مناورة التلويح بتأجيل زيارة هوكشتاين تنتهي بتأكيد قدومه اليوم كما حسمها بري / قصف بيروت «التفاوضي» يلقى ردّ المقاومة بتفعيل معادلة «تل أبيب مقابل بيروت» / الفشل العسكريّ للاحتلال على جبهات شمع والخيام وبنت جبيل في اليوم الخامس /
كتب المحرّر السياسيّ
فشلت مناورة التلويح بتأجيل زيارة المبعوث الأميركي أموس هوكشتاين، بعد تلقيه الرد اللبناني على مسودة الاتفاق التي تم إعدادها بتعاون أميركي إسرائيلي، بين هوكشتاين ووزير الشؤون الاستراتيجية في كيان الاحتلال رون ديرمر، فلم ينجح التلويح باستدراج اتصالات لبنانية تحمل تراجعاً عن الردّ الذي تمّ تسليمه بل التأكيد على تمسّك لبنان بملاحظاته مع تأييده لجوهر مسودة هوكشتاين القائم على القرار 1701، واستغراب الحديث عن تأجيل الزيارة جاء على لسان رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعدما نشرت وكالة أكسيوس الأميركية نقلاً عن مسؤولين أميركيين نية تأجيل الزيارة لأن الموقف اللبناني غير مرضٍ للطلبات الأميركية، وصولاً لإلى قول هؤلاء المسؤولين إن «الكرة في ملعب الجانب اللبناني ونريد إجابات من لبنان قبل مغادرة هوكشتاين إلى بيروت».
تزامن هذا التلويح مع تصعيد غير مسبوق للاحتلال نحو استهداف العاصمة بيروت بغارات جوية في عمق المناطق السكنية، من دون أي ذريعة تتصل بجسم المقاومة ورموزها العسكرية والأمنية، ما فهم أنه رسالة تفاوض بالنار وليس تحت النار فقط، ولم تتأخر المقاومة عن الردّ فقامت بتفعيل معادلة «تل أبيب مقابل بيروت». ووصل صاروخ بالستي ثقيل للمقاومة إلى قلب العاصمة تل أبيب وسقط في أحد شوارعها التجارية محدثاً حريقاً كبيراً وحصد عدداً من الإصابات.
في الجبهة الأمامية استمرّت محاولات جيش الاحتلال تحقيق التقدم في محاور بلدات شمع في القطاع الغربي والخيام في القطاع الشرقي وبينهما بنت جبيل في القطاع الأوسط، ولكن دون جدوى، متكبداً المزيد من الخسائر في الأرواح والآليات.
وقبيل إقلاع طائرة مبعوث الرئاسة الأميركية أموس هوكشتاين إلى بيروت، اشتعلت الجبهات البرية والجوية بين حزب الله وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وتبادل الضربات والصواريخ، ففيما حاولت حكومة العدو التفاوض مع لبنان تحت نار استهداف العاصمة بيروت في منطقة زقاق البلاط، ردت المقاومة بالنار باستهداف تل أبيب بصاروخ فاتح 110 الذي يستخدم للمرة الثانية بعد استخدامه المرة الأولى باستهداف قاعدة عسكرية قرب مطار بن غوريون الشهر الماضي، ما يعني وفق خبراء عسكريين أننا دخلنا مرحلة جديدة من التصعيد بمعادلتين: تل أبيب مقابل بيروت، والمستوطن بالمدني. ويشير الخبراء لـ«البناء» الى أن أهمية استهــداف تل أبيب بصاروخ متطور من دون أن تعترضــه القبب الحديدية، تكمن في أنه جاء بعد كلام رئيـس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أمام الكنيست بأن التفاوض تحت النار وادعاءه القضاء على 80 في المئة من القوة الصاروخية لحزب الله. وشدد الخبراء على أن كثافة العمليات التي نفذتها المقاومة أمس لا سيما استهداف تل أبيب، أعاد حزب الله التوازن الناري والجغرافي، وبالتالي أعاد توازنه العسكري والأمني والسياسي والإداري والإعلامي، واستعاد معه إعادة تفعيل معظم المعادلات التي سبق وأعلنها السيد الشهيد حسن نصرالله. وتساءل الخبراء إذا سقط صاروخ واحد على تل أبيب وأحدث هذا الزلزال، فكيف إذا أطلق حزب الله 20 صاروخاً مع مجموعـة من المسيّرات الانقضاضية؟ ما سيدفع الحكومة الإسرائيلية الى أحد أمرين: إما توسيع استهدافاتها في بيروت والذهاب الى حرب مفتوحة من دون خطوط حمر، وإما خفض الشروط الإسرائيلية والذهاب الى تسوية سياسية ووقف إطلاق النار، لا سيما بعد فشل «إسرائيل» بتحقيق الأهداف العسكرية والسياسية للحرب وباتت عبئاً على الكيان في ظل الانقسام بين المستويين السياسي والعسكري إضافة الى تغير في مزاج الرأي العام الداخلي الإسرائيلي.
وفي سياق ذلك، أظهر استطلاع للرأي الإسرائيلي أجرته القناة 12 الإسرائيلية أن غالبية الإسرائيليين يؤيدون التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع لبنان.
وبعد 24 ساعة على استهداف بيروت أمس الأول في رأس النبع ومار الياس، استهدف طيران العدوّ الصهيوني مجدّدًا أمس العاصمة بيروت بغارة جوية استهدفت منطقة زقاق البلاط ما أدّى إلى وقوع شهداء وجرحى. وأعلنت وزارة الصحة اللبنانية في بيان عن ارتقاء 5 شهداء وإصابة 24 آخرين جراء الغارة. واستهدفت الغارة التي نفّذها الطيران الصهيوني المسيّر الطبقة الأرضية من مبنى مؤلف من أربع طبقات، ويوجد فيها مكتب مختار المحلة في زقاق البلاط.
وإذ لم يُعلن حزب الله مسؤوليته بشكل رسمي عن صاروخ تل أبيب، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بسقوط صاروخ قرب مجمّع تجاريّ في رمات غان قرب تل أبيب واشتعال النيران في المكان. ولفتت القناة 13 الإسرائيلية الى اندلاع حريق في حي بني براك بتل أبيب جراء سقوط شظايا صواريخ اعتراضية. وأفادت تقارير إسرائيلية بإصابة مباشرة لحافلة «فارغة من الركاب» بين بني براك ورمات غان، وأنباء عن سقوط العديد من الشظايا الصاروخية في المنطقة.
ومساء أعلنت الشرطة الإسرائيلية، عن «إصابة 6 بجروح بين خطيرة ومتوسطة إثر سقوط صــاروخ أطلــق من لبنـان على بني براك شرق تل أبيب».
في موازاة ذلك، أعلنت مستشفى رمبام في حيفا، عن «مقتل امرأة وإصابة 30 آخرين، بينهم طفل، بجراح متفاوتة الخطورة، إثر سقوط صاروخ أُطلق من لبنان، بشكل مباشر على منزل في مدينة شفاعمرو، مساء الإثنين».
وذكرت الشرطة في بيان، أن «صواريخ سقطت على شفاعمرو، أدت إلى دمار كبير وإصابات»، مضيفة أن قوّاتها «تعمل بقيادة نائب قائد لواء الشمال، على إخلاء المصابين والبحث تحت الأنقاض». وطالبت الأهالي «تجنّب الوصول إلى المناطق المتضرّرة، لعدم إعاقة عمليات الطوارئ».
وأعلنت القناة 12، عن أن «الدفاعات الجوية أخفقت في اعتراض صاروخ باليستي أطلق من لبنان وسقط في بني براك شرق تل أبيب»، مشيرة الى ان «شظية من صاروخ اعتراضي اصابت خط كهرباء في رمات غان وأدت إلى نشوب حريق؛ واصابة 3 أشخاص بجروح في الرأس، أحدهم وصفت حالته بالخطيرة».
كما شنت المقاومة هجومًا جوّيًا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة، على قاعدة رغفيم (قاعدة عسكريّة تحوي معسكرات تدريب للواء غولاني) تبعد عن الحدود اللبنانيّة الفلسطينيّة 65 كلم، جنوب شرق مدينة حيفا المُحتلّة، وأصابت أهدافها بدقة». وقصفت «منطقة الكريوت شمالي مدينة حيفا المُحتلّة بصليةٍ صاروخيّة».
على صعيد المسار التفاوضي، وفيما أثارت زيارة هوكشتاين الى بيروت لغطاً، بعدما نقل موقع أكسيوس أن المبعوث الأميركي أبلغ الرئيس بري بأنه أجل زيارته حتى يتضح موقف لبنان من الورقة الأميركية، أقلعت طائرة هوكشتاين مساء أمس، على أن يصل اليوم ويجري لقاءات مع الرئيسين بري ونجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزاف عون لمناقشة بنود الورقة الأميركية، وذلك بعدما أكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن الرئيس بري سلم الأميركيين الرد اللبناني والتوضيحات اللازمة، وأكد بري أمس في حديث صحافي أن زيارة هوكشتاين إلى بيروت في موعدها الثلاثاء (اليوم)، مستغرباً كل ما أشيع عن إلغائها وتسبب في تبديد التفاؤل الذي ساد الأجواء الإيجابية التي يبنى عليها لتقديم الحل السياسي على الخيار العسكري، مؤكداً أن الزيارة في موعدها وأن هوكشتاين سيتسلم الرد اللبناني على المبادرة الأميركية لوقف إطلاق النار.
وأشارت القناة الـ12 الإسرائيلية، إلى أن هوكشتاين سيغادر إلى بيروت عقب حصوله على توضيحات من الجانب اللبناني تسمح بالتوصل لتسوية.
وأشار موقع «أكسيوس» نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، إلى أن تكثيف الغارات على بيروت هو لزيادة الضغط على حزب الله ليقبل اتفاق وقف إطلاق النار.
وذكر «أكسيوس» نقلاً عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين، بأن «إسرائيل» طالبت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن برسالة جانبيّة تضمن لها حرية التحرك في لبنان.
وأكدت وزارة الخارجية الأميركية، أننا «منخرطون في جهود التوصل لاتفاق بين لبنان و»إسرائيل» والطرفان وضعا ملاحظاتهما على المقترح».
وكان نتنياهو ادّعى في كلمته أمام الكنيست الإسرائيلي، أننا «نركّز على ضرب القدرات الصاروخية لحزب الله، وقد دمرنا من 70 إلى 80% من قدراته، وأمرت بقتل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله لأنه ليس قائداً لحزب الله فحسب، بل لأنه كان قائداً مهماً جداً وهو الإبن المدلل للمرشد الإيراني السيد علي خامنئي والمشرف على خطة تدمير «إسرائيل»». وزعم نتنياهو «أننا نواصل عمليتنا البرية في لبنان ونواصل قتل قياديي حزب الله من أجل تحجيم حلقة النار التي تحيط بنا». وأكد بأن المفاوضات تتم الآن تحت النيران والقصف ونطالب بإبعاد حزب الله إلى ما وراء نهر الليطاني. وتابع «ردنا يجب أن يكون رداً وقائياً وهو منع إعادة بناء قدرات حزب الله ووقف تزويده بالسلاح عبر سورية». كما زعم قائلاً: «قدمت لنا 3 خيارات بشأن التعامل مع حـزب الله لكن كان لي خيار رابع هو تدمير القدرات الصاروخية للحزب».
وكان حزب الله شيّع أمس، مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب الحاج الشهيد محمد عفيف في صيدا، بمشاركة حشد شعبيّ وعلماء دين شيعة وسنة وإعلاميين، وأفراد من عائلة الشهيد. وقد أمّ الصلاة على الجثمان الطاهر أخو الشهيد الشيخ صادق النابلسي، ثمّ ووري الشهيد في ثرى جبانة مجمع السيدة الزهراء (ع) الى جانب والده.
وكانت العلاقات الإعلامية في حزب الله نعت أربعة من فرسان الإعلام المقاوم ومجاهديه الأوفياء الذين قضوا شهداء على طريق القدس إلى جانب شهيد الإعلام المقاوم الحاج محمد عفيف النابلسي، وهم:
الشهيد الحاج موسى حيدر، مواليد 1969، من بلدة مركبا.
الشهيد الحاج محمود الشرقاوي، مواليد 1970، من بلدة أرزي.
الشهيد هلال ترمس، مواليد 1988، من بلدة طلوسة.
الشهيد حسين رمضان، مواليد 1992، من بلدة عرمتى.
بدورها، أكَّدت كتلة الوفاء للمقاومة أنَّ العدو الصهيونيّ حين يستهدف مسؤول العلاقات الإعلامية المركزية في حزب الله القائد المجاهد الحاج محمد عفيف، فإنّما يعترف أمام العالم أجمع وبكل وحشيّة الإرهابي المسعور أنّ عقدته الدفينة التي يُعانيها هي عقدة افتضاح صورته الحقيقيّة أمام البشرية التي استطاع أن يخدعها فترة طويلة من الزمن.
وشدَّدت على أنَّه «سنبقى نُؤكّد ونُبيّن خطر الصهيونية وكيانها العنصري الإرهابي العدواني ليس على غزّة ولبنان وشعبهما، فحسب إنّما على كل شعوب أمتنا ومنطقتنا، وأنّ كل سكوت أو إذعان أو تراخٍ في مقاومة هذا الخطر سيُهدّد الأمن والاستقرار والحقوق والعدالة لكل المجتمع البشري».
واعتبرت كتلة الوفاء للمقاومة استهداف مسؤول العلاقات الإعلاميّة المركزيّة في حزب الله عدوانًا إرهابيًا موصوفًا على الإعلام كلّه في لبنان والعالم، لافتةً في الوقت نفسه إلى أنّ «شهادة هذا الإعلامي الوطني الشريف والحر أكدت صدقيّة ما كان يقوم به من دور لكشف حقيقة العدو وخطورة بقاء احتلاله في المنطقة، وتضع في الوقت نفسه هذا العدوان برسم كل المعنيين في الإعلام في لبنان والعالم، وتتقدّم من عائلته وإخوانه وكل شعبنا بأحرّ التعازي والتبريكات».
وأفاد تقرير لجنة الطوارئ الـ 48: 300 غارة خلال 48 ساعة و70 بالمئة من القطاع الزراعي تأثر بالعدوان.
وأعلن مركز عمليات طوارئ الصحة العامة التابع لوزارة الصحة العامة في بيان، أن غارة العدو الإسرائيلي على رأس النبع بيروت أدت في حصيلة نهائية إلى استشهاد سبعة أشخاص من بينهم امرأة وإصابة ستة عشر آخرين بجروح.
وفي حصيلة نهائية للغارة الإسرائيلية المعادية على مار الياس بيروت فقد أدّت إلى استشهاد ثلاثة أشخاص من بينهم امرأة وإصابة تسعة وعشرين آخرين بجروح.