه، على خطاب «الذّم الإسرائيلي والاستخفاف»، الذي طال إنجاز حماس التاريخي، المتمثِّل حينها في عملية «طوفان الأقصى».
لا شك في أنّ استشهاد سماحة السيّد حسن نصر الله، أضاف إلى عناوين الاستثمار «الإسرائيلي» بـ «نقاط القوة» المستعارة من الولايات المتحدة الأميركية، وغيرها من القوى الدولية الحليفة، فصلاً جديداً واستثنائياً، لم تكتمل مراحله الميدانية بمعزل عن ترجمة «إنجازات» سلاح الجو على مسرح العمليات العسكرية، ما يؤكد في صريح العبارة فشل كيان الاحتلال في حصد النتائج المرجوّة، وتثبيت مفاعيل اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله سياسياً وعسكرياً.
في سياق متّصل، إعلان رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو أنّ «إسرائيل هي القوة الوحيدة في العالم التي تحارب إيران» كجزء لا يتجزأ من حرب الشعارات، التي شكّلت وما زالت على مستوى الوجود والثبات «الإسرائيلي»، متلازمة بقاء بالرغم من استشهاد سماحة السيد، ما يؤكّد على هشاشة الكيان، وأيضاً على محورية «حرب الشعارات»، ودورها المركزي في صياغة ورسم مستقبل «إسرائيل» القابل للانكفاء، وأيضاً للهزيمة بحرب الدعاية، رغم الفارق التكنولوجي الكبير، وما يملكه الجيش «الإسرائيلي» من «فائض قوة»، أكّدت عليها استراتيجية سلاح الجو.
الحديث عن محورية «حرب الشعارات»، وتأثير الدعاية السياسية كما العسكرية على مسار الكيان الاستراتيجي، نابع من الفكرة الأساس، التي قامت بها وعليها «شرعية مشروع الكيان» ألا وهي الربط المصطنع ما بين «الشعب المختار» بين قوسين، و»كذبة الدولة»، التي وجد فيها المايسترو الغربي، فرصة الدمج ما بين «الفكرة والجغرافيا»، فكانت الكذبة التاريخية الكبرى ومعها فكرة الدولة الوهمية، يُضاف إليها شعارات البقاء والاستمرارية الملزمة على أكثر من مستوى سياسي، واقتصادي، وأمني، وحتى عسكري، لكيان الاحتلال «الإسرائيلي»، وأيضاً للجبهة العالمية المعنية ببقاء الكيان وضمان أمن «إسرائيل».
ما تقدّم ألقى الضوء بصورة شاملة، لا بل استثنائية على جوانب مهمة وأساسية من المشهد الإقليمي، الذي يعيش اليوم بمجمل مكوناته السياسية وحتى الحزبية، مراحل متقدّمة من «التكيُّف» الأمني، كما السياسي والعسكري، مع أمر واقع استعماري فرضته الدول الكبرى المعنية في بقاء واستمرارية كيان الاحتلال، (هذا في الشكل)، أما في المضمون الاستراتيجي، تتراقص المنطقة على وقع الشعارات التي يسوّق لها بعض الإعلام العربي، ويُراد من خلالها تجرُّع المنطقة كأس المظلومية اليهودية لتمرير عاملين: «حق إسرائيل في الوجود»، وثانياً حق الدفاع عن كيانها الاستعماري، ووجودها الاحتلالي، ذات الطبيعة العدوانية والنفس الدموي، المتجسِّد في كلّ من فلسطين المحتلة وسورية ولبنان، قبل ولادة حركات المقاومة في البلدان والدول المستهدفة، وأيضاً قبل تشكيل حزب الله في بعديه السياسي والعسكري.
على صفيح المنطقة الساخن قامت متدرجات الدعاية «الإسرائيلية» ومعها حرب الشعارات التي ما زالت مستمرة بفعل التضليل السياسي و»الجهد الإعلامي» المبذول في هذا الشأن، هنا تجدر الإشارة إلى وجودية أزمات الكيان المستترة بوشاح التعتيم الإعلامي، وما نشهده اليوم من تعاظم في مستوى «الخطاب التضليلي»، عكس من زوايا مختلفة، عدم قدرة «إسرائيلية» على الحسم، وسط غياب كامل لمقومات الترجمة الفعلية لـ»مفاعيل القوة»، النابعة من نتائج سلاح الجو، والفعل الاستخباري.
«إسرائيل أوهن من بيت العنكبوت»، وما تحقق رغم ثقله الإنساني العاطفي والمادي لم ولن يقدم لكيان الاحتلال «الإسرائيلي» ضمانات البقاء، أو سبل الاستمرارية، في مراحل «الخراب الثالث»، ومصيرية عقدة الثمانين…