اليمن المُحاصَر يبادر إلى مساعدة لبنان وفلسطين: سنبقى السند في كلّ المجالات لأشقائنا المقاومين
طيلة ثلاثة عشر شهراً ونيّف، لم يبخل اليمن في إسناد فلسطين ولبنان، وهذا عهد اليمن منذ اغتصاب فلسطين عام 1948، فقد استطاع الشعب اليمني، منذ انطلاق معركة “طوفان الأقصى”، أن يترفّع عن جراحه وآلامه، وأن يحوّل الساحات والميادين إلى مساحات تضامن مع فلسطين ولبنان، في وقت كانت القوات المسلحة اليمنية تلقّن أعداء الأمة درساً في البطولة والصمود والمواجهة، فتوصِد البحار والممرات في وجه أيّ دعم للكيان الصهيوني وتغرق في قعرها أوهامه وأطماعه.
طويلة هي قائمة الشهداء الذين ارتقوا في ساحات الدفاع عن فلسطين، بدءاً من عملية عكا البحرية عام 1974 وليس انتهاء بعملية قلعة الشقيف عام 1982، ولا يزال اليمن عضداً للمقاومة ونصيراً لها بالموقف والتظاهرات المليونية التي تلبّي في كلّ يوم جمعة دعوة القائد السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي ليتردّد صدى حناجر اليمنيين في بيروت والقدس وبغداد رفضاً للعدوان واتفاقيات الإذلال الباطلة…
وها هو اليمن اليوم يمدّ يد العون لإخوته اللبنانيين الذي فقدوا بيوتهم وأرزاقهم واضطروا إلى التفرّق نازحين ينشدون مكاناً آمناً من غدر العدو وبطشه، فتحت شعار “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة” وفي خطوة إنسانية وتضامنية لافتة، يواصل اليمن تقديم الدعم للبنان، رغم الأوضاع الصعبة التي يعاني منها الشعب اليمني نتيجة الحصار المستمر منذ أكثر من عشر سنوات.
وتأتي الحملة التي أُطلقت في اليمن لدعم الشعب اللبناني، ضمن المسار المعروف للأشقاء في اليمن، لتقديم المساعدات الإغاثية والإنسانية للشعب اللبناني، وتحديداً للنازحين الذين اضطروا لمغادرة منازلهم وديارهم وأرزاقهم في الجنوب والضاحية والبقاع جرّاء العدوان الصهيوني الوحشي الذي يستهدف المدنيين الآمنين العزل فيما يعجز في الميدان عن مواجهة رجال الله الذي يلحقون به الخسائر الهائلة والكبيرة التي سوف تجعله يسلّم بشروط لبنان ومقاومته لوقف عدوانه والانسحاب من كامل الأراضي اللبنانية المحتلة.
وما يواجهه لبنان من عدوان صهيوني على المدنيين يواجهه أشقاؤنا في اليمن أيضاً، حيث يعجز العدو الأميركي والبريطاني عن فرض أيّ شيء على القوات المسلحة اليمنية، لا سيما لجهة فك الحصار البحري المطبق على كلّ السفن التي لها علاقة بالكيان الصهيوني، وإزاء هذا العجز أمام عمالقة اليمن الذين يصرّون أنّ الحصار مستمر حتى يوقف العدو الصهيوني عدوانه على غزة ولبنان ويرفع الحصار عن غزة، إزاء هذا السقف العالي من التحدي والعنفوان لا يجد الطيران الحربي الأميركي والبريطاني من أهداف إلا ميناء الحديدة وعدد من المدن اليمنية التي لم ولن يتمكّن من تركيعها بل انّ ما سوف يحصل هو العكس تماماً حيث سيبقى أعداء اليمن عاجزين عن كسر إرادة جيشه وشعبه وقيادته.
انطلقت حملة الدعم اليمنية قبل أسبوعين تقريباً، ثم جرى تمديدها حتّى يوم الجمعة المقبل بحسب القيّمين. وقد بلغ حجم المساعدات التي تمّ جمعها حتّى الآن أكثر من مليوني دولار، ويستمرّ العمل على جمع المزيد من التبرّعات، التي ستخصّص لشراء مواد إغاثية وإنسانية لتوزيعها على المتضرّرين من الأزمة في لبنان.
ويؤكد المسؤولون عن الحملة اليمنية أنّ المساعدات تأتي في إطار الواجب الإنساني والأخوي تجاه الشعب اللبناني والفلسطيني، مشدّدين على أنّ الشعب اليمني يعرف تماماً حجم المعاناة التي يعيشها أبناء لبنان وفلسطين، ولذلك يجد من مسؤوليته الأخلاقية والدينية والعربية أنّ يبادر إلى تقديم الدعم في هذه اللحظات الصعبة، امتثالًا للقول الكريم: “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة”.
ويلفت المسؤولون إلى أنّ هذا الإسناد يأتي كجزء من المعركة الكبرى التي يتشارك فيها الجميع في المنطقة ضدّ القوى الاستعمارية.
ويشير القيّمون على الحملة إلى أنّ المساعدات سوف يتمّ توزيعها من خلال ثلاثة مستودعات رئيسية في بيروت، وتشمل هذه المساعدات مواد غذائية وإغاثية لصالح النازحين في لبنان، وقد تمّ إنجاز مختلف الأمور اللوجستية لكي يبدأ توزيع المساعدات بشكل دوري على المناطق الأكثر تضرّراً.
وكان قائد حركة أنصار الله اليمنية السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي قد أطلق هذه الحملة في سياق التزامه بمبدأ “لستم وحدكم، ومعكم حتّى النصر”، وهي رسالة واضحة تؤكد الدعم المستمر من الشعب اليمني لقوى المقاومة وناسها الصامدين الصابرين في لبنان وفلسطين، وهو ما يؤكد أنّ الشعب اليمني الذي يعاني من الحصار والتدمير جراء العدوان المستمرّ، لن يتوانى عن تقديم الدعم بكلّ السبل المتاحة، وذلك انطلاقاً من التزامه المطلق بأن يكون سنداً لأشقائه في كلّ المجالات…