هل تنتج التقاطعات الخارجية رئيساً توافقياً في تموز المقبل؟!
حسن سلامه
قبل أقل من أسبوعين من انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، يبدو مستبعداً حصول انتخاب رئيس جديد في الفترة المتبقية، طالما أن فريق 14 آذار متمسك بترشيح رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع. وطالما أن تيار «المستقبل» يناور ويرفض حتى البحث مع حلفائه في إمكان ترشيح شخص آخر، غير رئيس «القوات»، لكي يمكن القول إن البلاد اجتازت خطوة من سلسلة خطوات قبل الوصول إلى توافق بين القوى السياسية على شخص مقبول من أكثرية هذه الكتل.
ماذا في المواقف المحيطة بهذا الاستحقاق؟ وهل يمكن أن نشهد قريباً تصاعد الدخان الأبيض من مجلس النواب بانتخاب الرئيس الجديد؟
في المعطيات لدى مصادر دبلوماسية خارجية وتقارير أنه لا يمكن التعويل على تغيير في مواقف 14 آذار، وخاصة تيار «المستقبل»، طالما أن المعطيات الخارجية غير ناضجة لانتخاب رئيس للجمهورية يشكل بشخصه ومواقفه نقطة تقاطع بين أكثرية الكتل وتحديداً بين فريقي 8 و14 آذار. ولذلك تقول المصادر إن الطبخة الخارجية غير ناضجة حتى الآن للسير برئيس توافقي، وثمة تأكيداً على ذلك أكثر من سبب:
1 ـ إن المناخ الإيراني ـ السعودي، رغم بعض التقاطعات التي حصلت أخيراً بين البلدين، لم يبلغ مرحلة التفاهم على الملفات الأساسية الخلافية، وفي مقدمها الملف السوري، إذ لا تزال السعودية تراهن على تسليح المعارضة لإحداث متغيرات تستطيع من خلالها التأثير في مسار الحل السياسي داخل سورية.
2 ـ إن الخلافات داخل العائلة المالكة في السعودية لم تحسم بأكملها لمصلحة الفريق الذي يريد فتح الحوار مع إيران، ولذلك ثمة داخل السعودية من يضغط لاستمرار ترشيح رئيس «القوات اللبنانية» سمير جعجع من جهة، ويضغط كذلك على تيار «المستقبل» لعدم السير بمرشح توافقي سواء العماد ميشال عون أو شخص آخر يرضى عنه «الجنرال».
3 ـ إن موقف الإدارة الأميركية ليس حاسماً في اتجاه الضغط على الحليف السعودي لكي يتخلى «المستقبل» عن ترشيح جعجع والسير بمرشح توافقي، وتقول المصادر الدبلوماسية إن السعودي ومعه بعض المؤثرين الأساسيين في الإدارة الأميركية لا يدعمون حتى الآن وصول العماد عون بل يعارضونه، ولذلك ما زال هؤلاء يراهنون على وصول شخص يتماهى مع السياسة الأميركية ـ السعودية في ظل استحالة إيصال جعجع. وهذا يعني أمرين، الأول الاستمرار في دعم ترشيح رئيس «القوات» واستغلاله في الضغط على قوى 8 آذار للقبول بمرشح قريب من خيارات 14 آذار، والثاني أن هذه السياسة لا تمانع حصول فراغ في رئاسة الجمهورية إلى حين نضوج ظروف إيصال شخصية ترضى عنها السعودية والإدارة الأميركية.
السؤال الآخر: هل سيطول الفراغ في قصر بعبدا، أم أن ثمة إمكاناً لإنضاج ظروف انتخاب الرئيس في فترة قصيرة؟
في المعلومات لدى المصادر الدبلوماسية أن العديد من المؤشرات قد تفضي خلال مدة معينة لا تتعدى شهرين أو ثلاثة إلى انتخاب رئيس للجمهورية، وترى المصادر أن هذه الأجواء شبه الإيجابية تعود إلى مجموعة متغيرات حصلت وتحصل اليوم وستستكمل في وقت قريب، ومنها:
ـ ثمة حوار أميركي ـ أوروبي مع إيران يتقدم باستمرار، خاصة في ما يتعلق بالملف النووي الإيراني، إذ تستعجل الولايات المتحدة التوقيع على الاتفاق النووي في نهاية حزيران المقبل.
ـ ثمة حوار خافت بين السعودية وإيران، أبرز مؤشراته تعيين سفير للسعودية قبل مدة في طهران، وأيضاً عودة السفير السعودي في لبنان حديثاً إلى بيروت. فلو لم يكن هناك قبول إيراني بعودة السفير لما حصلت.
ـ إن إنجاز المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس ليس بعيداً عن أجواء الحوار الخافت بين طهران والرياض وعن التقاطعات المشتركة بين البلدين.
ـ من المتوقع أن يصار إلى فتح الحوار بين القاهرة وطهران بعد إتمام انتخاب اللرئاسة المصرية، وهذا يساعد كثيراً في الدفع نحو التوافق لبنانياً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.
ـ هناك تقاطعات إقليمية ـ دولية حول تحصين الاستقرار في لبنان، حتى لو حصل شغور في رئاسة الجمهورية، وبالتالي هذه التقاطعات تساعد لاحقاً في إتمام الاستحقاق الرئاسي.
لذلك ترى المصادر الدبلوماسية أن هذه التقاطعات الخارجية كلّها راهناً، والمرجح أن تتوسع وتكبر في الأشهر القليلة المقبلة، ستفضي إلى دفع الأطراف الداخلية في لبنان نحو الاتفاق على شخصية مقبولة في تموز المقبل حدّاً أقصى.