الوطن

«اللقاء الإعلامي الوطني» نظّم وقفة رمزية في معوّض وفاء للقائد الشهيد محمد عفيف ورفاقه الشهداء الإعلاميين

قنديل
الساحلي
عز الدين
جبور
حاطوم
ريفي
سرحال

 

نظم اللقاء الإعلامي الوطني وقفة رمزية وفاء لدماء أيقونة الإعلام المقاوم الشهيد المجاهد القائد محمد عفيف النابلسي ورفاقه الشهداء الإعلاميين، أمام مكتب العلاقات الإعلامية في معوض بالضاحية الجنوبية لبيروت، تحية لعطاء وجهاد صوت المقاومة الصادح ومنبرها.
شارك في الوقفة وفد من الحزب السوري القومي الاجتماعي ضمّ ناموس المجلس الأعلى سماح مهدي وعميد الإعلام معن حمية وناموس العمدة رامي شحرور ومدير التحرير المسؤول في جريدة “البناء” رمزي عبد الخالق.
كما شارك عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب علي فياض، نائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله الوزير السابق محمود قماطي وعضوا المجلس علي ضاهر وسعيد ناصر الدين، القائم بالأعمال في السفارة الإيرانية في بيروت توفيق صمدي، مسؤول العلاقات العامة في تجمع العلماء المسلمين الشيخ حسين غبريس، عضو قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي د. علي غريب، مدير عام قناة “المنار” ابراهيم فرحات، مدير عام إذاعة “النور” د. يوسف الزين، مسؤول وحدة الإعلام الالكتروني في حزب الله د. حسين رحال، المنسق العام للقاء الإعلامي الوطني سمير الحسن وحشد من أعضاء اللقاء، وممثلو الأحزاب والقوى الوطنية اللبنانية والفصائل الفلسطينية.
استهلت الوقفة بكلمة تعريف وجدانية مُعبّرة ألقاها عضو اللقاء الإعلامي الوطني مفيد سرحال،

الساحلي: سيفتقدك المنبر
ومراكز صنّاع القرار

وألقت الزميلة رنا الساحلي كلمة بإسم وحدة العلاقات الإعلامية في حزب الله استهلّتها بالقول: أهلاً وسهلاً بكم في منزل الحاج محمد عفيف،
بالأحرى أهلاً وسهلاً بكم في حياة الحاج محمد الذي أمضى سنيّ عمره في العمل بينكم ومعكم فأمسى شغله الشاغل ومملكته التي أهتمّ بها حتى آخر ثانية من غمضة عينيه، وآخر شهقة من أنفاسه العطرة…
سأبدأ من حيث انتهى الكلام الذهبي، والسلاح الذي أصابهم بمقتل بتاريخ 11/11، كيف لا!؟ وهم يواجهون الرجال الرجال المتجذرين في أرض الجنوب ليتردّد الصدى في كلّ حجر وزاوية من الضاحية الصامدة الى بيروت الأبية والبقاع الشامخ في تلك الروضة الشريفة كانوا يشهدون على الحقّ وصولاً الى مجمع الشهداء حيث غصّاته لا تزال تخنقنا وتهزّ وجداننا… أيبكي الرجال!؟
نعم يا سادة بكى العفيف على الشريف الأسمى، بكى وأبكانا لكن أدخل في قلوبنا القوة والإيمان والكرامة والعزيمة،
أدخل في وجداننا العنفوان، ألسنا أبناء هذه الأرض؟! لا نبالي أوَقعْنا على الموت أم وقعَ الموتُ علينا.
لا نبالي طالما أننا أبناء هذا الوطن ولو قطعونا إرباً ولتهنأ الأرض بأبنائها.
أضافت الساحلي: لن أدخل في السياسة بل سأحمل بعضاً من حبّه إليكم من شوْقه من ابتسامته من غضبه وحزنه السرمدي الذي أجّله للحاق بالسيد الأسمى.
كيف لا وهو صديق الصبا ورفيق اللحظات الصعبة هو من يبثّ الروح، ويشحذ الهمم،
قالها عفيفنا في خطابه الأخير عندما وقف الحسين وحيداً وقال “أما من ناصر ينصرنا”؟ وقد استشهد حسين عصرنا، وها أنت يا سيد الإعلام، يا حامل الراية، يا من وقفتَ بكلماتك وصوتك الشجي، يا من أرعبت العدو وهزأت بكيانه المصطنع، التحقتَ سريعاً مقبلاً مبتسماً تنتظرها ولهفة الفؤاد سابقت كلّ عقارب الوقت لتلتحق برفيق الدرب وأنيس الروح.
نعم اشتقتَ للسيد، واشتقتَ للهاشمي الجميل، اشتقت للحاج جهاد والحارس الأمين. اشتقتَ يا حاج محمد ان تلتقي بالقادة العسكريين وتستأنس بهم فاستعجلت الرحيل، رويتَ قصصاً تُجمَع في مجلدات وكم تمنيتُك ان تكتبها لكنك كنت تبتسم وتقول الوقت سيمضي سريعاً ولن استطيع إنهاء الرواية…
نعم يا حاج محمد كنا ننتظر منك ان تنهي حكايانا، حكايا الانتصار، أن تقصّها… أن تكتب خاتمتها لنرويها لأحفادنا، لنخبرهم أنّ العالم كله اجتمع لكسر المقاومة وإذلالها لكنه لم يستطع ان يتجاوز كيلومترات ولا أن يربح الحرب.
سيفتقدك المنبر، ستفتقدك الصالونات السياسية، ستفتقدك مراكز صنّاع القرار، وسيفتقدك السياسيون…
بكلّ تأكيد سيفتقدك الشاي ذو النكهة العراقية الذي كنتَ تتغنّى به…
لقد انتصرتَ يا حاج محمد، يا نصير المقاومة ورافع رايتها، خافوا وقعَ كلماتك فأسكتوا الصوت لعلهم يعيثون فساداً …
نبشركم… أننا قوم لا نُهزم، فالراسخون ثابتون، وكلّ رجل فينا كرار غير فرار.
مزروعون في الأرض كشجر الزيتون وعطر البرتقال يفوح من وجناتهم….
هناك هم في الخيام وشمع وطيرحرفا والناقورة… هناك هم في كفركلا والطيبة وميس الجبل وطلوسة… هناك هم في بنت جبيل ويارين ومارون… هناك هم في كلّ ذرة تراب سينبت الزرع ولو بعد حين وسينتصر أصحاب الحق.
أصدقائي زملائي الشهداء الحاج موسى الطيب الصبور المحترم، والحاج محمود صاحب الضحكة التي لا تختفي، والأخ هلال الطموح صاحب الأفكار المجنونة، وحسين الهادئ كالبحر… هنيئاً لكم هذا النصر الجميل فزتم أنتم وخسرنا نحن…
يا اخوتنا كلّ الكلمات لا تفيكم حقكم، يا من أدّيتم المهمة حدود الرقي والارتقاء، شكراً لأنكم كنتم معنا، شكراً لأنكم أوفيتم الأمانة.
السادة الأصدقاء والمحبّون… نعاهدكم اننا سنبقى معاً نواجه كلّ الحملات الكاذبة المضللة سنبقى للدفاع عن المظلومين ولإعلاء كلمة الحق،
سنبقى لأجل المقاومة بالقلم والصوت والمنبر…
هل تذكرون هذه الجملة،
إذا سمعتم يوماً ما عن مفاوضات سياسية لوقف إطلاق النار ‏فاعلموا أنّ سببها الوحيد هو الميدان وصمود أبطال المقاومة في الميدان.
أليس هذا ما حصل؟ ما الذي حققه “الإسرائيلي” طوال هذه الفترة؟ إبحثوا عن الهزائم في أقوالهم، إبحثوا عنها في كلّ نفوس المستوطنين، منهارون هم… وفي المقابل أنظروا الى الشعب الجنوبي حيث البعض انتقل الى قراه عند الساعة الرابعة صباحا اي عند الإعلان عن وقف اطلاق النار.
ترى كيف تُهزم مقاومة وشعبها أبيّ لا يساوم؟ ترى كيف تُهزم مقاومة وأبناؤها يقفون في وجه العواصف العاتية؟
في الختام نشكر كلّ الأهالي الذين تركوا قراهم وانتقلوا إلى مناطق أخرى. نشكر الأهالي الذين استضافوا وفتحوا بيوتهم للضيوف، نشكر كلّ فرد ومؤسسة ساهمت بمساندة الأهالي، ونعاهد أميننا أننا سنبقى عل النهج وستستمر المسيرة وسينتصر الحق وسنكمل الطريق حتى ننال إحدى الحسنيين إما النصر وإما الشهادة.
ليبقى لبنان عزيزاً كريماً وليبقى أبناؤه أسياد هذه الأرض.

قنديل: سنكمل الطريق
حاملين إيمانك والوصايا

كلمة اللقاء الإعلامي الوطني ألقاها رئيس تحرير جريدة “البناء” النائب السابق ناصر قنديل، وجاء فيها:
كلمة في يوم العفيف
لجرحك الذي لا يبرأ ولا يندمل
لابتسامتك تحلّ وترتحل
لقلق محمود وهو يبحث عنك
وموسى يطرز الحروف معك
وهلال وحسين عيونك الساهرة
ورنا مشغولة كأمّ العروس
تقفز بالدمع بين ابتسامة وعبوس
تقطفون معاً اللحظة النادرة
تعقد مؤتمراً وتطلق الصافرة
أن آن أوان السيد للحضور
فقد ضاقت الحناجر والصدور
وصار الموت وسادة
واستحق في الحق معنى الشهادة
وقد كنت وتبقى الظاهرة
أيها العفيف الجسور الصادح
في وجه الحقيقة أنت الملامح
كان الصدق سبيلك والله وكيلك
كم كان قلبك يتسع للأحبة
وكم تبكيك القلوب المحبة
*****
استشهد السيد فغابت شمس القيادة ونحن في ذروة الاشتباك، وكان الذهول وكان الارتباك،
فخرجت بصوتك تشتري للمقاومة الوقت،
وتخرق جدار الصمت،
تمنح المقاومة وقت التعافي من الصدمة وترتيب الصفوف،
وسلاحك الصوت والخروج من العتمة وإشهار الحروف،
كان الشهر كثيراً لتصمد فجعلتها خمسين يوماً
تقول الحق والحقيقة ولا تخشى فيهما لوماً
هكذا كنت دوماً…
وامتشقتَ روحك تستعدّ ليوم التلاقي
مستخفاً بالحياة ومعنى البقاء
وقد استشهد قادة وصاروا بدراً وهم نجوم السماء
ما عدنا نبكيهم فقد جفّ الدمع في المآقي،
صرنا نردّد النصر للمقاومة والله هو الباقي،
حتى استشهدت عفيفاً يا أغلى أصدقائي،
كيف لهذا القلب أن يحتمل
أما آن لهذا البدر أن يكتمل؟
كنا اتفقنا أن نؤجّل الحزن ونبكي معاً
من أين آتيكما عني وعنك أدمعا
******
أيها الذكي اللماح كعبقرية زراعة القمح ببساطة
كجري الماء العذب في النهر تقدّم عن الوضع إحاطة
تخطف قلوب الأحبة بابتسامة الصدق ويد ممدودة بكلّ احترام،
لم تضع بينك وبين الآخرين يوماً حاجزاً يسمّونه المقام،
لم يكن الصف الأول عندك إلا حيث تجد الأصدقاء،
سقطت عندك المظاهر والمغانم والألقاب والمناصب وحب الأشياء،
تعلقت بالأرواح واعتبرتها أغلى أعطية السماء،
العفيف ابن العفيف والصديق ابن الصديق والأخ الملهوف،
لم تضع عليك الطريق ولم يبعدك عنها حساب ولا ظروف،
كيف جمعت حروف اسمك فتكنّيت بالرسول اسماً وبفلسطين التتمة
أيها النابلسي العفيف محمداً لخّصتها بجملة أنّ المقاومة أمة،
كان الحرف بين شفتيك مهنداً وقد خصّك الله بالبيان نعمة،
كان الصدق سبيلك لمعرفة الحقيقة والثقة بالصواريخ الدقيقة،
من جبهات القتال وكيف تصنع الآمال كان الصدق هو الطريقة،
على خطى سيد القلوب كنت تردّد النصر آت بلا تردّد.
******
حرصت دوماً على الانتباه وعلى تبديد كلّ اشتباه،
أن لا عدو لنا في الوطن مهما تلوّن البعض أو تخاذل أو تاه،
انّ بلدنا بعض من جنان الله حباه بنعمة التعدد،
أشداء على أعدائنا وفي الداخل مرونة بدل التشدّد،
غلبتَ من أساؤوا إليك وللمقاومة بتفوّق الأخلاق،
وبقيتَ تقول لا تردّوا عليهم أشفقوا على جماعة النفاق،
وفي يوم النصر تدعوهم للمشاركة،
كما أهدى السيد النصر في معاركه،
عقيدة كانت تلك الثقة بأنّ المحبة تؤتي ثمارها،
وأنّ المقاومة أمّ الجميع والجميع صغارها،
وألف لعنة على كلّ من أيقظ فتنة،
مهمتنا التلاقي لا صناعة المحنة،
وأن أبقوا عيونكم على سورية فهي حصن العرب،
لن تسقط فإنْ سقطت ضاعت فلسطين ولا جدوى من الغضب.
******
كان عشقك الأول والأخير سيد المقاومة،
ويقين بفلسطين حرة في الأيام القادمة،
وكان عطرك المفضل عرق المجاهدين وعبق دماء الشهداء،
تقول رفقاً بهم لا تثقلوا الخطى ففي كلّ حبة تراب ثقل العطاء،
سارعتَ خطاك إليهم تسير قفزاَ إلى الأمام،
سلم عليهم وقبل لنا يد سيّدنا الإمام،
******
أيها العفيف… هذا اللقاء الإعلامي الوطني هو أنت، يشبهك بفرادة التنوع اللبناني، المستمسك بالمقاومة حبل خلاص والمؤمن بصدقها وإخلاصها ووطنيتها الصافية، والفخور بشهدائها وقادتها وحجم تضحيات أهلها، وما كان هذا الجمع البهي الذي يشبه لبنان الوطن الشامخ شموخ الأرز، لولا الثقة التي أنشأتها بينك وبين كلّ واحد فيه، وقد حوّلتها الى ثقة بين أعضائه فصاروا جمعاً فاعلاً، لا يملك اليوم إلا عهد الوفاء للمضيّ قدماً في الطريق الذي تعاهدنا عليه.
أيها العفيف نحمل إيمانك بتلازم الحق والحقيقة، ونحمل يقينك بأنّ المقاومة لا تحتاج لنيل ثقة الناس إلا أن تروي الحقيقة كما هي، فالحقيقة هي حقنا المذبوح على سكين السياسات الاستعمارية، من يوم صار لنا وطن ندرك أنه لن يستقرّ، حتى تتعافى منطقتنا من هذا الكيان الخبيث الذي يعيث فيها فساداً ويتربّص ببلدنا أطماعاً وعدواناً، ونحن نعبر ما بين عيد الاستقلال وعيد الجلاء، نؤمن بما آمنت أنّ حروب المقاومة هي حروب استقلال وجلاء، وأنّ الوقوف مع سورية هو الدفاع عن أمن لبنان، وأنّ إسناد غزة استباق الحرب عليه، وأنّ انتصارات المقاومة لا تحتاج الى أن يصنع لها من الفبركات المزيد، وروايتها وحدها كما هي تكفي، وأن تضحيات المقاومة وأهلها لا تخجلنا كي نخفيها بل هي فخرنا الذي به نكبر، وأنّ الحرب سجال وكرّ وفرّ ولا نخشى الاعتراف بنقاط ضعفنا وخسائرنا، فالاعتراف بها يمنح نقاط قوتنا وانتصاراتنا مزيداً من المصداقية والقوة، وأنّ حربنا النفسية التي تعلمناها في مدرسة سماحة الإمام سيدنا وسيد المقاومة، تقوم على الحقيقة والحقيقة فقط وليست مجموعة مزاعم وأكاذيب وادّعاءات تسقط أمام أول شعاع ضوء كاشف.
أيها العفيف… نحن واثقون بأنّ هذا الصبر العظيم يخلفه نصر عظيم، أليس السيد من وعدنا بالنصر دائماً وظلّ يعدنا بالنصر مجدّداً؟
سنحمل وصايا أساتذتك من الشيخ العفيف فلسطين تبقى البوصلة لكلّ ساح، ومن الشيخ الراغب حرباً الموقف سلاح، ومن السيد عباس حفظ المقاومة الوصية الأساس، ومن الإمام سيد شهداء محور المقاومة السيد حسن نصرالله “ولى عهد الهزائم وجاء عهد الانتصارات” و”إسرائيل هذه أوهن من بيت العنكبوت”
تغيب الأجساد والأرواح لا تموت.
أيها العفيف… كما كان عهدنا معك هو عهدنا مع مقاومتك، وعهدنا مع شيخها الأمين كما كنا مع سيدها الأمين.
التحية للأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم مؤتمناً على مسيرة المقاومة.
سلم على السيد أيها العفيف والسلام عليك وعليه والسلام عليكم…

ريفي: العيار الأغلى
من معادن الرجال

وألقى نائب نقيب محرري الصحافة اللبنانية غسان ريفي كلمة النقابة، وقال فيها: نال الحاج محمد عفيف ما تمنّاه، فارتقى شهيداً ملتحقاً بالشهيد الكبير السيد حسن نصرالله وبمواكب الشهداء الذين بذلوا حياتهم في مواجهة عدو غاشم، غاصب، لا يقيم حدوداً لإجرامه.
لم يحمل الحاج محمد عفيف سلاحاً في هذه الحرب، لكن كلمته وحيويته وحضوره وجرأته وشجاعته وإصراره على تغطية كلّ الثغرات التي خلفتها العمليات “الإسرائيلية” الإجرامية بالمقاومة، وكان كلّ ذلك يشكل خطراً حقيقياً على العدو.
كان الحاج محمد عفيف استشهادياً مدنياً يتنقل من مكان لآخر تجسيداً لفعل المقاومة والدفاع عنها، وكان الضوء والصوت والصورة والكلمة وفي آن معاً، وكان يدرك أنه مستهدف، لكنه لم يأبه لذلك، ولم يستمع الى نصائح، ولم يترك هواتفه المفتوحة ولا اتصالاته مع وسائل الإعلام المختلفة للتأكيد على أنّ المقاومة استعادت عافيتها وجهوزيتها وحضورها، فكان قرار اغتياله الآثم عن سابق تصوّر وتصميم لإسكات صوته الذي أربكَ العدو وأسقطَ القناعَ عن وجهه البشع.
أضاف ريفي: إنّ غياب الحاج محمد عن مسرح السياسة الداخلية والإعلامية خسارة كبرى لا تعوّض، لأنه استطاع ان يبرز كواحد من فرسان الكلمة والاعلام الذين نسجوا علاقات مميّزة مع وسائل الإعلام والإعلاميين من ايّ توجه أو انتماء كانوا. وكانت للحاج رحمه الله، علاقة وثيقة عمادها الاحترام المتبادل مع نقابة المحررين، ونذكر كيف أنه كان أول المتجاوبين معها عندما دعت إلى عقد لقاء لمسؤولي الإعلام في الاحزاب اللبنانية، والدور الإيجابي الذي اضطلع به لإصدار وثيقة تتعلق بحرية الصحافة والإعلام وممارستها إلى أبعد الحدود، مع تأكيد الحفاظ على أخلاقيات المهنة وأدبيات التعاطي.
انتصر الحاج محمد عفيف بإكليل الشهادة، وحقق أمنيته بأن يلحق بحبيبه وروحه شهيداً وهو الذي رآه في المنام يمسح بيده على شعره.
استشهد الحاج محمد أعزلَ إلا من إيمانه بقضيته وحقه في تحرير أرضه من دنس الاحتلال.
لم يمتلك سلاحاً، بل قلماً… لم يطلق رصاصة بل كلمة،
لم يضرم ناراً بل أعلن موقفاً، ولأنه فعل ذلك، لم يجد العدو “الإسرائيلي” أمامه إلا إزاحته بالغدر الذي اعتاد عليه هذا العدو…
سيبقى الحاج محمد عفيف حاضراً بأعماله، بأقواله، بمبادراته، وبالذكرى الطيبة التي طبَعها في قلوب محبّيه وأصدقائه وعارفيه لأنه كان علامة فارقة وشامة على جبين الإعلام اللبناني والعربي في زمن القحط الوطني والأخلاقي.
رحم الله شهيدنا الكبير، وباسم نقيب المحررين ومجلس النقابة وبإسمي، أتقدّم من المقاومة وبيئتها ومن عائلة الحاج محمد وعوائل رفاقه الأبرار ومن اللقاء الإعلامي الوطني المقاوم بأحرّ التعازي، سائلاً الله أن يسكنهم الفردوس الأعلى مع النبيّين والصدّيقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا..
الشهيد الحاج محمد عفيف، الشهيد الحاج موسى حيدر، الشهيد الحاج محمود الشرقاوي، الشهيد هلال ترمس الشهيد حسين رمضان..
أنتم السلف الصالح وأنتم الأسوة الحسنة، وأنتم العيار الأغلى من معادن الرجال، سلام لكم وسلام عليكم…

