الأرض والإنسان
إنه العشق الأزلي، والحب الطوباوي هو الذي جعل النازحين الجنوبيين والبقاعيين وأبناء ضاحية الخير والتضحية والمقاومة وحب السيد نصرالله يندفعون بعد دقائق من إعلان وقف إطلاق النار الى معشوقتهم ومسقط رأسهم، أرض الأجداد والآباء والذكريات والتربة والطين والتين والزيتون والعنب وموطئ الولادة والانتماء والطفولة والحبوّ والتعثر والسجود ونسمات الماضي وعبق النبوة والمساجد والكنائس، رغم كلّ المخاطر وبقايا قنابل عنقودية قد يكون جيش الشيطان المختار قد بعثرها هنا وهناك وصواريخ لم تنفجر وقنابل مموّهةً…
لا يمكن استبعاد أيّ شيء عن هذا العدو اللئيم، كما أنّ ذلك المسخ على الناحية الأخرى من الحدود، السارق للأرض، الآتي من بولندا وأوكرانيا و روسيا وألمانيا وفرنسا وأميركا فهو متردّد متمنّع لا يريد العودة إلى الأرض التي ادّعى أنها أرض الميعاد!
هذه هي علاقة هذا الإنسان الطارئ مع الأرض، هي فقط للسرقة وللمتع الذاتية ولحفرها ولاستخراج المواد الخام عنوةً من باطنها، أما حينما يضطر الى مغادرتها بسبب من الشعور بالخطر أو الخوف من العقاب من أصحابها الحقيقيين، فإنه يغادرها من غير رجعة، وليس بمتعجّل للعودة اليها حتى يضمن السلامة والأمان، فهو لا يربطه بها سوى علاقة المصلحة والانتفاع والمكاسب المنفعية، فإذا انتفى ذلك الانتفاع واقتضى الأمر قدراً من التضحية للدفاع عنها فإنه يطلق ساقيه للريح، ويا روح ما بعدك روح، هذه هي علاقة هذا الإنسان المارق بالأرض المسروقة.