رباعية فكر سعاده وحزبه: فلسطين، الوحدة، المقاومة، النهضة
أثبتت ملحمة المقاومة البطوليّة سلامة الأفكار التي أطلقها مؤسس النهضة القومية الاجتماعية وزعيم الحزب أنطون سعاده عشيّة تأسيس الحزب وخلال سنوات نضاله حتى كان اغتياله المشبوه عام
تأتي ذكرى تأسيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فيما يمرّ على ملحمة «طوفان الأقصى» أكثر من 400 يوم تثبت فيه مقاومتنا الباسلة في فلسطين ولبنان، كما في اليمن والعراق وسورية والجمهورية الإسلامية في إيران، أنها تحقق الإنجاز تلو الإنجاز، وتؤكّد سلامة التوجه الفكري والنضالي لهذا الحزب الذي يعترف جميع أبناء الأمة أنه كان رائداً في إدراك مخاطر المشروع الصهيوني والاستعماري على أمّتنا، انطلاقاً من فلسطين التي يفتخر القوميون الاجتماعيون أنّ أول شهيد لهم كان في مدينة نابلس (جبل النار) وهو الشهيد حسين البنا.
لقد أثبتت هذه الملحمة البطوليّة سلامة الأفكار التي أطلقها مؤسس النهضة القومية الاجتماعية وزعيم الحزب أنطون سعاده، عشيّة تأسيس الحزب وخلال سنوات نضاله حتى كان اغتياله المشبوه عام 1949، بعد سنة على نكبة فلسطين، وبسبب موقفه المبدئيّ الحازم من قيام الكيان الصهيوني والذي يعتقد كثيرون أنّ هذا الموقف هو سبب اغتيال سعاده الذي يعتبره كثيرون شهيد فلسطين.
ولعلّ أبرز الأقطار التي ناضل من أجلها الحزب السوري القومي الاجتماعي منذ تأسيسه قبل 92 عام هو التلازم بين فلسطين والوحدة والمقاومة والنهضة، مدركاً أنّ الطريق إلى فلسطين يمرّ بوحدة الأمّة التي تتجسّد اليوم بوحدة المقاومة، وأنّ الطريق إلى الوحدة يمرّ بالضرورة بسلوك نهج المقاومة التي توحّد الشرفاء وتترفع عن الصغائر والشوائب في العلاقات، وأن تطوّر المقاومة يتطلب سلوكاً نهضوياً وعلمياً، كما نرى اليوم في القدرة التكنولوجية العالية التي تمتلكها المقاومة في فلسطين ولبنان والتي باتت نتائجها من صواريخ ومُسيّرات وعبوات، ظاهرة في الوصول إلى كلّ تجمّعات العدو العسكرية ومراكز قيادته وعلى نحو يظهر بوضوح ميل موازين القوى لصالح الحق الفلسطيني، رغم الخسائر البشرية والمادية الهائلة التي تلحق بنا في غزّة وفلسطين، وفي لبنان من جنوبه إلى شماله، وفي سورية من الساحل إلى الداخل، وفي اليمن والعراق وإيران.
إنّ هذا التطور التكنولوجي المتلازم مع صلابة الإرادة ووضوح الرؤى لدى مقاومتنا لا يمكن فصله عن أفكار الحزب السوري القومي الاجتماعي ونضاله، كما عن فكر كلّ حركاتنا وأحزابنا النهضوية المقاومة، وهو تلازم يشكّل مفتاح النصر على أعدائنا.
ولعلّ صمود الحزب على مدى يقارب القرن من الزمن هو وجه من أوجه صمود الأمّة طيلة قرون بوجه كل المشاريع الاستعمارية والصهيونية، إذ ليس من قبيل الصدف أن تكون ولادة أفكار هذا الحزب، قبل تأسيسه رسمياً عام 1932، قد جاءت في أجواء التصدّي لمعاهدة «سايكس – بيكو» و «وعد بلفور» (1917)، واللذين كانا عنوانين للمشروع الصهيوني الاستعماري، أيّ التجزئة واغتصاب فلسطين.
ولنرفع اليوم الشعار المضادّ لهذا المشروع، هو «أنّ الوحدة طريق فلسطين، وفلسطين طريق الوحدة»، وهو الشعار الذي يتصدّر نضال كلّ شرفاء الأمّة، سورية كانت هذه الأمة في فكر البعض، أم عربية أم إسلامية، ففي ظلّ هذا الشعار يمكننا أن نتجاوز كلّ صراعاتنا وخلافاتنا، عقائدية كانت أم سياسية، أم حزبية، أم شخصية، فالأمّة تحتاج إلى ترفع تاريخيّ عن كلّ ما يمزّق وحدتنا ويعيق تقدّمنا وويعرقل نهضتنا…