قاسم: حزب الله مستمرّ والمقاومة مستمرّة ولبنان بعناصر قوّته مستمرّ وضمن برنامجنا إعادة الإعمار بمساعدة الدولة والعمل الجادّ لانتخاب الرئيس
اتفاق وقف النار هو لوقف العدوان وليس لإنهاء المقاومة
هيهات أن نستسلمَ وأن نكونَ أذلّة… هذا أمر لا يمكن أن يكون مع المقاومة
خسارة طريق الإمداد العسكريّ عبر سورية تفصيل
نتمنّى التعاونَ بين الشعبين والحكومتين في سورية ولبنان
أكّدَ الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أنَّ «المقاومةَ انتصرَت لأنَّ العدوَّ لم يتمكّن من تحقيق هدفه المركزيّ وهو القضاءُ على حزبِ الله، ولم يتمكّن من إعادة المستوطنين من دون اتفاق»، وعندما أدركَ العدوّ «الاسرائيليّ» أن الأفقَ في مواجهة مقاومة حزب الله مسدودٌ، ذهبَ إلى اتفاق إيقاف العدوان على لبنان، مشدّداً على أنَّ هذا الاتفاق «تنفيذيّ مستمَدٌّ من القرار 1701 ويرتبط بجنوبِ نهر الليطاني حصراً، ونحنُ نتابعُ ما يحصل ونتصرّفُ بحسبِ تقديرنا للمصلحة، ومقاومة حزب الله مستمرّة إيماناً وإعداداً».
كلامُ قاسم جاءَ في كلمةٍ متلفزةٍ أول من أمس تحدّثَ فيها عن أربعِ نقاطِ «أولاً تقييمُنا للأحداث والعدوان على لبنان ووضعنا الحاليّ والمستقبليّ، ثانياً ما هو مستقبلُ المقاومة في لبنان؟ ثالثاً ما هو برنامجُ عملِ حزبِ الله للمرحلة المُقبلة؟ رابعاً ما هو الموقفُ من التطوّرات السورية».
وفي التقطة الأولى، أكّدَ قاسم “أنّ مساندةَ غزّة كانت عملاً نبيلاً وراقياً، وهو واجبٌ علينا بل هو واجبٌ على كلِّ الأمّة على كلّ العرب والمسلمين وعندما لم يقوموا بواجباتهم توغَّل الصهاينة، وقاموا بما قاموا به وفرعنوا على الأرض”، مضيفاً نحنُ كنّا نتوقّعُ أن يحصلَ عدوانُ إسرائيل المُجرمة، الغاصبة على لبنان في أيّة لحظة لكن لم نكن نعلم ما هو التوقيت الذي سيختاره الصهاينة لهذا العدوان، هذا الأمر كان قبل طوفان الأقصى واستمرَّ بعد طوفان الأقصى فكان العدوانُ في أيلول”.
وتابع “نحن لم نكن نعرف الزمانَ مسبقاً، لكن في الواقع هذا ليس له علاقة بإسنادِ غزّة، هذا له علاقة بالمشروع التوسعيّ الإسرائيليّ لأنَّ العدوَّ يريدُ إلغاء أيّ مقاومة تقفُ بوجه مشروعه التوسعيّ على مستوى كلّ المنطقة”.
وفيما سأل “ماذا أنجزَ العدوّ من عدوانه على لبنان؟” قال “بكلّ وضوح أنجزَ قتل القيادات في حزب الله وعلى رأسهم سماحة سيّد شهداء الأمّة السيّد حسن نصر الله وعددٍ من القيادات والمجاهدين وأنجزَ الاختراقات لشبكة الاتصالات وتفجير البايجر والأجهزة السلكيّة، هذا من إنجازات العدوّ وكان الثمنُ كبيراً ومؤلماً، لكن لم يحقِّق أهدافَه في هذه العمليّات التي حصلت في أواخر شهر أيلول، ثم قامَ بجرائمه الوحشيّة على المدنيين والقرى والبيوت والآمنين والأطفال والنساء”.
وأوضحَ أنَّ “الجرائمَ كانت تستهدفُ كسرَ المقاومة لكنّه لم يتمكّن على الرغمِ من عظيمِ التضحيات، إذاً الجرائم الإسرائيليّة ليست إنجازاً، في المقابل أنجزنا منع العدوّ من القضاء على المقاومة وسحقها كما ذكرَ مرّاتٍ عدّة بأنه يريد أن ينهي وجود حزب الله، منعَه المجاهدون المقاومون من التقدُّم في الميدان، وكانت صواريخهم تصل إلى الجبهة الداخليّة وآلمناهم كثيراً وهجّرنا الكثيرَ من المستوطنين، أكثر من 200 ألف مستوطن تقريباً، وكذلك قتلت المقاومة مئات الجنود وجرحت المئات من الجنود أيضاً وحصلت أضرارٌ اقتصاديّة واجتماعيّة وأضرارٌ بأنواعٍ شتّى في الداخلِ الإسرائيليّ”.
