الشعوب حيّة وقرّرت الانتصار
صابرين دياب
في سابقة لم تكن متوقعة، غير أنها في الوقت نفسه لم تكن غريبة على من بدأها ومارسها، وبرع في اتقان فصولها وإخراجها، فجاءت على قدّ المقاس الصهيوني وأفاعيله في فلسطين وعلى شعب فلسطين، وشعوب المنطقة، التي اكتوت من جحيم حممه، وقصف طائراته، ذلك «السلاح الاستراتيجي» الذي كان ولا يزال العمود الفقري لجيش الاحتلال بتفوّقه وشراسة التدمير والقتل التي يوقعها في كلّ مكان يستهدفه، وبخاصة تخصّصه في استهداف المدنيين وأقواتهم وبناهم التحتية كي لا يبقي فيهم نفساً يتردّد، فهو بذلك يتوهّم أنه ينجح في ترهيب كلّ من يتحدّاه.
وبين ما توقعه السعودية على شعب اليمن على مدار الساعة من قتل وسفك وتدمير وجنون، وسلوك الكيان الصهيوني في هذا المجال، نجد الأسلوب بعينه، والطرائق نفسها، والمدرسة ذاتها، مع تطبيق واضح يتمثّل في أنّ الطيران السعودي، والحلف الذي يواكب جنونه، كما يفعل الطيران الصهيوني البارع في ممارسة جنونه على شعبنا الفلسطيني، يستهدف الطيران السعودي المجرم الجبان شعب اليمن المسالم الفقير الأعزل، يدمّر بوحشية الحياة، ويعبّر بكلّ جلاء عن أنه عدو الحياة، وعدو الشعوب، وبؤرة الحقد الأكبر، ورديف الاحتلال «الاسرائيلي».
مملكة آل سعود التي بدأت العدوان الظالم، متذرّعة بتبريرات واهمة وواهية، ولعلّ أكثر ما يبعث على السخرية والاشمئزاز في آن، ادّعاءهم الحرص على الشرعية والديمقراطية وحرية الشعب اليمني وتقرير مصيره، وهي الدولة الأكثر رجعية على مستوى العالم، والأكثر عفناً ونذالة وبلاء وتطرّفاً باعتناقها المذهب الوهابي الذي لا يؤمن بغير القتل والتخريب وقتل الحياة، وبالتالي إعادة تنصيب العملاء المأجورين التابعين لها، وبادّعاء أكثر غباء وعجرفة وبلاهة
وحقارة تتمثّل بحرصهم على حماية «السنّة» من بطش دولة إيران الإسلامية!
لقد مارس العدو الصهيوني كلّ وسائل القمع والقتل والتدمير على الشعب الفلسطيني في كلّ مكان يتواجد فيه، وليس آخراً ما يجري في مخيمات الفلسطينيين في سورية على وهم قتل «حق العودة» المقدس، وبتوجيه عسكري لافت من المعسكر الصهيوني وبدعم غير محدود من السعودية بالمال وشراء المرتزقة والذمم وتدفق السلاح، والدفع لممارسة القتل المشبع والوحشي.
لم يعد من شك، بل أصبحت الصورة أكثر من واضحة لكلّ ذي بصيرة في أنّ العدو الصهيوني، والمملكة السعودية، ينهلان من مشرب واحد، ويمتثلان لأوامر واحدة، وينفذان مخططاً واحداً، وهو التخلّص من القضية الفلسطينية وضرب كلّ معاقل دعمها ودعم حلفائها الحقيقيين من دول وحركات المقاومة في المنطقة.
ما أشبه اليوم بالأمس عندما تآمر عبدالعزيز «الجدّ» على فلسطين واعترف بحق اليهود الساكنين فيها عام 1924، بناء على توجيهات من بريطانيا آنذاك، ووقّع على بيع فلسطين وشعبها، ومنذ ذلك الوقت لم يكن لآل سعود أيّ دور إيجابي في دعم القضية الفلسطينية، سوى الدعم المالي المشروط وقرارات افتراضية من الأمم المتحدة ومن جامعة انطوني ايدين الجامعة العربية ، ذلك انهم يعرفون يقيناً بأنها لن تنفّذ من قبل دولة الاحتلال… ولم يكن العدوان على اليمن والتآمر عليه هو الأول في التاريخ العربي، بل مارست هذه العائلة دناءتها عندما تآمرت على ثورة اليمن بقيادة عبدالله السلاّل التي دعمها الزعيم الراحل جمال عبد الناصر السنّي !
لن تنجح عائلة آل سعود في تلويث الوعي العربي وصرف أنظار شعوب الأمة عن قضيتها المركزية فلسطين وعدوّها الفاشي دولة الاحتلال «الاسرائيلي»، وجعل الجمهورية الإسلامية الإيرانية الشيعية بعبعاً وعدواً فيما انّ ايران قدّمت لفلسطين وشعبها كلّ مستلزمات الصمود والتحدّي والانتصار على وحشية وعنجهية المستعمر «الاسرائيلي»، إيران التي أخلصت إخلاصاً صافياً لفلسطين عندما خانها آل سعود وطعنوها طعنة الغادرين، تستحق من شعبنا وكلّ شعوب الأمة العرفان والإجلال، وانْ كانت «السلطة الفلسطينية» قد رخّصت نفسها أمام أموال آل سعود واتخذت موقفاً مخزياً لا يعبّر عن الموقف الشعبي الفلسطيني العام، فهذه حقيقة يدمغها شعبنا المناضل البطل على جبين تلك العائلة الغادرة…
ومما يثير الغثيان اجتهاد السعوديين في تأجيج الصراعات المذهبية البغيضة خدمة للمشروع الصهيو أميركي في المنطقة، لكنه سيبوء بفشل ذريع، فثمة جيل في أمة العرب رضع الوعي والكرامة ويرفض المساومة ولديه منسوب لا يُستهان به من المناعة ضدّ العدو المركزي وكلّ سموم مطاياه في دول الملح الرجعية، سيفشل مشروع تل أبيب مهما تجبّرت وأدواتها في المنطقة في العبث والفوضى والقتل والتدمير، لأنّ النصر تقرّره الشعوب، والشعوب حيّة وقرّرت الانتصار.