«أهكذا يٌعامَل النازحون يا بعض شعب لبنان العظيم؟
علي بدر الدين
طغى ما تسرّب من «أجواء إيجابية» بعد لقاء الموفد الأميركي آموس هوكشتاين وأمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، مع رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري في عين التينة، على ما عداه من أخبار ونشاطات سياسية وديبلوماسية محلية وخارجية، وربما حتى على مواصلة العدو «الإسرائيلي» حربه الهمجية على لبنان وارتكابه المجازر بحق المدنيين في مدن الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع وبيروت وغيرها من المناطق، واستهدافه للمستشفيات والطواقم الطبية والتهويل على بعضها، وتدمير مكاتب جمعية القرض الحسن، وكأنّ هذه الحرب قد توقفت فعلاً، أو باتت «قاب قوسين…» من وقف إطلاق النار، مع أن لا شيء واضحاً بعد، ولا من أحدٍ أعلن على الملأ وأمام وسائل الإعلام عن القرار رقم واحد، ثم تتبعه المفاوضات.
ما حدث لغاية الآن ليس أكثر من محاولات ومساعٍ ديبلوماسية للوصول إلى هكذا قرار، وليس على الأرض ما يؤشّر بعد إلى أن تنفيذ وقف إطلاق النار أصبح سارياً.
التجارب علّمت اللبنانيين أنّ العدو «الإسرائيلي» لا يلتزم بالقرارات الدولية، ولن يقبل إلا بشروطه الاستسلامية، ومن المستحيل أن يقبل لبنان هذه الشروط التي تتعارض مع مصلحته وسيادته واستقلاله، ويعطي الكيان الغاصب في السلم ما عجز عن أخذه بحربه المتوحشة.
المهمّ، أنّ اللبنانيين والنازحين منهم أغرقوا أنفسهم بالتفاؤل بوقف الحرب «الإسرائيلية» على لبنان، وبالعودة السريعة إلى مدنهم وقراهم وديارهم وحياتهم الطبيعية.
من حقهم أن يستبشروا خيراً وأن يتحقق حلم العودة القريبة الآمنة، لأنه كما يُقال: «اللّي إيدو بالنار مش متل اللّي إيدو بالمي»، ولكن المبالغة في التفاؤل والغرق بالظاهر والشكليات والكلام ليس في محله ولا في توقيته «لأنّ حكي السرايا ليس كحكي القرايا»، وما يُحكى على الإعلام ليس بالضرورة أن يكون صحيحاً، أو يمكن الاعتداد به أو التعويل عليه .
الجميع يستعجل التوصل إلى انتهاء الحرب وسريان مفعول وقف إطلاق النار، خاصة «جماعة» النازحين الذين اكتووا بنار النزوح وتداعياته التي كانت ولا زالت وبالاً عليهم، وحملاً ثقيلاً، ربما تعجز الجبال عنه، لأنّ النازحين المشرّدين والمشتتين، أُستهدفوا من التجار الجشعين ومن أصحاب العقارات الإستغلاليين، ومن كلّ الذين يبيعون ويشترون في سوق «عكاظ» هؤلاء الطيبين المغلوب على أمرهم الذين ذاقوا وما زالوا مرارة النزوح وذله وإهانته من بعض «المريضين» نفسياً وطائفياً ومناطقياً واستبداداً واستغلالاً، على قاعدة «إجت والله جابها»، يعني جاءت قضية النازحين كفرصة للبعض منهم ليمارس طبيعته في النهب والنهَم والافتراس والجشع والاصطياد والنهش بلحم «أخيه» من دون رادع أو رحمة أو خجل. حتى وصلت الأمور إلى انه لا يحقّ للنازح أن يستقبل أحداً في مكان إقامته المؤقت، وأنه يتوجّب عليه أن يدفع سلفاً عن ثلاثة أشهر أو أكثر، وإن حصل وقف لإطلاق النار وعاد إلى بيته الأول يخسر ما دفعه، وعليه أن يدفع تأميناً مسبقاً اذا كان البيت «مفروشاً» وشهراً بدل عمولة و…
أهكذا يٌعامَل النازحون يا بعض شعب لبنان العظيم؟
نعم وألف نعم، من حقّ النازحين المغضوب عليهم والذين وقعوا في الفخاخ وبين «مطرقة طمع أصحاب البيوت وسندان جشع التجار» أن يتفاءلوا ويتأمّلوا وينتظروا بفارغ الصبر وبأحرّ من الجمر، أية إشارة أو خبرية حتى ولو كانت وهماً وسراباً تقرّب لهم موعد العودة السريعة إلى قراهم، حتى لو كانت بيوتهم ركاماً…