البرنامج النووي الايراني وتغيير موازين القوى…
محمد حسن الساعدي
بالرغم من الضرر البليغ الذي أصاب المنطقة عموماً، ولبنان خصوصاً بعد الحرب التي شنها الكيان «الإسرائيلي»، ومع الضرر الذي أصاب حزب الله واستشهاد عدد من أبرز قياداته وفي المقدّمة السيد السهيد حسن نصرالله، إلا أنّ الواقع على الأرض يتحدث عن رؤية ثانية أكثر تفاؤلاً…
ومع كلّ هذا الضرر لا تزال الأنظار تتوجه الى البرنامج النووي الإيراني، والذي تحوّل الى أداة بيد إيران لردع الأعداء تكتيكياً واستراتيجياً، كما تحوّل إلى تهديد لتمدّد الكيان «الإسرائيلي» في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما جعل الأخيرة تعتقد ان الصواريخ البالستية يمكنها ان توقف هذا الردع، وتحقق توزاناً في الحرب، بالإضافة الى حزب الله الذي أصبح أكثر قوة وتماسكاً من السابق ويمتلك إدارة للمعركة وبصورة احترافية.
المختصون في الشأن النووي الإيراني أعربوا عن استعدادهم في جمع معظم الأجزاء الضرورية لصناعة القنبلة النووية، وان طهران تبحث بصورة جدية في إعادة النظر في تعهّدها على مدى عقدين من الزمن بعدم امتلاك او شراء او صنع القنبلة النووية، إذ تشير التقارير الخبرية إلى أنّ إيران يمكنها صنع القنبلة النووية خلال أسبوعين، أو أنها فعلاً قد صنعت القنبلة، وأنّ مخزونها الحالي من الوقود النووي بنسبة 60% يمكن تحويله الى مواد صالحة للاستخدام في الأسلحة، وانّ ما حدث من هزة على الحدود مع أفغانستان يمكن أن يكون ناتجاً عن تجربة ناجحة لقنبلة نووية.
بعد انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عملت طهران وبصورة جدية من أجل تطوير برنامجها، وتقدّمت كثيراً في هذا المجال، ما جعلها قريبة جداً من امتلاك القنبلة او أنها بالفعل قد امتلكت أجزاء القنبلة النووية، وانها الدولة الوحيدة التي تنتج اليورانيوم عالي التخصيب وتمتلك ما يكفي من الوقود والذي بحسب خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية يقترب من صنع أربع قنابل نووية، وهذا ما يشكل تهديداً مباشراً لـ «إسرائيل» والتي تعمل بصورة جدية من أجل عرقلة امتلاك طهران للترسانة النووية.
الحرب التي يقودها الغرب ضدّ إيران وبالتعاون من الكيان «الإسرائيلي» انعكست بالإيجاب على طهران، لأنّ محاولة إضعافها في مواجهة «إسرائيل» ستجبرها على تطوير أسلحة الردع وتنويع مصادرها، والذي من شأنه ان يزيد الضغوط على طهران ويجعلها أكثر قوة وإصراراً على امتلاك أسلحة الردع، وستركز على أمنها أولاً قبل اتخاذ أيّ خطوات جذرية في السعي نحو امتلاك القنبلة النووية، والذي قد يجبر الولايات المتحدة على إعادة النظر في علاقتها مع طهران والسعي نحو إعادة فتح ملفها النووي وعلى أسس أحقيتها في امتلاك الطاقة السلمية.
إيران ليست بلداً جديداً او طارئاً، بل هي دولة عمرها مئات السنين، وتمتدّ مساحتها على آلاف الكيلومترات، وتمتلك حضارة وشعباً متمسكاً بأرضه ووطنه ومستعداً للتضحية من أجله، وهذا ما شهدناه طيلة السنوات الماضية في تصدّيه للاعتداءات الخارجية، لذلك لا يمكن النظر الى إيران على أنها دولة ضعيفة يمكن القضاء عليها بصاروخ بالستي، بل أنّ مجرد التفكير بهذا الأمر يعرّض المنطقة للخطر ويدخلها في حرب وصراع استنزاف لا ينتهي،
كما انّ طهران لا تريد الانجرار الى رغبات وأهواء النتن ياهو في جرّها الى حرب يريد الربح فيها، بل تسعى بكلّ جهدها من أجل تفويت الفرصة وإبعاد شبح الحرب عن الأبرياء العزل، لذلك ومن منطلق المسؤولية أعتقد انّ الأوضاع بشكل عام ذاهبة نحو التهدئة خصوصاً مع الرسائل المهمة التي أرسلتها طهران الى الغرب بأنها مستعدة بنشر أكثر من 1000 صاروخ بالستي وفرط صوتي يتجه الى تل أبيب خلال عشر دقائق، وعلى الباغي تدور الدوائر…