يزعمون أنه…!
} جمال محسن العفلق
يتمترس أعداء هذه الأرض خلف شعار قوة الكيان وترويج قوته على أنها لا تقهر وأنّ علينا قبول الواقع والتسليم بهذه النظرية التي صنعها الإعلام ومهّد لها جيش من العملاء الذين عملوا على مصالحهم الشخصية والآنية، ضاربين بعرض الحائط كلّ القيَم الوطنية والإنسانية والأخلاقية، متجاهلين أنّ الكرامة الإنسانية هي فطرة في البشر ولا يجوز التفريط بها.
فكذبة التاريخ وجود كيان وضعه الاستعمار بقرار ملكي أعطى ما لا يملك لمن لا يستحق، وصنع الإعلام في حينها صورة نمطية تقول إنّ هؤلاء اللقطاء هم أصحاب أرض حُرموا منها ويجب إعادتهم إليها، وفي حينها تعاونوا مع أصحاب المصالح الشخصية وكذبوا علينا بأنّ مَن جاء ليحتلّ هذه الأرض ويقتل سكانها هم أقوياء لا يمكن محاربتهم فانتهجوا مبدأ تناقل الأخبار عن شراسة المحتلين وكيف يبيدون الناس دون رحمة.
وبدعم غربي مطلق وضعف إرادة وخضوع من مجموعات وصلت الى أعلى سلّم في القيادة تحوّلت هذه القطعان الى دولة فالتة من كلّ القوانين والأنظمة الدولية محمية بقرار أممي وخضوع دولي والهدف إبقاء المنطقة تحت نير الاستعمار والخضوع لرغبات الشركات الكبرى التي باعت السلاح وما زالت لجيوش مهمتها تحوّلت الى حماية الكيان بدلاً من حماية أوطانها.
واستطاع هذا الكيان السيطرة على دويلات تمتلك المال فأخضعها ورفع التافهين فيها ليخبروننا بأنّ هذا الكيان يمتلك أقوى جيش في العالم حيث انتصر على جيوش عربية ولا يمكن هزيمته، بل وصل البعض الى حدّ دعمه بالمال والسلاح تحت عنوان «نريد السلام في المنطقة والعيش بمحبة بعيداً عن وجود أي سلاح غير سلاح الكيان الذي سيحمي الجميع»! على حدّ زعمهم.
فذراع الكيان الضارب اليوم ليس الطيران الحربي المتطور ولا جنوده من النخبة الذين سقطوا عند أول اختبار لهم في جنوب لبنان المقاوم، ذراعه اليوم جيش التافهين من سياسيين وإعلاميين تمّ تسخيرهم بكلّ صنوف الوقاحة القائمة على الجهل والحقد، لا مشكله عندهم أن يُقتل أكثر من ثلث أبناء وطنهم حتى يرضى سيدهم، وذلك في العواصم التي تتحدث العربية الركيكة الممزوجة بألفاظ عبرية تريد قتل روح الكرامة الإنسانية.
فكم هو معيب أن تكتب صحافة الكيان نفسه باعتدال عن الأحداث ومجريات العمليات العسكرية وتعترف بالإخفاق والفشل، بل أكثر من ذلك أنّ هناك أصواتاً في الكيان نفسه ترفض أعماله البشعة ومجازره بحق المدنيين، وفي المقابل يدّعي صحافي أو سياسي عربي أنّ الكيان ما كان ليفعل ذلك لولا المقاومة! ويحمّل أصحاب الأرض والقضية المسؤولية الكاملة، فكيف تكون المقاومة هي سبب الاحتلال وأصل المقاومة هو ردّ فعل طبيعي على وجود احتلال.
إنه فريق التافهين الذي أعلن صراحة عن فرحه باغتيال المقاومين القادة، وأثنى على العدو وفعله، فريق يلاحق أفراد المقاومة ويمنعهم من العبور ويبلغ عنهم عبر قنوات صُنعت لهذا الغرض، فتحاول أن تفهم ماذا يريد هذا الفريق وما هي مكاسبه على المدى القريب او البعيد وهل بالفعل هو الطريق الصحيح وأنت على خطأ برفض العبودية والخضوع، لتكتشف أنها عجلة التاريخ نفسه مجموعات من الخونة تخدم أعداء وطنها ثم يتمّ التخلص منها، فهي تستمتع باللحظة الآنية دون مستقبل لها ولا يعنيها المستقبل أصلاً لأنها لو تدرك طبيعة هذا العدو لفهمت هذه المجموعة أنّ الكيان تمّ تصميمه على مبدأ الأنا العليا فقط، فلا يجب أن يعيش حوله أيّ قوة أو مجموعة تخالفه، والمؤسف أنّ الكيان نفسه يعلن ذلك ولديه أجيال تمّت تربيتها على الإبادة فكيف لهذه المجموعة الخاضعة التابعة بذلّ لهذا الكيان ان تصدّق وعود السلام والمحبة، فتعبر السفن المحمّلة بأدوات القتل المياه العربية رافعة علم الكيان دون أن يُحرك جنرالات يحملون على صدورهم أوسمة ونياشين البطولة أيّ ساكن! بل الأكثر من ذلك يدافعون عن المشهد بدفع الإعلام لتبرير ما رآه الناس ويضعون اللوم على المقاومة، و«الحجة» أنّ الاتفاقيات الدولية تلزمهم بالسماح لأدوات القتل بالعبور، ولكن لا تلزمهم القواعد الأخلاقية والإنسانية برفع الحصار عن أبناء جلدتهم!
لقد أبطلت المقاومة كلّ مزاعمهم ودمّرت تلك الصورة المخادعة عن قوة وهمية يملكها كيان هزيل قوّته صنعها الإعلام، ويقاتل معه نصف العالم، ولكن الحقيقة هي أنّ الخبر ما نرى لا ما نسمع، واليوم رغم قسوة الحرب والتي تقودها الولايات المتحدة بشكل مباشر ودعم مالي وإعلامي من كلّ الدويلات الحليفة لها ودور جيش التافهين من إعلاميين وسياسيين، نجد أنّ المعركة لا كما يزعمون مع كيان اللقطاء إنما هي حرب وجود لا حدود، وليست المسألة مسألة سلم عالمي ولا حقوق شعب مشرّد كما يدّعون، إنما هي إبادة شعب بالكامل هو صاحب الأرض وصاحب الحق، ولكن جريمته الوحيدة أنه ولد على أرض توسطت العالم وهي أصل الحضارات ومنبعها.
فهم يزعمون أنه منتصر ونحن مؤمنون بأنّ النصر حليف الحق مهما طال الزمن ومهما قدّمنا من تضحيات، رغم الإيمان بأنّ الوحيد الذي يقدّم هو ذلك المقاتل في الميدان، وليس لنا أيّ دور سوى توثيق ما يحدث لتحفظه الأجيال القادمة وتقول من هنا مرّ رجال الميدان، ودورنا في مقاومة إعلام التافه الحاقد الذي أصبحت سمومه اليوم منتشرة على كلّ وسيلة ممكنة لهدم الوعي وتدمير القيم الأخلاقية.