مقالات وآراء

الحاج محمد عفيف: صوت المقاومة الذي لم يصمت حتى بالدم…

فراس رفعت زعيتر

في قلب المعركة المستمرة، حيث تتداخل دماء المجاهدين مع صرخات الأرض الساعية إلى الحرية، ارتقى الحاج محمد عفيف شهيداً، كما عاش بطلاً على خط المواجهة. رجل حمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن القضية، سواء بالكلمة التي صدحت في وجه الطغاة، أو بالموقف الذي جسّد روح المقاومة. جاء استشهاده خلال الحرب المستعرة ليكون شاهداً آخر على أنّ طريق النصر معبّدٌ بالتضحيات التي لا تعرف الحدود.
لم يكن الحاج محمد مجرد مسؤول في المقاومة، بل كان صورة مشرقة للتفاني والشجاعة. في وجه التهديدات المتكرّرة، لم يختبئ يوماً، ولم يُظهر إلا الصمود. ظلّ متنقلاً بين المناطق المستهدفة، واقفاً على أنقاض الدمار، متحدّياً طائرات العدو وصواريخه، مؤكداً أنّ روح المقاومة لن تنكسر. لم تكن كلماته رسائل إعلامية فحسب، بل كانت إعلاناً واضحاً أنّ هذه الأرض لن تُهزم ما دام فيها رجال كالحاج محمد، يواجهون الموت بعزم ويستقبلون الشهادة بابتسامة.
وفي لحظاته الأخيرة كما طوال أيام الحرب، ظلّ حاملاً هاتفه رغم التهديدات كما يحمل المجاهد بندقيته، يردّ على الناس، يتواصل مع المجاهدين، ويتابع الميدان بكلّ تفصيل. كأنه أراد أن تكون كلماته الأخيرة عهداً يتجدّد، وصوتاً يُسمع حتى بعد أن يغيب. كان حلم الشهادة يرافقه دائماً، وكان قلبه معلقاً بركب الشهداء، أولئك الذين سبقوه وعلى رأسهم الشهيد الأطهر، سماحة السيد حسن نصرالله.
لطالما كان الحاج محمد يرى في السيد حسن القائد الذي لا يُضاهى، الحبيب الذي لا يُفارق روحه. كان يرى في كلماته نوراً يهدي طريق المقاومة، وفي حضوره حصناً يصعب اختراقه. استشهد الحاج محمد، لكنه لحق بقائده الشهيد، ذلك الرجل الذي كانت روحه معلقة به، والذي كان مصدر إيمانه الراسخ بأن النصر قريب مهما اشتدت الخطوب.
أيها الحاج، كيف نرثيك وأنت الذي كنت تعيش من أجل هذا اليوم؟ كيف نحزن على فراقك وأنت الذي كنت تراه لقاء مع الله ومع الأحبة؟ استشهادك ليس خسارة، بل هو شهادة إضافية على أنّ المقاومة التي أعطيت حياتك لها، لن تتوقف حتى تُحقق وعدها.
سلام عليك أيها الشهيد، سلام على كلمتك التي لم تصمت، وعلى روحك التي بقيَت تنبض بالحياة حتى اللحظة الأخيرة. سيظلّ ذكراك منارة للأجيال القادمة، وصوتك شاهداً على أنّ هذه المقاومة لا تهزم، وأنّ الدم الذي يُبذل على طريقها سيبقى مداداً لكتاب النصر الآتي.
لقد استشهد الحاج محمد عفيف، لكن الحرب لم تنتهِ. وكما وعد الله عباده الصابرين المجاهدين، وكما علّمنا قادتنا الأوفياء، فإنّ النصر بات أقرب، ودماء الشهداء ستظلّ تروي أرضاً لا تُسقى إلا بالعزة والكرامة…

 

Related Articles

Check Also
Close
Back to top button