حاطوم: لم يخلف
وعداً إلا بالشهادة

وألقى الدكتور طلال حاطوم كلمة نقابة الصحافة، خاطب فيها الحاج محمد عفيف قائلاً: كنت دائماً تتصل لنلتقي، وفي آخر اتصال قلت إن شاء الله، وشاء الله أن يختارك شهيداً وأن نبقى هنا لكي يصبح الإعلامي هو الخبر.
أضاف حاطوم “لم يخلف الشهيد وعداً ولم يبدّل عهداً إلا عندما قرر أن يلتحق برفيق دربه، دون ان يتخلى عن مسيرة الإعلام الوطني المقاوم الذي أرسى الحاج محمد ركائزه، مُنطلقاً من رسالة الإمام الصدر ونظرته للإعلام ودوره في حمل قضايا المجتمع وفي مقدّمها المقاومة التي تشكل أسمى القضايا”.

جبور: مقاوم مقدام
بفائق الجرأة والشجاعة

وكانت كلمة لنقيبة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع رندلى جبور قالت فيها: يعزّ عليّ أن أقف في غياب الحاج الصديق محمد عفيف وفي مكانه هو العابق بتفاصيله، ويتملّكني الحزن على فراقه لأنّ فراقاً كهذا مفترق في حياة مَن عرَفَه، ويعتصر قلبي أنني بدلاً من أتحدث معه أتحدث عنه شهيداً ولو كان للشهادة مستحقا…
هل حقاً اغتالوه؟ حتى الآن وبعد عشرين يوماً على انسكاب الدم أرفض أن أصدّق رغم أنّ اغتياله كان متوقعاً لأنه رفع صوته إلى أقصى حدّ في وجه عدوّ مجرم لا يتحمّل أن سمع مَن يكشف حقيقته ولا يتقبّل أن يقول أحدهم كلمة حق من دون كفوف ومن دون سقوف.
الحاج محمد تحدّى العدو بحضوره في الساحات، وتحدّى العدو في عدم السكوت، وفي إبقاء التواصل قائماً مع بيئة المقاومة والعلاقة متينة مع الإعلاميين.
الحاج محمد كان في تواضعه قائداً، وفي مهنيّته مثالاً، وفي حمله قضية حتى النزف بطلاً، وفي تقديره لكلّ مَن يسير على الصراط المستقيم محطّ تقدير. بوجوده كنا نشعر أنّ لنا سنداً وأمامنا خطاً مفتوحاً وباباً لا يُغلق مهما كانت الظروف.
كان مقاوماً مقداماً لكنه لم يبالغ يوماً في تقدير الموقف، ولم يعطِ مرة معلومة مضلّلة، ولم يتدخل يوماً في أيّ حرف نقوله وفي أيّ كلمة نتلفّظ بها، ولم يطلب منا شيئاً إلا اللقاء على كلمة سواء،
لطالما احترم تنوّعَنا وحريتنا ومقارباتنا، واحتضن لقاءنا الإعلامي الوطني على اختلاف انتماءات أعضائه، لأنه كان واثقاً بنا وعارفاً أننا على ألواننا الكثيرة لا يمكن أن نخون وطننا ولا يمكن أن نقف في صفّ الأعداء مهما كان الثمن.
كان الحاج محمد يتفهّم خوف البعض في المفاصل القاسية ويعتبره طبيعياً ويحترمه، فالصمت مشروع، لكن الطعن في الظهر هو الحدّ الفاصل الذي على أساسه يُقاس الإنسان، وهو كان إنساناً بفائق الإنسانية، ولبنانياً بفائق الوطنية، ومقاوماً بفائق الجرأة والشجاعة.
كان هو كلمة السرّ لنا بالمفهوم المُحبّب للكلمة، كما قلتُ له في إحدى رسائلي. يكفي أن يقول أحدهم: “الحاج حابب نلتقي” حتى نلتمّ، وإكراماً لدمائه مطلوبٌ منا أن نبقى صوتاً إعلامياً واحداً صادحاً في برية هذا الوطن ويداً واحدة متماسكة، وأن نبقي اجتماعاتنا قائمة كما لو كان بيننا، ولتبقَ كلمة السرّ “الحاج حابب نلتقي” ولو في غيابه، فطيفُه سيكون حاضراً حتماً.
مع الحاج محمد عرفتُ أنّ المقاومة عمقٌ لبناني، وأنّ كلّ الطرق اللبنانية مفتوحة إليها لمن يريد أن يرى لا أن يسمع فقط، معه لم أكن أشعر بأيّ هوّة لا حزبية ولا طائفية ولا مناطقية، معه كنت أشعر أنني في حضرة إعلاميّ مقاومٍ مخضرم يفتح أبوابه للقاء وأذنيه للإصغاء وقلبه لأيّ تساؤل، وفي حضرة عالمٍ بطينة البشر…
ولا أخفي أنني في الغداء الأخير معه قبل أقلّ من أسبوع من استشهاده شعرت أنه كان يودّعنا، كان متعباً من قيادة المقاومة لـ 53 يوماً ولكنه كان مثقلاً بالإيمان بالنصر. كان أرخى شعرَه ولحيته قليلاً على غير عادته، وذلك لكي لا يعرّض حلاقه للخطر، بمثل هذه الفاصلة تكتشف إنسانية الإنسان…
صارحته بأنني في الفترة الأخيرة كنت أتردّد في التواصل معه خوفاً عليه هو من كثرة الاتصالات التي يمكن أن تعرّضه للانكشاف التقني أكثر وبالتالي للمزيد من الخطر، ابتسم ولم يُجب… هذه فاصلة تعبّر أيضاً عن تركه الحرية لنا في كيفية التصرّف فإذا أردنا خطه مفتوح وإذا أحجمنا يتفهّم…
نال الحاج محمد عفيف الشهادة بعد مسيرة طويلة افتتحها بكتابة البيان الأول عن عملية الاستشهادي أحمد قصير مطلع ثمانينات القرن الماضي، والفراغ من دونه كبير، لكنني على يقين بأنه كما السيد الشهيد حسن نصرالله ترك خلفه جيلاً من المجاهدين أولي البأس، فإنّ الحاج محمد عفيف ترك خلفه جيلاً من الإعلاميين أولي صوت الحق والصبر والاستمرار والجهاد بالكلمة… وأذكر منهم “زينب” مكتب العلاقات الإعلامية في حزب الله الصديقة رنا الساحلي، وترك خلفه ناطقين بالحقيقة، وأكثرهم موجودون بيننا هنا، وأخصّ المنسق العام للقاء الإعلامي الوطني الصديق سمير الحسن “دينامو” اللقاء الذي أنا على ثقة بأنه لن يسمح بانفراط شملنا، بل لعلّنا اليوم أمام مسؤولية أكبر في أن نبقى مجتمعين موحّدين سائرين على طريق إعلان الحقيقة.
ومن دمه ورائحته ترك لنا أشقاءه وأخصّ الحاج بهاء النابلسي نائب النقيب في نقابة المرئي والمسموع، العامل البهيّ على خط العلاقات الصافية والإعلام الملتزم، وأيضاً الشيخ صادق الإسم على مسمّى صدقه في كلّ كلمة ينطق بها.
أخيراً أقول إنّ الحاج محمد كان عرّابنا الإعلامي، وكلّنا أخوة في الوفاء والتكاتف وحمل الأثقال معاً وبإذن الله سننتصر لرسولية مهنتنا.
العزاء مشترك لعائلة الحاج محمد عفيف ولنقابتنا نقابة العاملين في الإعلام المرئي والمسموع في لبنان، وللقائنا الإعلامي الوطني، ولكلّ إعلامي يتبع قول الإنجيل “تعرفون الحق والحق يحررُكم”، رحم الله الحاج الصديق محمد عفيف وللكلمة المقاومة طول البقاءوالوفاء…

