نقاط على الحروف

القرار 1701 والرئيس السنيورة

 

ناصر قنديل

 

صرّح الرئيس السابق للحكومة فؤاد السنيورة وهو الرئيس الذي وقع على الموافقة على القرار 1701 والمفاوض الرسمي دستورياً على الاتفاق باعتبار رئيس مجلس النواب نبيه بري يومها واليوم مفاوضاً سياسياً، والموافقة الرسمية تصدر عن الحكومة ممثلة برئيسها، وقال السنيورة إن حزب الله يمهد لموقف ينسف التزامه بالاتفاق كما فعل بعد صدور القرار 1701 مطالباً الرئيس بري بالوفاء بالتزاماته.

طالما أن الرئيس السنيورة يعيدنا الى القرار 1701 ويبني على عدم تطبيقه استنتاجاته الراهنة بتملص حزب الله فيسهل علينا تقييم تجربة الـ 1701 لنعرف مدى الإنصاف والافتراء في كلام السنيورة.

يقول السنيورة عن مواقف حزب الله الراهنة من الخروق الإسرائيلية وعدم التصدي لها، “اللبنانيون الآن ينظرون إلى هذه الأقاويل والأعذار والتبريرات بأنها تعكس عدم الجدية، لأن هناك التزاماً التزم به لبنان ودعني أقول لك مرة ثانية إن هذا القرار – أي القرار 1701 – كان يفترض بحزب الله أن ينفذه منذ أن صدر في العام 2006. صحيح أن إسرائيل عليها أن تنفذه، وهي لم تنفذه ولم تلتزم به”.

هذا الخلط بين التزامات حزب الله والتزامات الاحتلال لخلط الحابل بالنابل، هو الافتراء بعينه وهو ما وصفه السنيورة بالأقاويل والأعذار والتبريرات، لأن القرار لم يذكر التزامات الطرفين بصورة عشوائية بل وضع ترتيباً تسلسلياً لا يغفل عنه مَن يقرأ القرار، فكيف لا يعلمه علم اليقين من فاوض ووافق ووقع على نص انتهى بصدور القرار بموافقة لبنانية رسمية؟

تضمن القرار بنوداً من البند 1 إلى البند 7 لمرحلة أسماها وقف الأعمال الحربية، فدعا في البند 1 الى وقف فوري للأعمال القتالية وهو يقول في الفقرة الثانية “- فور الوقف الكامل للأعمال الحربية، يطلب من الحكومة اللبنانية وقوة الطوارئ الدولية كما هو مأذون لها في الفقرة الحادية عشرة، نشر قواتهما في كل الجنوب، ويطلب من الحكومة الإسرائيلية أن تسحب، تزامناً مع بدء هذا الانتشار وبموازاته، قواتها من جنوب لبنان”. وقد التزم حزب الله بوقف الأعمال القتالية ، وكما دعا القرار إلى نشر الجيش اللبناني واليونيفيل، وقد انتشرا، ودعا في البند والسطر ذاتهما الى انسحاب الاحتلال من الأراضي التي احتلها، موضحاً في الفقرة 4 أنه يكرر تأكيد دعمه الحازم الاحترام الصارم للخط الأزرق، لكن الاحتلال، بمعزل عن المناطق المتنازع عليها قبل حرب تموز 2006 والتي تحدث عنها القرار في الفقرة 10، لم ينسحب الاحتلال من الجزء اللبناني من بلدة الغجر الذي احتله في حرب تموز 2006، ولم يوقف الطلعات الجوية وانتهاك الأجواء اللبنانية، والانتهاكات البحرية للمياه الإقليمية اللبنانية، وكلها يجب وقفها في مرحلة وقف الأعمال الحربية، ولم يبق من موجبات هذه المرحلة شيء على لبنان كدولة ومقاومة فعله ولم يفعله، بينما بقي على الاحتلال الكثير ليفعله ولم يفعل.

يحدّد القرار في الفقرة الثامنة مرحلة ثانية يسمّيها مرحلة وقف إطلاق النار الدائم والحل الدائم لقضايا النزاع فيقول إن مجلس الأمن “يوجّه نداء إلى إسرائيل ولبنان ليدعما وقفاً دائماً لإطلاق النار وحلاً طويل الأمد يستند إلى المبادئ والعناصر التالية: – احترام صارم من الجانبين للخط الأزرق. – اتخاذ إجراءات أمنية تمنع استئناف العمليات الحربية، خصوصاً إقامة منطقة بين الخط الأزرق والليطاني خالية من أي مسلحين أو ممتلكات أو أسلحة غير تلك التي تنشرها في المنطقة الحكومة اللبنانية وقوة الطوارئ الدولية المسموح بها طبقاً للفقرة 11.

يعرف الرئيس السنيورة جيداً أن مطالبة لبنان والمقاومة ضمناً بتنفيذ المرحلة المنصوص عليها في الفقرة الثامنة، لجهة إنشاء منطقة منزوعة السلاح جنوب الليطاني لا تستحق الا بعد إنجاز المرحلة الأولى التي تتضمن إنهاء الأعمال الحربية، والتي لم تنته ليس لأن لبنان لم ينفذ موجباته والاحتلال مثله لم ينفذ، وهذه أقوال وأعذار وتبريرات لتبرئة الاحتلال، بل لأن الاحتلال وحده لم ينفذ موجباته بعدما نفذ لبنان والمقاومة ضمناً كل الموجبات المطلوبة.

إن ما جرى بعد صدور القرار 1701 يتكرر اليوم بصورة مختلفة، حيث المقاومة لم تحرّك ساكناً رغم فظاعة الانتهاكات الإسرائيلية التي وصفتها الحكومة اللبنانية ورئيسها نجيب ميقاتي بتعريض الاتفاق للسقوط، والتي اعترف الممثلان الأميركي والفرنسي في لجنة الإشراف أنها انتهاكات فاضحة للاتفاق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى