أولى

السطر الناقص في مسودة هوكشتاين

يمكن أن نعرف من المتداول حول مسودة الاتفاق التي أرسلها المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين، ومن تعليقات رئيس مجلس النواب نبيه بري عليها، أنها تتخذ من القرار 1701 أرضيّة لها، وأنّها لا تتضمّن ما يشير إلى شرعنة انتهاك الأجواء والمياه اللبنانية، ولا تبيح التدخل البريّ كما كانت تمنيات الاحتلال في شروطه التي سبقت الورقة الأخيرة، إلا أن الريبة قائمة من غموض مصدره ثلاثة أشياء.
المصدر الأول للحذر هو الحديث عن حق الدفاع عن النفس، وهو حق مضمون في ميثاق الأمم المتحدة، ولا حاجة لذكره إلا إذا كان المقصود استعمال ذلك لامتلاك الاحتلال حق تفسير شروط اللجوء إليه فيصبح أي تقدير إسرائيلي بوجود ما يعتبره جيش الاحتلال مصدر تهديد سبباً شرعياً كافياً للعدوان ووضعه تحت شعار الدفاع عن النفس.
المصدر الثاني للريبة يعود إلى إضافة لجنة إشراف غامضة من خارج آليات القرار نفسه، وكيفية فرضها على قرار أمميّ من دون تكليفها بقرار مماثل، والتساؤل عن مبرر إضافتها ما لم يكن الهدف هو منحها صلاحيات توسيع دائرة فهم نصوص القرار، خصوصاً حول موضوع السلاح وخصوصاً ما يتصل بالحدود اللبنانية السورية التي سعى ويسعى الأميركيون والإسرائيليون لوضعها تحت الوصاية الدوليّة، وهو ما يفسّر تصاعد الضغط العسكريّ على سورية مؤخراً. وهذه الوصاية تعني عملياً وضع لبنان كله تحت هذه الوصاية، فيصير جنوبه تحت الإشراف الإسرائيلي، وبحره تحت الإشراف الألماني، وحدوده الشرقية والشمالية تحت الإشراف البريطاني، وتصبح الرعاية الأميركيّة للجيش اللبناني مدخلاً لتحويلها إلى وصاية أميركية على الداخل كله.
المصدر الثالث للقلق والشعور بالخطر يأتي مما يتمّ تداوله عن رسالة ضمانات أميركيّة لكيان الاحتلال تمنحه التفسير الذي يريده للبندين الغامضين، والتفسير المناسب ليتمّ استخدامهما لصالح تحويل الموافقة على القرار 1701 مجرد إقرار كلاميّ لصالح تطبيق مختلف عن مضمون النصوص.
في كل اتفاقات الوساطة التي يقودها طرف ثالث يوجد نص في المقدمة يلتزم فيه الوسيط ويصرّح بأنه يتعهّد بعدم تقديم أي تعهدات عبر اتفاقات سرية مع أي من الجانبين حول موضوع الاتفاق وأن النصوص الوحيدة التي يلتزم بها هي النصوص الواردة في هذا الاتفاق. وربما يكون هذا هو السطر الناقص من مسودة هوكشتاين الواجب إضافته.

التعليق السياسي

Related Articles

Back to top button