عز الدين: الكلمة المقاومة
توأم الزند المقاوم

كلمة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ألقاها عضو الكتلة النائب حسن عز الدين الذي خاطب القائد الشهيد محمد عفيف قائلاً: يعزّ عليّ أن لا أشخص بكلّي جسداً وروحاً لأخاطبك على مسمع ومرأى هذه الوجوه والقامات العزيزة والوطنية الصادقة والشجاعة.
يعزّ عليّ أن تبارح منصة الإعلام المقاوم ولما يزل شعبنا يتلهّف لسماعك وأنت تحادثه بثقة وصدق وصراحة واعتزاز… تعرُضُ له وقائع المواجهات والتحديات وحقائق البطولات والصمود وتتركه يُعاين إجرام العدو ووحشيته في قتل المدنيين وتدمير القرى والمباني السكنية بقذائف أميركية المصدر والإجازة الجرمية.
تحدّث الكلُّ عن شجاعتك التي لم تخفَ على أحد، وأتحدث عن حكمتك وحسن إدارتك في زمن الاهتزازات والمفاجآت، لا في زمن السلم والأمان.
أتحدث عن بدائلك المتوالية، عن اتصالاتك، عن همّتك وإبداعك في تجديد المشهد والإطلالة واختيار الشخص والمكان والزمان، حتى لا يعود رتيباً ونصاً لا يعانق روح الشهادة. ولا يثبت فاعليته في صناعة الحدث والتحوّلات.
حاج محمد عفيف ايها القائد الشهيد
في جعبتنا الكثير الكثير مما يُقال فيك وعنك، في ميزاتك وهمّتك، في دماثة خلقك ورجاحة عقلك، في صدق التزامك وانسجامك مع نفسك، في علاقاتك وحضورك، في جرأتك باتخاذ القرار وعلى عهدتك، ومع ذلك كله، في تواضعك وزهادتك، مع سمو تطلعاتك وروعة عنفوانك.
با ابن المقدس العفيف… والوفي للأسمى الأمين الشهيد… أحييت بشهادتك معادلة “الكلمة المقاومة توأم الزند المقاوم”، كلاهما يجهد في الميدان، يتصدّى ويواجه العدوان ويورث الأجيال حاضراً ومستقبلاً، يصنعهما الإيمان بالحق والشجاعة في الدفاع عنه..
مثلك يا حاج محمد عفيف لا يغادر ساحة الشرف… بل يصبح أيقونته ورمزه والمثال.
على خيارك نمضي لننجز مع شعبنا الوفي والأبي والسخي والمقدام.. ومع الصادقين وأهل الفكر والكلمة والرأي والإعلام… نصرا ونهجاً نأمن به على وطننا وسيادته.
سلام لك وعليك شهيداً قائداً على طريق القدس، وعهدٌ لإخوانك وأهلك وأسرتك وأصدقائك ان نواصل مسيرة المقاومة وحزب الله…
نحفظ دماء الشهداء وتضحيات الأهل والمجاهدين ووفاء الداعمين المؤيدين.. وأن نبقى صوت الحق والعدل رافضين الإقرار بشرعية كيان الاحتلال والعدو الصهيوني، مندّدين بالتطبيع معه وبالتغطية على توحشه وجرائمه وبالتواطؤ على قضية فلسطين وقدسها مهما غلت التضحيات وبلغت الأثمان…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى