أولى

اتفاق غزة

 

تجري تحوّلات على طريقة مقاربة كل من رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وقيادة حركة حماس لملف التفاوض توصلاً إلى اتفاق في غزة يتضمن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، ما يجعل هذا الاتفاق ممكناً أكثر من أي وقت مضى.
فشلت محاولة نتنياهو تحويل وقف إطلاق النار مع المقاومة في لبنان إلى انتصار بعيون الرأي العام داخل الكيان، لكن المشهد السوريّ الذي تدحرج فجأة الى حدث إقليمي كبير، فاجأ أصحابه ومؤيديه والخاسرين على السواء، منح نتنياهو الفرصة لتظهير انتصار كبير عبر مشهدية مئات الغارات التي دمّرت قدرات الجيش السوري، بالتزامن مع توسيع الاحتلال إلى ما بعد الجولان داخل الأراضي السورية، ومعهما خروج إيران من سورية وانقطاع خط تواصل إيران وحزب الله عبر الأراضي السورية، بحيث تراجعت مخاطر تحوّل بعض التنازلات التي تمهد الطريق لاتفاق غزة، إلى سبب لهزّ أوضاع حكومته أو مدخلاً لنظرة الرأي العام له كمهزوم.
على جبهة حركة حماس، رغم قدرتها على مواصلة المقاومة، ورغم بقاء الإسناد اليمنيّ، فإن الحدث السوري حجب الأضواء عن كل شيء آخر، وسوف يستمر كذلك لأسابيع وربما لشهور، إذا ترتبت عليه تداعيات كبيرة يجري الحديث عنها كثيراً، ما يعني أن مجازر الاحتلال سوف تتواصل ولن تؤثر في الرأي العام العالمي، ولن تتحوّل إلى ضغوط على نتنياهو لتسريع الحل، ولذلك تجد قيادة حماس أنه لا مانع من السعي للاتفاق بشروط أقل تشدداً، إذا كان ممكناً بمعونة مصرية وقطرية التوصل الى تدوير الزوايا توصلاً إلى اتفاق فلا مانع من تقديم بعض التنازلات، التي تنتهي إلى ما تريده حماس، ولكن بطريقة متدرجة.
الصيغة التي يجري التداول بها بصورة توفر لنتنياهو فرصة الخروج بوضعيّة لا يكون فيها قد تراجع عن شروطه، وتتيح لحماس أن تنتظر شهوراً لبلوغ مطالبها، وذلك عبر اتفاق يقوم على وقف إطلاق النار لستين يوماً وتبادل الأسرى ذوي الحالات الإنسانيّة والبدء بالتفاوض على إنهاء الحرب، وجدولة الانسحاب زمنياً، خصوصاً أن صيغة اللجنة المشتركة بين حركتي حماس وفتح لإدارة غزة بعد انتهاء الحرب لقيادة إعادة الإعمار تتيح لنتنياهو القول إنه لم يقم بإعادة غزة إلى حضن حكم حماس.
يحتاج الرئيس الأميركي جو بايدن إلى إنهاء الحرب في غزة قبل نهاية ولايته، كما يحتاج الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى دخول البيت الأبيض والحرب قد انتهت، ويحتاج نتنياهو إلى القيام بما لا يغضبهما وهو عشيّة تحولات في المنطقة تشكل واشنطن اللاعب الأكبر فيها، بدولة عميقة توالي الديمقراطيين ودولة تملك اتخاذ القرار برئاسة ترامب مع أغلبية في مجلسي النواب والشيوخ.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى