الشيخ نعيم قاسم والمقاربة الشاملة…
} رنا العفيف
في أول إطلالة له بعد انتخابه أميناً عاماً لحزب الله، وضع الشيخ نعيم قاسم النقاط على الحروف في إطار المقاربة السياسية والميدانية والعسكرية، كيف يمكن فهم الخطاب الأول، وما هي الرسائل التي أراد إيصالها؟
أكد سماحة الشيخ نعيم قاسم أنّ خطط الأمين العام الشهيد السيد حسن نصر الله، هي التي ستطبّق، وأنّ الاستمرار على نهجه هو الخيار، وأنّ المقاومة بخير وقدراتها بخير وجاهزة لحرب طويلة، وأنّ الاحتلال عاجز عن تحقيق الإنجازات ولا يملك إلا ارتكاب المجازر، لكنه أكد أنّ ذلك لن يؤثر في قرار مواجهة التصدي في المسار، كما أكد أنّ النصر سيكون حليف اللبنانيين، وأنّ أيّ اتفاق لا يمكن أن يتمّ تحت النار .
في هذه الجزئية كان لافتاً أنّ هناك مقاربة شاملة وضع من خلالها النقاط على الحروف في اللحظة المكانية والزمانية، إذ أرسى عبر كلمته الأولى شكلاً ومضموناً تعافيَ حزب الله من الضربة القاسية، استناداً للخطاب الذي يرتقي إلى مستوى الأمين العام لحزب الله كموقع ومكانة مرموقة، لا سيما أنّ سماحته له دور أساسي وبارز في تأسيس حزب الله منذ اللحظة الأولى وهو من أبرز المساهمين في بناء منظومة الحزب وتنمية كوادره وتوسّع آفاقه بالطريقة التي شهدناها حتى لحظة ما هو عليه اليوم، وبالتالي كان للخطاب وقع هام في تأكيد استعادة العافية بما يتوافق مع تطلعات الظروف التي يمر بها لبنان…
وعليه جاء الخطاب ليؤكد مواقف الحزب التي تتمحور حول جبهتي غزة ولبنان، مع الإشارة إلى انطلاق عدة رسائل شمولية ليضع الميدان هو الفيصل في كلّ ما نشهده كلحظة تاريخية مشهود لها، إذ لهذه الجبهة تأثير فاعل وضاغط ورأينا عدة تصريحات تخرج من قادة الكيان ومن الإدارة الأميركية حيال هذا الضغط وهذه المؤثرات التي رسمت خطوط المواجهة بالتحدي على مستوى العملية البرية، ولا يمكن فصل جبهة لبنان عن جبهة غزة لعدة أسباب عسكرية وأمنية تتعلق بالجسم المفاوض في غزة، ولا يمكن «السمسرة» السياسية تحت أي عنوان ما لم يتمّ وقف إطلاق النار في غزة. لأنّ خطاب الشهيد السيد حسن نصر الله الأخير كان واضحاً وجلياً بخصوص هذه الجبهة، واليوم لم يتغيّر الخطاب مقارنة بخطاب الردع الذي ثبّته السيد الشهيد بالصوت والصورة والكلمة…
في مقابل هذا خرج وزير الأمن الإسرائيلي ليقول «إنّ كلفة مقتل جنودنا في معارك لبنان يجسد الكلفة الباهظة للحرب»، هذا باعترافهم، وبالتالي ما يحدث في الميدان هو عنوان كبير له تداعيات وله خصائص على كافة المستويات كما وله نتائج استراتيجية له معطيات تقلب شؤون الكيان رأساً على عقب، إذ يجسّد هزيمة «إسرائيل» ومن يقف معها وهناك اعتراف كبير وسط تكتم شديد على تحقيق حزب الله إنجازات استراتيجية بينما هناك فشل كبير لـ «إسرائيل» بأعلى درجاته، وهناك نقطة هامة على مستوى الجبهة الشمالية التي عطلت أهداف الكيان «الإسرائيلي» على أكثر من جبهة ليس فقط في لبنان وإنما في سورية أيضاً والعراق واليمن وفي إيران، وهي اليوم أقوى وأمتن وأشدّ صلابة وعزماً وقدرة على مواجهة كلّ الاحتمالات وكلّ المخاطر.
على ضوء ما ذكرنا نحن اليوم أمام مرحلة جديدة بعهدة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم القاسم الذي رسم خطوط المواجهة استكمالاً لاستمرارية نهج السيد الشهيد حسن نصر الله، واعدة بالنصر في الميدان، ما يؤكد صحة هذا العزم من خلال صواريخ المقاومة الإسلامية في لبنان التي تخرج وتدك مستوطنات وتجمعات بالعمق «الإسرائيلي»، وأدخل في إطار التحذير معادلة الإخلاء والإيلام، وهذه شهادة تاريخية على الهواء مباشرة للصراع ضدّ العدو «الإسرائيلي» باتجاه منعه من التقدم نحو جنوب لبنان، وبالتالي كان وقع الخطاب على «إسرائيل» وعلى الإدارة الأميركية ساخناً ملتهباً ومتورّماً لأنّ برنامج سماحة الشيخ نعيم قاسم لم يتغير عن برنامج السيد الشهيد حسن نصرالله، ولا حتى قيد أنملة، خاصة على مستوى جبهة لبنان التي لا يمكن فصلها عن غزة إلا بشروط المقاومة نفسها، كما لن يكون هناك أيّ تسوية يمكن أن تتضمّن أيّ هضم لحقوق لبنان واللبنانيين، وهذا مرفوض قطعاً…