في الذكرى الخامسة لرحيله: كم يفتقد لبنان والعرب والإنسانية ميشال إدة
معن بشور
في مثل هذا اليوم قبل خمس سنوات غاب عن لبنان والعرب والإنسانية وجه مثقف كبير ووطني أصيل وسياسي متميّز كان مؤهّلاً أكثر من مرة للوصول الى رئاسة لبنان لولا ضغوط خارجية وحرتقات داخلية معروفة لكلّ اللبنانيين…
لكن ذكرى رحيله هذا العام لها وقع خاص لأنها تأتي فيما لبنان الذي أحبّه ميشال إدة حتى الرمق الأخير وتفانى في خدمته في مجالات عدة، سياسية واقتصادية وثقافية، يواجه حرب إبادة على يد صهيونية إرهابية متطرفة طالما حذّر ميشال إدة منها ومن مخاطرها في كتاباته وخطبه ولقاءاته وإطلالاته، والتي يمكن أن يرجع إليها كلّ من أراد فهم الصهيونية على حقيقتها… وفهم ما ترتكبه من جرائم.
بل كان ميشال إدة يدرك أن لا صون لاستقلال لبنان وسيادته إلاّ بوحدة أبنائه المدعوّين إلى فهم بعضهم البعض وعدم الانجرار في مخططات خارجية ترمي الى الإيقاع بينهم…
لذلك كان ميشال إدة كغيره من اللبنانيين الكبار حريصاّ على احتضان كلّ مبادرة أو مؤسسة تسعى الى إقامة الجسور بين اللبنانيين لتحصين المتاريس بوجه أعداء لبنان.
ولا أنسى في هذا المجال دوره في احتضان «دار الندوة» كمنبر ساعٍ الى وحدة لبنان وعروبته ونهضته، كما في احتضانه لتجربة شباب لبنان الواحد مدركاً لأهمية تلاقي الشباب من كلّ المكونات اللبنانية في مخيمات ورحلات وندوات ومعارض فنية شملت كلّ الأرض اللبنانية…
ولأنه كان يدرك حقد الصهاينة على لبنان ورسالته وحضارته وجاذبيته، ولأنه كان مدركاً لحق الفلسطينيين في فلسطين التي هي أرضهم ووطنهم كان نصيراً لقضيتهم في كلّ محفل يتحدث فيه مبرزاً أهمية القدس التي كان من مطلقي مؤسّستها الدولية ونائباً لرئيسها لعدة سنوات.
أما موقفه من المقاومة اللبنانية والفلسطينية فكان تعبيراً بسيطاً عن قناعاته الأخلاقية والفكرية والوطنية والإنسانية دون إقحام نفسه في أتون الصراعات السياسة المحلية حولها، لذلك يفتقد لبنان في غياب ميشال إدة الصوت الجامع والناصح والصادح بالحق والمترفع عن العصبيات الصغيرة في هذه الأيام العصيبة التي يعيشها لبنان.
كذلك فلسطين تفتقد في غيابه نصيراً مؤثراً في المنطقة والعالم، فقد كان رحمه الله بمفرده لوبياً عالمياً فعّالاً لمصلحة كلّ مظلوم وناصراً لكلّ حق…