حين يحيا الشهداء… بالإعمار والبناء
أحمد بهجة
المفروض أنّ هناك فرقاً كبيراً بين المساعدات التي كان ينتظرها لبنان من أشقائه العرب وأصدقائه الأجانب من أجل إنقاذه من الأزمة الاقتصادية الخانقة التي يعانيها منذ زمن، وبين المساعدات الطارئة التي يحتاجها اليوم، للملمة جراحه ورفع الأنقاض من المدن والقرى والبلدات في الجنوب والبقاع والضاحية، وإصلاح ما تضرّر من البنى التحتية على اختلافها… الطرقات والكهرباء والمياه والاتصالات، ثم المساعدة على إعادة إعمار وبناء ما تهدّم من منازل وأبنية سكنية ومدارس ومستشفيات ومؤسسات تجارية وصناعية وزراعية وسياحية و غير ذلك…
بالفعل بدأت أكثر من جهة بتقديم المساعدات وفي مقدّمتها طبعاً مؤسسات حزب الله، (التزاماً بما أعلنه سماحة الأمين العام الشيخ نعيم قاسم تنفيذاً للوعد الذي أطلقه سماحة الأمين العام السابق الشهيد الأسمى السيد حسن نصرالله)، حيث بدأ المواطنون الذين تضرّرت بيوتهم يحصلون على الدفعات الأولى للإيواء والأثاث كمرحلة أولى ريثما يتمّ إنجاز بناء المساكن والأبنية…
كما تحرّك مجلس الجنوب كجهة رسمية مسؤولة في نطاقه، أيّ في محافظتي الجنوب والنبطية وقضاءي البقاع الغربي وراشيا، وبدأت فرقه تعدّ الإحصاءات اللازمة لاتخاذ القرار بحجم المساعدات التي يمكنه أن يقدّمها.
كذلك لم تتأخر وزارة الأشغال العامة والنقل عن القيام بواجبها على هذا الصعيد، حيث يقوم وزيرها النشيط الدكتور علي حمية بجهود كبيرة على صعيد استصلاح الطرقات المتضرّرة في أكثر من منطقة، والقيام أيضاً بالتعاون مع هيئة الشراء العام بإنجاز دفاتر الشروط للمباشرة بتلزيم عملية رفع الأنقاض من الضاحية الجنوبية، وهنا يجب أن نذكر أيضاً الدور الأساسي لاتحاد بلديات الضاحية الذي يبذل رئيسه وأعضاؤه ما يستطيعون للمساعدة في إنجاز هذا العمل.
وما يجب ذكره هنا هو أنّ ما أطلقه حزب الله من «وعد والتزام» إنما يتمّ بمساعدة الجمهورية الإسلامية التي أعلنت على لسان مسؤوليها وأوّلهم سماحة القائد الإمام الخامنئي، أن إيران مستعدة أن تأخذ على عاتقها كلّ ما تحتاجه عملية الإعمار والبناء، وطبعاً فإنّ أيّ مساعدة أخرى في هذا المجال مُرحّب بها من الأشقاء العرب والأصدقاء في العالم، وهذا ما تسعى إليه الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي بالتعاون والتنسيق بشكل دائم مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري.
بالعودة إلى تفاصيل موضوع إعادة إعمار وبناء ما تهدّم أو ترميم ما تضرّر من أبنية ومنازل في مختلف المناطق، فقد أنجزت مؤسسة «جهاد البناء» أكثر من 60% من عمليات المسح والكشف على الأبنية المتضرّرة كما قال المدير المركزي للترميم في لبنان حسين خير الدين في تصريحات صحافية عدة.
وتظهر الإحصاءات أنّ حجم الأضرار الناجمة عن العدوان الصهيوني على لبنان هذا العام يفوق بمرتين ونصف مرة حجم الأضرار التي خلّفها عدوان تموز ـ آب 2006.
وبلغة الأرقام فقد أسفر عدوان تموز ـ آب 2006 عن تضرّر 127 ألف وحدة سكنية، مع دمار كلي لـ 17,500 وحدة، بينما انتهى عدوان 2024 على 317,500 وحدة متضررة، ودمار كامل لـ 43,750 وحدة على مستوى لبنان. أما حصّة الضاحية الجنوبية من مجمل الأضرار فقد بلغت 300 وحدة مهدّمة و300 وحدة متصدّعة (احتمال هدم 100 منها) ونحو 2000 وحدة متضرّرة.
وتشمل عملية إعادة الإعمار والبناء أيضاً المؤسسات والمحال الصناعية والتجارية التي كانت قائمة ضمن المباني المتضرّرة.
وإضافة إلى ذلك يتمّ إعداد لوائح بالأضرار الاقتصادية مثل: ألواح وبطاريات الطاقة الشمسية، السيارات المتضرّرة، الأضرار الزراعية وضمناً المواشي، تمهيداً لدراسة مسألة التعويض عنها في وقت لاحق.
طبعاً الأضرار المادية كبيرة جداً، لكنها لا شيء أمام التضحيات الغالية والنفيسة التي قدّمها رجال الله في الميدان، الذين تحقق على أيديهم هذا النصر الكبير، وارتقى منهم شهداء أبرار أوّلهم الشهيد الأقدس سماحة السيد حسن نصرالله ومعه صفيُّه سماحة السيد الشهيد هاشم صفي الدين وكوكبة القادة الشهداء، ونخص بالذكر الحبيب الغالي القائد الإعلامي الشهيد محمد عفيف الذي يبقى طيفُه حاضراً بيننا في كلّ اللقاءات والمناسبات التي كان عرّابها وقائدها…