أولى

«وعد والتزام»… خلايا نحل وإنجازات سريعة

 

 أحمد بهجة

 

من المعروف أنّ الوضع الاقتصادي في لبنان يمرّ بأزمة بنيوية كبيرة منذ سنوات عديدة، والأزمة كانت تكمُن في مراحل معينة خلف فقاعات نموّ سرعان ما يتبيّن أنها مجرد بهلوانيات مالية ومضاربات عقارية لا علاقة لها بالأسُس الحقيقية للنمو الذي يجب أن يرتكز إلى الاقتصاد الحقيقي بعيداً عن الأوهام والزعبرات والفساد.
انفجرت الأمور في تشرين الأول 2019 وانكشف المستور ولم يعد ممكناً الاختباء خلف الأصابع، حيث ظهرت الحقائق واضحة أمام الجميع، رغم أنّ البعض بقيَ يكابر وينكر الوقائع، لأنّ هذا البعض لا يريد أن يتحمّل المسؤولية، ويعترف بأنّ الأسباب الرئيسية لكلّ ذلك هي السياسات الخاطئة المعتمَدة منذ ثلاثة عقود وأكثر، إضافة إلى الفساد الذي استشرى بشكل كبير في مفاصل الدولة، لا سيما في القطاعات المالية والمصرفية.
وقبل الحديث عن مساعدات خارجية يحتاجها لبنان للنهوض من هذه الهوة السحيقة التي وصل إليها اقتصاده، هناك ما يجب علينا نحن القيام به… بالدرجة الأولى علينا الاعتراف بالمشكة، لأنّ الطبيب يشخّص المرض ثم يعطي المريض الدواء اللازم، وهذا بالضبط ما تمّ فعله في حكومة الرئيس البروفيسور حسان دياب، والتي أقرّت في آخر نيسان 2020 خطة للتعافي الاقتصادي ثم أتبعتها بخطط عديدة تفصيلية لقطاعات الزراعة والصناعة والسياحة، وهي فعلياً قطاعات الاقتصاد الحقيقي التي لا بدّ من التركيز عليها في أيّ مسعى للنهوض بالبلد.
لكن رموز السلطة التي أوصلت البلد إلى الأزمة واجهوا خطة الحكومة وأفشلوها بالتعاون مع حاكم مصرف لبنان يومها رياض سلامة الذي يُعدّ مسؤولاً بشكل أساسي عن الأزمة المالية الخانقة في البلد التي أضاعت على اللبنانيين أموالهم وجنى أعمارهم ومدّخراتهم في المصارف.
كانت خطة التعافي تلك هي المحاولة الجدية الوحيدة للإنقاذ، وما عدا ذلك لم يلمس اللبنانيون أيّ عمل أو قرار أو توجه واضح لدى السلطات، بما في ذلك التفاهم مع صندوق النقد الدولي الذي لا يشكلّ حلاً لوحده لكن كان يمكن للتفاهم لو تمّ وبدأ تنفيذه أن يعطي بعض الثقة في الاقتصاد… والكلّ يعرف أنّ الثقة هي أساس بناء أيّ اقتصاد، فكيف بالاقتصاد اللبناني الذي أفقده المسؤولون عنه ثقة الجميع به، مواطنين ومستثمرين محليين وعرب وأجانب ودول ومؤسسات عربية وأجنبية…
اليوم وصلنا إلى هنا… شغور رئاسي، حكومة تصريف أعمال، مجلس نيابي يحاول رئيسه أن يبقيه فاعلاً رغم انّ طبيعة تكوينه بعد الانتخابات الأخيرة جعلته غير منتج إلى حدّ كبير، وهذه الوضعية على رأس مؤسسات الدولة طالت أيضاً مؤسسات رسمية أخرى مثل مصرف لبنان وغيره من المؤسسات والإدارات العامة التي تحتاج إلى ما يشبه النفضة الشاملة لتجديدها وتحديث العمل فيها وجعلها تواكب هذا الزمن المتطور إلى أقصى حدود وعلى كلّ المستويات…
هذا في ما يخص الأزمة الاقتصادية الموجودة والمتراكمة لسنوات سابقة، وتنتظر حلولها التي قد تبصر النور بعد عودة الانتظام إلى عمل مؤسسات الدولة بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة وما إلى ذلك من إجراءات لازمة لإعادة القطار إلى السكة الصحيحة…
أما الحرب الهمجية الأخيرة التي شنّها علينا العدو الصهيوني وما خلفته من دمار وخراب لا مثيل له، فليس هناك حتى اليوم أيّ تقدير فعلي للخسائر، خاصة أنّ العدوان البربري والوحشي لم يبقِ شيئاً إلا واستهدفه… المنازل والأبنية والمستشفيات والمدارس والأسواق التجارية والمؤسسات الاقتصادية والمصانع والأراضي الزراعية والطرقات والبنى التحتية على اختلافها… وفي جولاتنا اليومية المباشرة في مناطق عديدة أو من خلال وسائل الإعلام نكتشف المزيد والمزيد من الخسائر والفظاعات التي ارتكبها العدو ضدّ بلدنا وأرضنا وشعبنا… وهنا لا ننسى طبعاً الخسائر البشرية الكبيرة التي شملت الكثير من الأصدقاء والأحباء والأعزاء وعلى رأسهم سماحة الأمين العام الشهيد الأقدس السيد حسن نصرالله ومعه صفيّه سماحة السيد الشهيد هاشم صفي الدين وكلّ القادة الشهداء بل وكلّ الشهداء، ونخص بالذكر الحبيب الغالي قائد فيلق الإعلام المقاوم الشهيد الحاج محمد عفيف.
لقد أطلق حزب الله حملة إعادة الإعمار»وعد والتزام»، الوعد هو الذي أعلنه سماحة السيد الشهيد حسن نصرالله خلال مرحلة حرب إسناد غزة، وكان الحديث يومها عن إعادة إعمار المنازل والممتلكات والمؤسسات والمدارس واستصلاح الأراضي الزراعية… في قرى وبلدات الحافة الأمنية المتضرّرة بشكل أساسي في تلك الفترة، ثم أتى الالتزام على لسان سماحة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي أكد الالتزام التام بما وعد به السيد بأنّ كلّ شيء سيعود أجمل مما كان.
وهذا ما انطلق بالفعل خلال الأسبوع الماضي حيث يلمس الجميع وفي كلّ المناطق أنّ هناك خلايا نحل تعمل ليل نهار في كلّ المجالات، ولا شكّ أنّ نتيجة العمل ستبدأ بالظهور تباعاً، وهذا ما سوف نعود إليه بالتفصيل وأكثر من مرة في الآتي من الأيام…

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى