ملحمة الخيام
في كل جبهات القتال يجد جيش الاحتلال أنه يواجه شبكة قرى وبلدات ومدن تتكامل وتتواصل، لتشكل عقداً قتاليّة يصعب الفكّ بينها. فهذا هو حال عيتا الشعب وراميا وصربين وكفرا وياطر، وهو حال مارون الراس ويارون وبنت جبيل وعيترون وعيناتا، وحال ميس الجبل وبليدا ومركبا ورب الثلاثين والطيبة وطلوسة ومجدل سلم، ومثلها شمع والجبين وطير حرفا والبياضة ومجدل زون.
تكاد تكون الخيام وحيدة فريدة في حالتها، حيث تقع المطلة بينها وبين كفركلا والعديسة، وتقع الغجر على خط يعطّل تواصلها مع كفرشوبا، وأمامها بلدات القليعة ومرجعيون حيث يصعب على المقاومة التموضع، لذلك ركّز الاحتلال على معركة الخيام وخصّص لها فرقتين، الفرقة 210 من جهة الشمال والشرق، والفرقة 98 من جهة الجنوب والغرب، وخلال شهر شنّ عليها هجمتين استراتيجيتين توزّعت كل منهما على عشرات الهجمات التكتيكية.
بقي جيش الاحتلال يقاتل على أطراف الخيام الشرقية والجنوبية، والمناطق المفتوحة الفاصلة بينها وبين نقاط تمركزه، وبقيت محاولات الوصول إلى وسط المدينة التي تعادل في مكانتها مدينة بنت جبيل، بعدد سكان متقارب، حوالي 35 ألف نسمة لكل منهما، ونجحت الخيام بالصمود واستبسلت المقاومة في القتال داخلها وفي الدفاع عنها من خلال شبكة حماية توزّعت على التلال القريبة والبعيدة.
وضعت المقاومة خطة الدفاع عن الخيام مستفيدة من التطوّر في أسلحتها بالمقارنة مع خطة القتال في حرب تموز 2006، حيث لعبت الصواريخ القصيرة المدى وصواريخ الكورنيت دوراً فعالاً في تشتيت القوات المهاجمة وارتباكها وإيقاع الخسائر بوحداتها البرية وآلياتها، وتولّت مجموعات المقاومة داخل المدينة مهمة الالتحام المباشر بالنيران من مسافة صفر مراراً.
بعد شهر من المعارك فشلت كل محاولات الاحتلال السيطرة على مدينة الخيام، واعتمادها قاعدة ارتكاز لبناء رأس الجسر الذي يريده الاحتلال للوصول إلى ضفاف نهر الليطاني والاحتفال بصورة نصر، فحمت الخيام كل الجنوب من هذه الصورة المخزية التي يسعى رئيس أركان الاحتلال لالتقاطها على ضفاف النهر عند جسر الخردلي.
الخيام تكتب ملحمة المقاومة التي سطّرتها بنت جبيل عام 2006.