ولفتَ إلى “أنّنا تحمّلنا وتحمّلَ أهلنا التضحيات الكبيرة لعدمِ كسرِ المقاومة”، وحيّاهم جميعاً “هؤلاء الشجعان الذين حموا المقاومة وحملوها واعتبروا أنَّها خيارهم الوحيد والأساس في هذه المواجهة وفي هذه التضحيات، فكانوا سنداً للمقاومين والمجاهدين الأبطال الذي صمدوا في الميدان، مقابل هذا التحمُّل لمن يقول لنا لماذا تحمّلتم، المقابل هو الاستسلام وخسارة كلّ شيء، هيهات أن نستسلمَ وهيهات أن نكونَ أذلّة. هذا أمر لا يمكن أن يكون مع مقاومة حزب الله، وهنا من يعتبر أنَّ المشكلة التي حصلت في لبنان أنّ الخسائر كبيرة يا حزب الله ماذا تفعل بهذه الخسائر الكبيرة؟ السؤال ماذا نفعلُ بهذا العدوان الكبير؟ العدوان هو المشكلة وليست المواجَهة هي المشكلة”.
وأكّدَ “أنّنا تمكنّا أن ننجزَ هذه المواجهة بانتصارٍ حقيقيّ أدركَ العدوّ الإسرائيليّ أنَّ الأفقَ في مواجهة مقاومة حزب الله مسدودٌ فذهبَ إلى اتفاق إيقاف العدوان، معتبراً أنَّ العدوّ “ذهبَ إلى وقفِ إطلاق النار بسبب عوامل القوة والصمود”.
وأشارَ إلى “أنَّ تقييمنا أنَّ المقاومة انتصرت لأنَّ العدوّ لم يتمكّن من تحقيقِ هدفه المركزيّ وهو القضاء على حزب الله ولم يتمكّن من إعادة المستوطنين من دونِ اتفاق، ولم يتمكّن أن يدخلَ إلى الشرقِ الأوسط الجديد من بوابّة لبنان. كنّاً سدّاً منيعاً منعناه من تحقيق هذا الهدف من بوابّة لبنان”، لافتاً إلى أنَّ “المقاومة بقيَت إلى اللحظة الأخيرة في الميدان وبقيَ المجاهدون يقاومون على الحافّة الأماميّة وهم مرفوعو الرأس وهم في بأسهم الشديد”.
وشدّدَ على أنَّ “هذا الاتفاق هو لإيقاف العدوان وليس لإنهاء المقاومة، هذا الاتفاق هو اتفاقٌ تنفيذيّ مستمدٌّ من القرار 1701 ويرتبطُ بجنوب نهر الليطاني حصراً، بحيث تنسحب إسرائيل إلى الحدود اللبنانيّة وينتشرُ الجيشُ اللبنانيّ كسُلطة وحيدة تحملُ السلاح، فلا يتواجد المسلّحون والأسلحة في هذه المنطقة، ولا علاقة للاتفاق بالداخل اللبنانيّ وقضاياه وعلاقة المقاومة بالدولة والجيش ووجود السلاح وكلّ القضايا الأخرى التي تحتاجُ إلى حوارٍ ونقاش».
وقال “لقد صبرنا خلال هذه الفترة على مئات الخروق الإسرائيليّة من أجل أن نساعدَ على تنفيذ الاتفاق، وكي لا نكون عقبةً أمامَه ولنكشف العدوّ الإسرائيليّ ونضع كلّ المعنيين أمامَ مسؤوليّاتهم الحكومة هي المعنيّة بمتابعة منع الخروق الإسرائيليّة، واللجنة المكلَّفة بمواكبة الاتفاق هي المعنيّة بمنع الخروق الإسرائيليّة وتنفيذ الاتفاق، نحنُ كحزبِ الله نتابع ما يحصل ونتصرّفُ بحسبِ تقديرنا للمصلحة”.
ورأى أنّ “فلسطين نقطةُ الارتكاز لتحريرها في هذه المنطقة، لأنَّ إسرائيل المعتدية والمحتلّة لفلسطين تتخذُ من عدوانها على فلسطين نقطة ارتكاز لاحتلال المنطقة بأسرها، فخيرٌ لنا أن نواجه هذه الغدّة السرطانيّة مجتمعين من أجلِ منعها من التوسُّع من ناحية، ومن أجلِ إبطال احتلالها من ناحية أخرى، كلاًّ بحسبِ إمكاناته وظروفه وواقعه من أن نتفرَّج وتأكلنا إسرائيل واحداً تلوَ الآخر”.
وأكّدَ َ أنَّ “شرعيّة المقاومة تأخذُها من إيمانها بقضيّتها مهما كانت الإمكانات”، موضحاً أنَّ “هذه المقاومة تربحُ بالنقاط”.
وشدّدَ على أنَّ “مقاومة حزب الله مستمرّة إيماناً وإعداداً، والتضحيات تزيدُنا مسؤوليّة في مواجهة هذا العدوّ التوسّعي”، مشيراً إلى أنَّ “لكلِّ مرحلة طرقها وأساليبها، ويعني أنّه ليس للمقاومة دائماً شكلٌ واحدٌ من المواجَهة”.
واعتبرَ أنَّ “كلَّ اللبنانيين الذين آووا والذين ساندوا والذين تمنّوا نصرَ المقاومة والذين اعترضوا على إسرائيل، هؤلاء كلّهم شركاء في عمليّة النصر، لأنّهم آزروا المقاومة ووقفوا إلى جانبها ومعها” وقال “لو لم يكن هذا الصمود من المقاومين على الجبهة لوصَلت إسرائيل إلى بيروت وبدأت الخطوات التالية: ومنها التوطين والاستيطان في جنوب لبنان، وإضعاف قدرة لبنان والتحكُّم بسياساته ومستقبله”.
وسألَ “ألم تروا ما حصل في سورية؟ هم دمَّروا كلّ الإمكانات الخاصّة بالجيش السوريّ تحت عنوان الدفاع المسبَق، تحت عنوان الخوف من المستقبل، تحت عناوين مختلفة وأميركا تغطيهم بشكلٍ مباشر هذا دليل على القرار التوسُّعي، هم يريدون إعدام كلّ المنطقة ولو صحّ لهم وأيُّ ساعة يصحّ لهم بالبلدان العربية الأخرى واحدة تلوَ الأخرى، أنا لن أسميها الآن لفعلوا الأمرَ نفسَه، يضعون عينهم على كلّ الدول العربيّة المحيطة أولاً، والتي بعدها ثانياً. هذا يعني أنَّنا أمامَ عدوّ توسعيّ خطير (…) إذاً نحنُ يجب أن نستمرَّ بالمقاومة، نعم المقاومة مع شعبها وجيشها منعته في لبنان من تحقيق أهدافه التوسعيّة”.
وأضاف “الخلاصة، حزبُ الله قويّ ويتعافى من جراحاته، حزب الله مستمرّ والمقاومة مستمرّة ولبنان بعناصر قوّته مستمرّ، لبنان قويّ بجيشه وشعبه ومقاومته في عدمِ السماح للفتنة أن تسري في بنية هذا الثلاثيّ وفي بنية لبنان، من كان يأملُ بانتهاءِ حزبِ الله خابَ أمله ومن اعتمدَ على إسرائيل لترجيحِ قوّته السياسيّة على الآخرين فاشل في قراءته وخياراته، ومن يرى أن حزبَ الله قوّة فاعلة ومؤثِّرة في الحياة السياسيّة، فسيرى منّا ترحيباً وتعاوناً لمصلحةِ نهضة لبنان القويّ والمستقرّ سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً، لبنان ينهضُ بجميعِ أبنائه ومكوِّناته”.
وعن برنامجِ عمل حزبِ الله في المرحلة المقبلة أوضح قاسم أنَّ “برنامج العمل الذي سنعملُ عليه ونكون شركاء أساسيين في بناء الدولة، أولاً: تنفيذُ الاتفاق في جنوب نهر الليطاني، ثانياً: إعادةُ الإعمارِ بمساعدةِ الدولة المسؤولة عن الإعمار والتعاون مع كلّ الدول والمنظَّمات والأشقّاء والأصدقاء الذين يرغبون في مساعدةِ لبنان على الإعمار، ثالثاً: العملُ الجاد لانتخابِ الرئيس في 9 كانون الثاني لتنطلقَ عجلةُ الدولة، رابعاً: المشاركة من خلال الدولة ببرنامج إنقاذيّ إصلاحيّ اقتصاديّ اجتماعيّ، مبنيّ على المواطنة والمساواة تحت سقف القانون واتفاق الطائف، وفي مواجهة الفساد ومحاسبة المفسدين، خامساً: الحوار الإيجابيّ حول القضايا الإشكاليّة”.
وأشارَ إلى “أنَّنا نريدُ أن نتحاورَ حتّى نوحّد وجهة نظرنا كيف نواجه الاحتلال ونحرِّر الأرضَ ولا نتعايشُ مع استمرارِ الإحتلال، كيف نقوي الجيش اللبناني ليكون دعامة حماية لبنان؟ ما هي استراتيجيّة لبنان الدفاعيّة للاستفادة من المقاومة والشعب سنداً للتحرير، هذه أسئلة وغيرُها تحتاجُ إلى حوارٍ بين اللبنانيين”.
وفي ما يتعلّقُ بالمستجدّات على الساحة السوريّة، قال قاسم “لا يمكننا الحكم على القوى الجديدة في سورية إلاّ عندما تستقرُّ وتتخذ مواقف واضحة وينتظم وضعها”، متمنياً “التعاون بين الشعبين والحكومتين في سورية ولبنان، وأن تعتبرَ هذه الجهة الحاكمة الجديدة في سورية أنَّ إسرائيل عدوّ”.
ولفتَ إلى أنَّ “حزبَ الله خسرَ في هذه المرحلة طريق الإمداد العسكريّ، لكن هذا تفصيل إذ يُمكن أن نبحثَ عن طرق أخرى”، مُضيفاً “من المهمّ أن نجريِ قراءةً بعدَ هذا التطوّر الكبير في المنطقة، وإن شاءَ اللهُ، تكون النتائج إيجابيّة”.