مقالات وآراء

في عهد ترامب الجديد… الولايات المتحدة في طور التبدّل الاستراتيجي

 

 د. حسن مرهج*

 

واقعاً… فإنّ وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والذي سيصبح رسمياً رئيس الولايات المتحدة في 20 كانون الثاني 2025، فإنّ هناك جُملة من التحوّلات الاستراتيجية والتي سيكون لها تأثيرات على السياسة العالمية، حيث أنه وبعد فترة من الغموض السياسي والجدل، سيعود دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في عام 2025، مما يمثل نقطة تحوّل جديدة في السياسة الأميركية والعالمية.
خلال فترة ولاية ترامب السابقة (2017-2021)، أثرت سياساته بشكل كبير على النظام الدولي. مع عودته، تُثار تساؤلات حول التحوّلات الاستراتيجية التي يمكن أن تحدث وكيف ستؤثر على العلاقات الدولية والنظام الجيوسياسي، ويمكن إيجاز سياسات ترامب وفق الآتي:

أولاً: استعادة سياسة «أميركا أولاً»

من المتوقع أن تعود إدارة ترامب الجديدة إلى سياسة «أميركا أولاً» التي ميّزت ولايته السابقة. ستشمل هذه السياسة التركيز على تعزيز المصالح الاقتصادية الأميركية، وتقليل الاعتماد على الحلفاء التقليديين. قد يتضمّن ذلك إعادة التفاوض على الاتفاقيات التجارية وتعزيز الإنتاج المحلي، مما قد يؤدي إلى توترات جديدة مع الشركاء التجاريين.

ثانياً: العلاقات مع الصين

من المرجح أن تستمر التوترات بين الولايات المتحدة والصين في التصاعد. سيعمل ترامب على تعزيز موقفه الصارم تجاه بكين، مع التركيز على قضايا مثل التجارة، وحقوق الإنسان، والتكنولوجيا. قد نشهد المزيد من الإجراءات الاقتصادية، مثل فرض رسوم إضافية أو قيود على الشركات الصينية، مما قد يؤدي إلى تفاقم الحرب التجارية.

ثالثاً: إعادة تقييم التحالفات الدولية

من المتوقع أن تستمرّ إدارة ترامب في إعادة تقييم التحالفات الدولية. ستركز على الضغط على حلفاء الناتو والدول الأخرى لزيادة إنفاقها الدفاعي. قد يؤدّي هذا النهج إلى توترات مع الدول الأوروبية ويعيد تشكيل الديناميكيات العسكرية في المنطقة.

رابعاً: السياسة الشرق أوسطية

تعتبر السياسة الشرق أوسطية أحد المجالات التي قد تشهد تحوّلات كبيرة. قد تسعى إدارة ترامب إلى تعزيز اتفاقيات التطبيع بين «إسرائيل» والدول العربية، مع التركيز على مواجهة إيران، ومن المحتمل أن تتمّ إعادة النظر في الدعم الأميركي للفلسطينيين، مما قد يؤثر على الاستقرار الإقليمي.

خامساً: القضايا الداخلية
وتأثيرها على السياسة الخارجية

ستكون القضايا الداخلية، مثل الانقسام السياسي والاقتصادي، محوراً رئيسياً في إدارة ترامب. سيؤثر الوضع الداخلي على قدرة الحكومة على تنفيذ سياساتها الخارجية، حيث قد تواجه ضغوطاً من المعارضة السياسية والمجتمع المدني. كما أنّ القضايا مثل الهجرة والأمن الداخلي ستظلّ تؤثر على صورة الولايات المتحدة في الخارج.

سادساً: التغير المناخي والبيئة

على الرغم من أنّ ترامب كان معروفاً بنهجه المتشدد تجاه قضايا المناخ خلال ولايته السابقة، إلا أنّ العودة إلى البيت الأبيض قد تجعله أكثر انفتاحاً على بعض التغيّرات البيئية، خاصة إذا كانت هناك ضغوط من الشركات الكبرى والجمهور. ومع ذلك، من غير المرجح أن يحدث تحوّل جذري في السياسة البيئية.
ضمن ما سبق فإنّ مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في مطلع 2025، يتوقع أن تشهد السياسة الخارجية الأميركية تحوّلات استراتيجية كبيرة، حيث ستستمر سياسة «أميركا أولاً» في تشكيل العلاقات الدولية، وستظلّ التوترات مع الصين والشرق الأوسط محوراً رئيسياً. بينما يسعى ترامب لتحقيق مصالح الولايات المتحدة الوطنية، فإنّ التحديات الداخلية والخارجية ستظل تُلقي بظلالها على قرارات إدارته. إنّ قدرة ترامب على تحقيق أهدافه الاستراتيجية ستعتمد بشكل كبير على كيفية التعامل مع هذه التحديات وتفاعل المجتمع الدولي معها.
في المقلب الآخر فإنّ التطورات الإقليمية ستفرض بلا ريب تأثيرات جديدة على محمل السياسات الأميركية، وبصرف النظر عما سبق من سياسات ترامب المتوقعة، إلا أنّ ما يحدث في المنطقة سيكون له منعكسات كبيرة ومهمة على هندسة الاستراتيجية الأميركية الجديدة إقليمياً ودولياً، خاصة أنّ هناك قوى صاعدة في المنطقة ولديها مناطق نفوذ واستراتيجيات مواجهة مع الولايات المتحدة، لا سيما روسيا وإيران وسورية، وبالتالي فإنّ الولايات المتحدة ومع وصول دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، فإنه يمكن القول إنّ الفترة المقبلة حتى كانون الثاني 2025 ستشهد تصعيداً في المستويات كافة، لكن المؤكد بأنّ الولايات المتحدة وربطاً بالتطورات والمتغيّرات الإقليمية، فإنها في طور التبدّل الاستراتيجي، وهذا ما سيظهر جلياً في خطاب تنصيب ترامب…

*خبير الشؤون السورية والشرق أوسطية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى