اليمن يخرج بملايينه تفويضاً لمواجهة كيان الاحتلال بلا سقوف ولا خطوط حمراء / صاروخ فرط صوتي وطائرة مسيّرة إلى تل أبيب… وغارات عدوانية على اليمن / اليونيفيل والحكومة والجيش والمقاومة: الاحتلال مسؤول عن انتهاك نص الاتفاق
كتب المحرّر السياسيّ
خرجت الملايين اليمنية إلى الساحات والميادين تلبية لنداء قائد حركة أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي، لتعلن تجديد التفويض لقيادة القوات المسلّحة للمضي قدماً بلا تردّد في ردع كيان الاحتلال عن مواصلة الحرب المجرمة على غزة والغارات العدوانية على اليمن، وكانت الشعارات التي تردّدت في التظاهرات، تدعو إلى مواجهة بلا سقوف وبلا خطوط حمراء.
ميدانياً، أعلن الناطق بلسان القوات اليمنيّة العميد يحيى سريع عن عمليتي إطلاق منفصلتين لصاروخ فرط صوتي استهدف مطار بن غوريون، رداً على استهداف مطار صنعاء وطائرة مسيّرة استهدفت هدفاً حيوياً في كيان الاحتلال في منطقة تل أبيب. وكما في كل مرة نزل ملايين المستوطنين إلى الملاجئ، وكان إجماع في وسائل إعلام الكيان التلفزيونية والصحافية من المعلقين والمحللين العسكريين، أن الكيان يدخل في حرب استنزاف مع اليمن، وأن هذه الحرب هي فخّ نصبه اليمن ووقعت فيه حكومة بنيامين نتنياهو. واعتبر المعلقون في القناتين الثانية عشرة والثالثة عشرة، أن فشل الدفاعات الجوية في الكيان بالتعامل مع الصواريخ والطائرات المسيّرة اليمنية يتكرّر لأن اليمن نجح تقنياً بتطوير أسلحة قادرة على تفادي الرادارات وتجاوز صواريخ الدفاعات المختلفة الأنواع، وأن لا جدوى من تكرار التجربة، بينما لا تجدي الغارات على اليمن، سواء في دفع اليمنيين للتراجع أو في شل قدراتهم على مواصلة الاستهداف.
لبنانياً، لا زالت تداعيات التوغل الذي قام به جيش الاحتلال إلى وادي الحجير تطبع المشهد السياسي والإعلامي، بعدما صدرت مواقف من اليونيفيل والحكومة والجيش تحمّل الاحتلال مسؤولية انتهاك نصوص اتفاق وقف إطلاق النار، بينما تحدّث نواب حزب الله عن الانتهاكات وقالوا إن الشعب في جنوب لبنان سوف يمارس حقه في حماية أرضه إذا استمرت الانتهاكات وفشلت اللجنة المشرفة على الاتفاق والرعاة الدوليين للاتفاق بفرض احترامه على الجانب الإسرائيلي.
ووفق جهات سياسية معنية ومطلعة في فريق المقاومة فإن «لا وجود لورقتين لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و»إسرائيل»، بل هناك ورقة واحدة من ثلاثة عشر بنداً وقعت عليها الحكومة اللبنانية بعدما وضع الرئيس نبيه بري وحزب الله الملاحظات على المسودة الأميركيّة. وبالتالي أي حديث عن ورقة ضمانات أميركية لـ»إسرائيل» بحريّة التحرك العسكري في الجنوب أكان خلال فترة الهدنة أو بعدها لا يعنينا، ما يعني أن كل ما يقوم به جيش الاحتلال في الجنوب اليوم يُعدّ انتهاكاً واضحاً وفاضحاً وخطيراً لاتفاق وقف إطلاق النار ولا يمكن السكوت عنه ولن يتحوّل الى أمر واقع أو تفسير عملي لاتفاق وقف النار ولا فرض قواعد اشتباك جديدة بعد انتهاء الهدنة». وشددت الجهات لـ»البناء» على أن «انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب هو جوهر الاتفاق والخطوة الأولى لتطبيق باقي البنود وأي نكث إسرائيلي بهذا البند سيعرّض كل بنود الاتفاق الى الخطر والانهيار وتتحمّل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية وليس لبنان والمقاومة اللذين التزما التزاماً تاماً بالاتفاق»، موضحة أن «الذرائع التي يسوقها الاحتلال بأنه لم ينحسب بسبب الانتشار البطيء للجيش اللبناني، هي ذرائع واهية، فكيف سيستكمل الجيش انتشاره في ظل بقاء قوات الاحتلال الإسرائيلي في مناطق عدة في جنوب الليطاني وتواصل اعتداءها ونسفها للمنازل وتقدمها باتجاه العمق؟».
وأضافت الجهات بأن «حزب الله يراقب التطورات ومجريات الأمور ويفسح المجال لكافة الوسائل الدبلوماسية والقانونية والعسكرية المتاحة للدولة كي تمنع العدو من هذا العدوان، كما ويقف الحزب خلف الدولة والجيش اللبناني بأي خطوة يتخذانها، لكن المقاومة لن تتخلى عن دورها ومسؤولياتها إذا عجزت الدولة ولجنة الإشراف عن ردع العدو». ولفتت الجهات الى أن الحزب قد يمنح مهلة حتى نهاية فترة الهدنة بعد حوالي الأربعة أسابيع وفي حال لم ينسحب الجيش الإسرائيلي من الجنوب وواصل عدوانه فإن المقاومة لن تقف صامتة وسيكون لها تحرك واضح». وبيّنت الجهات أن «همس وغمز بعض الأطراف في مجالسها بأن المقاومة أصبحت ضعيفة وعلى مشارف الانهيار ونزع سلاحها فهي أوهام لا قيمة لها وقد أثبتت الحرب الأخيرة قوة هذه المقاومة التي لا تزال تملك الكثير من السلاح وأوراق القوة التي تمكنها من صد الاعتداءات الإسرائيلية على أهل الجنوب ومنازلهم وممتلكاتهم».
ونفى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في بيان لمكتبه الإعلامي ما يتم تداوله بأن «لبنان تبلّغ بالواسطة أن «إسرائيل» لن تنسحب من الجنوب بعد انقضاء مهلة الستين يوماً من الهدنة». وشدّد على «أن الموقف الثابت الذي أبلغه دولة الرئيس ميقاتي إلى جميع المعنيين، وفي مقدمهم الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وهما راعيتا تفاهم وقف إطلاق النار، ينصَّ على ضرورة الضغط على العدو الإسرائيلي للانسحاب من الأراضي اللبنانية التي توغل فيها، ووقف خروقه وأعماله العدائية. وهذا الموقف كرره دولة الرئيس خلال الاتصالات الديبلوماسية والعسكرية المكثفة التي أجراها من أجل انسحاب العدو من القنطرة وعدشيت والقصير ووادي الحجير في الجنوب، كما أن دولة الرئيس كان أبلغ هذا الموقف إلى ممثلي واشنطن وباريس في اللجنة الأمنية الخماسيّة لوقف النار، خلال الاجتماع في السرايا الثلاثاء الفائت وطالب بوجوب الالتزام الإسرائيلي الكامل بالانسحاب»، مشدداً على أن «الجيش الذي يقوم بواجبه في مناطق انتشاره، باشر تعزيز وجوده في الجنوب طبقاً للتفاهم». ولفت ميقاتي الى أن «الحكومة لم تقصّر في متابعة هذا الملف على كل الصعد السياسية والديبلوماسية والأمنية والاجتماعية منذ اليوم الأول للعدوان الإسرائيلي، وهي وجدت نفسها أمام واقع لا تتحمّل مسؤوليته ولكنها، وحرصاً منها على المصلحة الوطنية، تقوم بواجبها بكل عزم ومثابرة من دون التوقف عند الاتهامات والمزايدات التي لا طائل منها».
وعلمت «البناء» أن الولايات المتحدة الأميركية عبر مبعوث الرئيس الأميركي عاموس هوكشتاين ورئيس لجنة الإشراف الدولية في لبنان، مارسا ضغوطاً على الحكومة الإسرائيلية للانسحاب من وادي الحجير والقنطرة إضافة الى تبلغ اللجنة احتمال قيام ردات فعل شعبية عفوية مسلحة ضد وحدات الجيش الإسرائيلي خلال انتقالها بين القرى الأودية.
كما أفادت معلومات لـ»البناء» بأن الجيش الإسرائيلي سيستغل كامل فترة الهدنة وفق نص البند الذي يتحدّث عن «انسحاب كامل للقوات الاسرائيلية خلال 60 يوماً»، لاستكمال تنفيذ بنك أهدافه الأمني والعسكري ولاستعراض القوة ونقل صورة الى الداخل الاسرائيلي توحي بأن الجيش يسيطر على الجبهة الجنوبية ويفرض معادلة عسكرية وأمنية جديدة وبالتالي حقق أهداف الحرب». ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن رئيس بعثة اليونيفيل، أن «بلدة الخيام هي الوحيدة التي أخلتها «إسرائيل» وانتشر فيها الجيش اللبناني» معرباً عن قلقه «من استمرار إطلاق النار والهدم من القوات الإسرائيلية حول الناقورة».
وكان العدو الإسرائيلي واصل عدوانه على الجنوب والبقاع حيث شنّ الطيران الحربي الإسرائيلي غارات متتالية على جرود قوسايا في البقاع استهدفت 3 مواقع. وسُمع دوي انفجار قوي في السلسلة الشرقية بقاعاً تزامناً مع تحليق للطيران الحربي الإسرائيلي على علوّ منخفض. والاستهداف هو الثاني منذ بدء سريان وقف إطلاق النار في 27 تشرين الثاني الماضي في لبنان، إذ شنت طائرات العدو غارة على سهل بلدة طاريا، غرب مدينة بعلبك فجر يوم الأربعاء.
وقصفت قوات الاحتلال أطراف بلدة عيتا الشعب بعدد من القذائف. وأفيد عن «فقدان الاتصال بالعاملين السوريين طاهر ريمي وأحمد أمين من وادي الحجير بعد انسحاب جيش الاحتلال منه والتحقيقات الأمنية تشير الى فرضية احتمال اختطافهما أثناء التوغل الإسرائيلي». وأفيد لاحقاً أن دورية مشتركة من الجيش اللبناني والوحدة الإندونيسيّة في اليونيفيل كشفت على مواقع توغل القوات الإسرائيلية في وادي الحجير والقنطرة وعدشيت القصير ووصلت حتى أطراف وادي السلوقي باتجاه حولا، مزيلةً السواتر الترابية التي وضعتها في بعض الطرقات الفرعية، قبل أن تغادر بعد التثبت من انسحاب القوات الاسرائيلية. كما أشارت اليونيفيل الى إزالة حاجز على الطريق بين بلدتي شمع وطير حرفا ما أعاد فتحها أمام جنود حفظ السلام ومركبات الإغاثة والسكان المحليين.
رأى عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله أن «العدو «الإسرائيلي» يحاول بعد وقف إطلاق النار أن يستغلّ الفرصة وأن ينفّذ بعض مخططاته في القرى الأماميّة من خلال التدمير والتجريف والاعتداءات، وهناك مسؤوليّات اليوم تقع على عاتق الدولة اللبنانيّة وعلى لجنة المراقبة واليونيفيل والجيش اللبناني وعلى الدول التي رعت هذا الاتفاق».
وأضاف في كلمة له باحتفال تأبيني في الجنوب: «نحن نتابع هذا الموضوع يوميًا مع الجهات المعنيّة، ولكن نحن أهل الجنوب والمقاومة والضاحية والبقاع وبيئة المقاومة، لم نكن في أيّ يوم من الأيام بحاجة إلى دليل أن هذه المقاومة ضرورة وطنية، وأنها هي التي تحمي ضمن معادلة الجيش والشعب والمقاومة، ولكن هذا النموذج الذي نراه اليوم، كُنا نراه قبل زمن المقاومة، وهذا بوجه كل أولئك الذين كانوا يطالبون بأن نترك الأمر للمجتمع الدولي وللقرارات الدولية وللدولة اللبنانية، وأن مَن يحمي ليس المقاومة وليس السلاح، وإنما هذه المظلة الدوليّة»، لافتًا إلى «أننا لم نرَ خلال فترة الـ30 يومًا التي مضت أيّ شيء من هذه الحماية».
