أولى

غزة بعد لبنان

 

كثيرة هي التساؤلات حول حال غزة بعد وقف إطلاق النار على جبهة لبنان، وهي أسئلة جديرة بالنقاش حتى لو كان طرح بعضها يتم بطريقة مقصودة للنيل من صدقية المقاومة في لبنان تحت شعار اتهامها بالتخلي عن التزامها بإسناد غزة، وتجاهل حجم ما قدّمته والتضحيات الجسام التي بذلتها، والظروف اللبنانية المحيطة بها بعدما صارت المواجهة بحجم حرب تدمير لكل لبنان، في ظل معارضة فئات لبنانية كثيرة لمفهوم وحدة الساحات، على قاعدة أن لبنان لا يتحمّل الثمن، ما دفع المقاومة خلال سنة من الحرب لتحمل التضحيات في بنيتها وبيئتها لمنع امتداد تداعيات الحرب إلى العمق اللبناني.
بمعزل عن هذا السياق بدأت تأثيرات وقف إطلاق النار في جبهة لبنان على جبهة غزة بالظهور بطريقة معاكسة للتوقعات السلبية، حيث ظهر أن وقف إطلاق النار ينعكس إيجاباً على غزة، حيث تصاعدت المواقف الدولية التي تنادي بضرورة التوصل الى اتفاق ينهي الحرب على غزة أسوة بما جرى في لبنان، وعاد اهتمام الإعلام بأخبار غزة التي حجبتها أخبار الحرب التي شنها الاحتلال على لبنان خلال شهرين ماضيين، وعاد تفاعل الرأي العام العالمي مع مظلومية الشعب الفلسطيني، سواء في تقارير الهيئات الحقوقية والصحية أو مناشدة هيئات أممية لإنقاذ الوضع الإنساني والوضع الصحي المأساوي في قطاع غزة.
نتج عن وقف إطلاق النار في جبهة لبنان، تنشيط التحرّكات المطالبة داخل الكيان وفي أوساط أهالي الأسرى خصوصاً، للمطالبة بصفقة تبادل تُنهي حرب غزة، وقد بلغت التظاهرات الداعية لصفقة أسرى والتي وصلت إلى المطالبة باستقالة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو أحجاماً ضخمة قبل حرب لبنان، حيث سجّلت مشاركة نصف مليون متظاهر منتصف شهر تموز الماضي، بينما يؤكد محللو الصحف في الكيان أن أحد أسباب الحرب على لبنان كان سعي نتنياهو للتخلص من المسار التصاعدي لهذه التظاهرات، خصوصاً عندما جاءت استطلاع الرأي بنتائج تقول إن مؤيدي الحرب على غزة انخفضوا إلى 20% وإن مؤيدي الحرب على لبنان يبلغون 69%، وسوف ينتج عن وقف حرب لبنان عودة الحياة الى معادلة أولوية وقف حرب غزة وإنجاز صفقة تبادل أسرى.
ربما تظهر الأيام المقبلة أن إسناد غزة الذي كان من لبنان بقوة النار مهّد الطريق لإسناد من نوع آخر يتيحه وقف النار.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى