همزة وصل
لم يكن سقوط السعودية الأخلاقي من عالم العروبة الإنسانية مرتبطُ فقط من خلال عدوانها الإجرامي على الشعب اليمني، بل يمتدّ هذا السقوط منذ بداية تأسيس المملكة في عام 1932 على دماء أهل الحجاز بعدما دحر الملك عبد العزيز بن سعود حكم آل رشيد والشريف حسين.
المؤامرات السعودية المهمة على جمال عبد الناصر ومشاركة المملكة إبان عهد الملك فيصل في التآمر على مصر وتسبّبها في هزيمة 1967 التي كانت المقدّمة الحقيقية للموت المعنوي الكبير لجمال عبد الناصر. وهنا نتذكر رسالة الملك فيصل إلى الرئيس الأميركي ليندون جونسون في 27 كانون الأول 1966 ومفادها: “… من كلّ ما تقدّم يا فخامة الرئيس، ومما عرضناه بإيجاز، يتبيّن لكم أنّ مصر هي العدو الأكبر لنا جميعاً…”، وطالبه بدعم “إسرائيل” للقيام بالهجوم على مصر واحتلال مرافق حيوية منها، واحتلال الضفة الغربية وغزة، على ان لا تَسلم سورية من هذا الهجوم، واقتطاع جزء من أراضيها”.
واستمرّ التآمر على سورية عندما قرّر الملك فهد والسديريون دعم “الإخوان الشياطين” ضدّ الرئيس الراحل حافظ الأسد وبالتنسيق مع الملك الأردني الراحل حسين، وذلك عقاباً لرفض دمشق اتفاقية “كامب ديفيد” المصرية ـ “الإسرائيلية”، وأيضاً لوجود الجيش السوري في لبنان وآل سعود يريدونه “وطناً قومياً ثانياً”، ورفض دمشق ومقاومتها لاتفاقية 17 أيار التي كان عرابها الرئيس اللبناني السابق أمين الجميّل، ودعم العاصمة السورية للمقاومة الوطنية اللبنانية التي بدأت عشية دخول العدو “الإسرائيلي” العاصمة اللبنانية بيروت.
والمثير للسخرية أنّ تكون هذه المملكة الساقطة أخلاقياً من عالم العروبة الإنساني ان تصبح فجأة الآن في مقدّم الدول المدافعة عن حقوق الإنسان في سورية حالياً!
بطبيعة الحال لم ينسَ الملك فهد ما فعل به حافظ الأسد في كانون الأول 1981 عندما أراد الأول التقدّم بمبادرة مدعومة أميركياً لحلّ الصراع العربي – “الإسرائيلي” تضمن الاعتراف بالقرار 242 و”شرعية” وجود “إسرائيل” وحلّ ما لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين وإنهاء حالة الحرب. حينها قاطع الأسد المؤتمر فانهار عشية موعد انعقاده وتفرّقت الدروب بالعشاق.
في اليمن أدّى صعود “أنصار الله” المفاجئ بعد سيطرتهم على صنعاء وتمدّدهم وصولاً إلى عدن والإشراف على مضيق باب المندب، إلى المبالغة في تصوير القوة الذاتية للجماعة، على رغم أنّ صعودها مرتبط بعوامل غير ذاتية، مثل ضعف خصومها في الداخل، ودعم القبائل والأحزاب لهم. هذا الصعود لـ”أنصار الله” أسقط آخر القيم التي ما فتئت مملكة القهر تدّعيها بعدما جنّدت لذلك الفتاوى المأجورة، من رحم وذرية الفكر الوهابي التكفيري.