وشدّد فضل الله على «أننا نتابع فترة الـ60 يومًا مع الجهات المعنية من الحكومة ومؤسسات الدولة المعنية، والمقاومة تعتبر نفسها معنية بما يحصل، وما تفكر أو ما يمكن أن تقوم به أو ما هي الخطوات المطلوبة منها، فهذا شأن يتعلّق بها وبقيادتها، وهو ليس موضوعًا إعلاميًا أو للتداول الإعلامي»، وأضاف «لكن جميعنا معنيّون بأن نمارس الضغوط المطلوبة على المستوى السياسي، كي تقوم الجهات المسؤولة بدورها، فهناك خطوات يُعمَل بها، ويجب أن تستكمل بالطريقة التي تؤدي إلى احترام هذا الاتفاق».
أمنياً، أفيد أنّ القضاء اللبناني أمر بتوقيف زوجة وابنة دريد رفعت الأسد بعدما تبيّن أنّهما تحملان جوازات سفر مزوّرة وهما موقوفتان لدى الأمن العام اللبنانيّ. وتمت إحالتهما إلى النيابة العامة التمييزية التي اتخذت قرار التوقيف، مُبيناً أن الزوجة والابنة كانتا برفقة نجل رفعت الأسد الذي يحمل جواز سفر سورياً أصيلاً، وكانوا متوجهين عبر المطار إلى القاهرة.
وفي سياق ذلك، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي- شعبة العلاقات العامّة، أنّ «في إطار مكافحة عمليّات تهريب الأشخاص من سورية إلى لبنان، وعند منتصف ليل 27 الحالي، تمكّنت فصيلة جبيل في وحدة الدّرك الإقليمي، بالتّنسيق مع بلديّة البربارة، من توقيف شاحنة مشبوهة».
رئاسياً، لفتت أوساط نيابية لـ»البناء» الى أن المشاورات ستتزخم بعد عطلة الأعياد مطلع العام الجديد للتوصل الى توافق قبل جلسة 9 كانون، موضحة أنه من غير المؤكد أن تكون الجلسة المقبلة حاسمة بانتخاب الرئيس وربما يحتاج الأمر الى جلسات متعدّدة على مدى أيام وربما أكثر. لكن لا اتفاق وفق الأوساط حتى الآن على مرشح ولا على 3 مرشحين بانتظار حصيلة المشاورات الداخلية – الخارجية التي تشارك فيها اللجنة الخماسية التي لم تتوافق على مرشح موحّد أيضاً في ظل تضارب في مقاربات أعضاء اللجنة من الملف الرئاسيّ ومن المرشحين المطروحين. فيما علمت «البناء» من مصادر موثوقة أن الثنائي حزب الله وحركة أمل أبلغا مرجعيات نيابية وسياسية وروحية معنية بالشأن الرئاسي أن مرشحهما للرئاسة لا يزال الوزير السابق سليمان فرنجية مع الانفتاح على خيارات أخرى إذا كانت واقعية وقابلة للتطبيق. واستقبل الرئيس بري المرشح الرئاسي والخبير الدولي للشؤون المصرفية سمير عساف حيث جرى عرض للتطورات الراهنة والمستجدات السياسية لا سيما الاستحقاق الرئاسي.
على الضفة المالية، أصدر حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري بياناً أعلن فيه «الطلب إلى المصارف تسديد مبلغ يساوي دفعتَين شهريّتين خلال شهر كانون الثاني 2025 لجميع المستفيدين من التعميمَين الأساسيَين الرقم 158 و166، على أن يستمرّ العمل بأحكام التعميمَين المذكورين في شهر شباط بشكل طبيعيّ».