مسعد بولس
يفرح اللبنانيون لمعرفة أن شخصية لبنانية مثل رجل الأعمال والسياسي اللبناني الذي ترشّح للانتخابات النيابية عام 2009 قد تمّ تعيينه مستشاراً رئيسياً في الفريق المعنيّ بالمنطقة العربية والشرق الأوسط للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، خصوصاً أن بولس ليس أميركياً من أصول لبنانيّة منعزلاً عن الواقع اللبناني بل شخصية تعرف الواقع اللبناني وعاشت الكثير من تفاصيله ويتحدّث العربية بطلاقة ويحافظ على اتصالاته مع العديد من الشخصيات اللبنانية.
بعض السياسيين يتطلّع نحو تعزيز علاقاته مع بولس أملاً بأن يمكنه ذلك من تحسين مواقع قوته في بلوغ طموحات سياسية شخصية أو تعزيز مكانة حزبه ورؤيته السياسية لدى إدارة الرئيس ترامب، أما اللبناني الذي لا يريد شيئاً لنفسه فهو يتطلّع إلى أن يتحوّل تعيين بولس إلى مصدر لحضور مصالح لبنان كوطن ودولة بصورة صحيحة على طاولة الرئيس الأميركي، آخذين بالاعتبار أن مستشار الرئيس الأميركي مهما كانت جنسيته الثانية فهو يلتزم بمواقف الرئيس ويعبر عنها، ولذلك يتفهّم اللبنانيون سلفاً أن يكون كلام بولس مراعياً لحسابات الرئيس ترامب ومكانة المصالح الإسرائيلية فيها بصورة تطغى على أي حسابات لمصالح أي بلد عربي.
أمس، أراد السيد بولس أن يلفت انتباهنا إلى أن في اتفاق وقف إطلاق النار دعوة لنزع سلاح المقاومة في شمال الليطاني وليس في جنوبه فقط، ونحن ندرك أن الاتفاق والقرار 1701 ينصّان على أن لا تكون في لبنان أسلحة إلا بيد مؤسسات الدولة اللبنانية، وأن التذكير بالقرار 1559 جاء لهذا الغرض، لكننا نلفت انتباه السيد بولس إلى أن ذلك جاء في سياق يرتبط بسيادة لبنان التي يحفظها الجيش اللبناني، وجاءت مترافقة عند الإشارة الى القرار 1559 بأسبقيّة اتفاق الطائف.
إن أصل الحديث عن حلّ الميليشيات وسحب أسلحتها مصدره اتفاق الطائف، لكن في الطائف تحرير الأرض بكل الوسائل المتاحة، وهي في ميثاق الأمم المتحدة إذا عجزت الدول عن ردّ العدوان والاحتلال، فإن للشعوب حق المقاومة المسلحة، وفي اتفاق الطائف أيضاً تمسك بالقرار 425 لضمان انسحاب الاحتلال من كل الأراضي اللبنانية المحتلة. وقد وردت في القرار 1701 الدعوة لحل النزاع حول مزارع شبعا بلوغاً لهذا الهدف، ولا يمكن فصل سياق نقاش سلاح المقاومة عن سياق استعادة الأراضي المحتلة وإنهاء خطر العدوان الدائم على لبنان من وحش متربّص وراء الحدود تعتبره أميركا حليفاً مميزاً، لكنها لم تثبت أنها مستعدّة وقادرة على منعه من تعميم الاعتداءات على مَن حوله.
من حقنا على السيد بولس كمواطن لبناني وبصفته مستشاراً للرئيس الأميركي أيضاً أن يجيبنا على سؤال، ما دام المطلوب أن لا يكون في لبنان سلاح إلا بيد الجيش اللبناني، هو: هل سوف تقوم إدارة الرئيس ترامب بتسليح الجيش بما يطمئن اللبنانيين إلى أنهم لن يتعرّضوا لخطر العدوان الإسرائيلي؟ فهل هناك مانع من تسليم الجيش الذي ترعى أميركا تسليحه بطاريات باتريوت مثلاً، أو السماح له بالتزوّد بسلاح موازٍ من مصادر أخرى إذا لم ترغب أميركا بتزويده بسلاح من عندها، أم أن المطلوب هو نزع سلاح لبنان وليس المقاومة فقط، لتكون لـ”إسرائيل” حرية التحرك كما تريد في أجوائنا وأرضنا ومياهنا، تسيطر وتحتل وتقتل وتدمر كما تشاء وصولاً إلى الاستيطان؟ ولعل السيد بولس يجد تفسيراً لمخاوف اللبنانيين في ما قاله لبنانيّ عريق مجمع على مكانته العلمية والأدبية والعالمية ووطنيته واستشرافه السياسي هو الدكتور شارل مالك، الذي قال إن “إسرائيل” خطر وجودي على لبنان ومصدر أطماع لا حدود لها بمياهه وثرواته وأرضه.