التكليف فقد وهجه
بدلاً من أن يكون الخبر هو الاستشارات النيابية التي يجريها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نواف سلام، صار الخبر مقاطعة كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة للاستشارات النيابية.
بدلاً من أن يكون السؤال عن موعد تشكيل الحكومة وطبيعتها وما سيحمله بيانها الوزاري، صار السؤال هل سيقبل الثنائي بالمشاركة بالحكومة، وكيف سوف تكون صورتها وقدرتها على الإقلاع ما لم يشارك الثنائي؟
الرئيس المكلف نواف سلام شخصية علمية وقانونية عالمية وله سجل مشرّف ثقافياً وحقوقياً ودبلوماسياً، ولم يكن يستحق هذا العقاب بإحباط فرحة وصوله إلى رئاسة الحكومة، على يد الذين يدّعون أنهم فعلوا ما فعلوا حباً به وتعبيراً عن إيمانهم بأنه رجل المرحلة، فأصرّوا على جعله عنوان انقسام لا عنوان وحدة، ولم يكلف أحد منهم أو من رعاتهم الاتصال بجميع المعنيين بالتسمية لقول جملة واحدة، تغيّر الاسم لكن الاتفاق قائم، بل أصرّوا على فعل ذلك خلسة كأنها رذيلة يرتكبونها وليست فعلاً مشرفاً يتباهون به أمام الآخرين. والأرجح أن حقدهم أعمى بصيرتهم وأبصارهم، فلم يعد لديهم إلا الاحتماء باسمه ليجعلوا منه متراساً لإطلاق نيران شتائمهم وتهديداتهم على مَن يفترض أنهم شركاؤهم في الوطن، الذين تحتاجهم حكومة الرئيس سلام لتقلع إقلاعاً صحيحاً يفتح صفحة جديدة في حياة الوطن.
لو كان الذي يحتمون باسم الرئيس المكلف للحديث لخوض حروب تصفية الحساب مع المقاومة أقوياء كما يزعمون، كانوا حرّروا اسم الرئيس المكلف من أعباء حروبهم وخاضوها بما لديهم هم، لكنهم يعرفون أنهم أضعف من فعل ذلك فحوّلوا العمل الوطني الذي يحتاج إلى بناء الجسور إلى خندق حروب زواريب.
من يريد حكومة لتطبيق القرار 1559 لا القرار 1701 عليه أن يقرأ جيداً اتفاق وقف إطلاق النار وتصريحات الجانب الأميركي والجانب الإسرائيليّ عن مضمون الاتفاق، وما جرى في اتفاق غزة يؤكد أن ما جرى في اتفاق لبنان هروب إسرائيليّ من الحرب، وتطبيق الـ 1701 يحتاج حكومة توافق في لبنان، بينما تطبيق القرار 1559 يحتاج حرباً أخرى، أما احتكار الدولة للسلاح فأكيد أنه مشروط بواجب إثبات القدرة على ردّ العدوان. وما جرى حتى الآن خلال تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار يقول إن الدولة ليست قادرة بعد، وإن المرجعية الدولية عاجزة عن منع العدوان، وإن مناقشة استراتيجية دفاعية مطلب لبنانيّ جامع يتقرّر على طاولة الحوار حولها عندما ينعقد، وما يتوافق عليه اللبنانيّون يشكّل مصدر اطمئنان للجنوبيين المعنيّ الأول بعائدات ردّ العدوان وردعه، وهم لم يجدوا ما يطمئنهم بعد في ظل سطوة الاحتلال وعجز الجيش واليونيفيل واللجنة الدولية للإشراف على الاتفاق في ضبط وردع العدو والعدوان.
الرئيس نواف سلام يستحق أن يهدي نفسه تعويضاً عن الذي ألحقه بصورته وحكومته ومسيرته أدعياء الحب والحرص والإعجاب، والهدية حوار هادئ مع قيادة المقاومة ممثلة بالثنائي حول خريطة طريق للمرحلة المقبلة عنوانها حكومة الـ 1701 لا حكومة الـ 1559.